جميل أن نحلم، وأجمل من الحلم أن نعيش واقعنا ونتأمل ما يلزم لتحسينه، فنحن نقفز بأحلامنا فوق الضروريات، حين نضع قيادة المرأة للسيارة كأول بند على قائمة متطلباتنا الحياتية! متجاوزين الاحتياجات الملحة لآدميتنا «من الجنسين» التي نجدها ضمن اهتمامات المعنيين بالبنية التحتية وخطط التنمية والتطوير، التي تستهدف –المواطن- الإنسان، بوصفه الركيزة الأساسية واللبنة الأولى وأهم أهداف ما تحقق وما هو تحت التنفيذ «والمتعثر» من المشاريع التنموية والاستراتيجية في كل أرجاء وطننا الغالي! نحن يا من تشتغلون بحجوزات السفر وفنادق الخمس نجوم، لقضاء حاجاتكم بعيداً عن همومنا التي ترونها صغيرة، وقد لا ترونها من مواقعكم! مازلنا نفتش عن دورات مياه نلجأ إليها إن حلَّت بأحدنا ظروف تشبه ظروف البشر في كل مكان على وجه البسيطة! وأعني حاجتنا إلى «قضاء الحاجة» أو التبوّل أثناء وجودنا في الميادين العامة والشوارع والأسواق والأماكن العامة، في معظم مدننا السعودية الكبرى وما دونها! هذه الحاجة التي لها أهميتها عند الناس بالتساوي، نجدها تتعاظم عند المصابين بالسكري وعند النساء والأطفال! ولنا أن نتصور وضع هذه الشرائح الاجتماعية في أماكن وظروف مشابهة «محرجة» لا تتوفر فيها دورات مياه عامة مجانية، ولا خاصة بأجر! غريب أمر من يتولون مسؤولية تخطيط وتطوير مدننا، وينسون أو يتناسون أنها آهلة بسكانها، وشوارعها تعج بالمارة وميادينها وأسواقها عامرة بأفواج من بني آدم! ألم يدر بخلد واضعي الخطط التطويرية، أن على خارطتهم أناساً ينعمون بالمأكل والمشرب الهانئ؟ وبالتالي فالإنسان عرضة لأي طارئ يحوجه إلى مكان مخصص لقضاء حاجته، بما يحفظ عليه ستره وكرامته ويحترم طبيعته وإنسانيته؟! ركلة ترجيح عندما شعر الرجل بحاجة ماسّة لقضاء الحاجة أثناء تجواله بين متاجر على شارع رئيسي يعج بالناس، تلفت في كل الاتجاهات بحثاً عن دورة مياه فلم يجد! فما كان أمامه من حل سوى التوجه سريعاً لجهة معتمة بشارع فرعي! وما إن اختار موقعاً مناسباً لغرضه بين عدد من السيارات المتوقفة هناك، وإذا بأحدهم قد وقف خلفه وكتفه بغلظة وهو يصيح بأعلى صوته «يا شباب الحارة.. أبشركم لقد وقع الحرامي أخيراً.. هذا من يشلّح سياراتكم!