الشاب في بداية حياته الزوجية يبحث ويتفحص ويقلب ويستشير ويستخير، ثم يقدم على مشروع زواجه ويختار زوجته بنفسه حسب شروطه وطلباته ووفق مرئياته ووجهة نظره، ويتحقق حلمه وأمنياته فيشعر بنعمة الزواج ولذة العشرة الزوجية، وتستقر حياته بجانب شريكة حياته وتسير وتيرتها مثل غيره، ويرزقه الله الذرية الصالحة بنين وبنات، ويكبرون وتزداد مطالبهم المهمة والضرورية ومنها مطلب الزواج، فيزوج الذكور ويتعمد تأخير زواج الإناث، فيقف حجرّ عثرةٍ في طريق إحدى بناته بسبب حياة الوحدة ومغادرة جميع الأبناء لسلطة والدهم وحاجته وزوجته لمن يخدمهما، فتتقدم السنوات والعمر بتلك البنت حتى تصل شواطئ العنوسة، وقد يحتفظ بالموظفة كونها تمثل له دخلاً ثابتاً لمطالبه ومطالب بيته فيمتصها ويمتص شبابها وحقوقها وعمرها، ويزداد تمسكه وإصراره ورفضه وعثرته في حال وجود أكثر من موظفة، فيجمع المال وينهمك في كثرة تعدد الزوجات من عرق جبين بناته الموظفات، ويستمتع بباقي سنوات عمره حتى يخطفه هادم اللذات ومفرق الجماعات بعد أن ترك بصمة سيئة في نفوس بناته العانسات المكلومات، وتكون تلك البنت العانس قد دخلت بشكل فعلي في سن العنوسة فيتجنبها أغلب الرجال ويخاف منها جميع الشباب وقد تقع فريسة سهلة لمطالب بقية إخوتها المادية والمالية، وقد تجرب حظوظها وتحاول تعويض ما فاتها فتتزوج شيخاً طاعناً في السن تكتشف منذ بداية أيامها الأولى معه مقاصده وهدفه المادي البحت وعدم قدرته على إشباع رغباتها العاطفية والجنسية، فتهرب من بين عصمة يده وترتضي حياة المجهول والعذاب لتعيش باقي أيامها عانسة مشردة وحيدة كسيرة كسابق عهدها!. كل فتاة وكل بنت وكل امرأة لها الحق الكامل التام في الزواج مهما كانت الظروف ومهما كانت الأسباب ومهما كانت العقبات والذرائع ومهما كانت الحجج والمبررات ومهما كانت المقاصد والأهداف، فهي كائنة ومخلوقة بشرية لها مطالبها ولها حاجاتها ولها عواطفها ولها مقاصدها وطموحاتها في هذه الحياة، تفكر في الحاضر وتفكر في المستقبل وتفكر في تكوين أسرتها وفي الإنجاب وفي العشرة الزوجية وفي العلاقة المشروعة وتفكر في السعادة وسماع كلمة «ماما» وتشعر بقيمتها كأنثى لها واجبات وعليها حقوق. إذاً الأنثى جزء مهم من مكونات المجتمع وهي نصف الرجل وكذلك كل السعادة، وهي ملح ولذة هذه الحياة، وهي الأم الحنون والزوجة المحبة والأخت الطاهرة والبنت العطوف، وهي كذلك القريبة والبعيدة والمواطنة والمعلمة والطبيبة والممرضة، فيجب أن تأخذ حقوقها كاملة مكملة وفق ما كفله لها الدين الحنيف.