جمعان الغامدي أعظم ما يكون على الإنسان مخاطبة عزيز فارق الحياة، ولكن بسبب العشرة والوفاء للحب أردت إيضاح ما يدور في نفسي من الحسرة والألم على فقد أم عبدالعزيز. ولهذا؛ فإنَّ ألم النفس والفؤاد يظهر بفقد الحبيب بعد التآلف والحب والعِشرة لثلاثة عقود، فلا الدمع يكفكف ألم الرحيل ولا الأوجاع في الأعماق تخفف لوعة الفقد والفراق، ولي من بعدكم انتظار قد يطول وقد يقصر.وذرفت الدموع في الوداع، وشيَّعناك لمثواك الأخير، وأنا لا أكاد أصدق أنني لن أراك بعد اليوم، أنا لا أبكيك لأنكِ رحلتِ، بل أبكي نفسي لأنكِ تركتني وحدي، وليس باستطاعتي رؤيتك بعد اليوم في الدنيا، ولقد أثارت فاجعة رحيلك ومفاجأتها كالغُصَّة في الحلق، وحسرة على سنين الرفقة الجميلة، لا أستطيع وصف ما يختلج في نفسي من فراقك يا أم عبدالعزيز! لقد وقع المصاب المفاجئ كالصاعقة. ولقد ذرفت من الدموع أغزرها، ومن العبرات أشجاها، ومن الهموم أشدها خطباً وأفظعها إيلاماً وأعمقها جُرحاً، هذه حال الدنيا، إن افرحت قليلاً أحزنت دهوراً، وأنا أعرف أنَّ الموت مصير كل حي، ونهاية كل شيء، وقد سمَّاه الله عز وجل «مصيبة».ففقدك أمر جلل لا يُحتمل؛ فالقلب يعتصره الألم والعيون دامعة كلَّ ما أذكرك أو يذكِّرني أحد بك، عشت معك أكثرَ من ثلاثة عقود من الفرح والسرور. إنَّ فراقك يا أم عبدالعزيز أوجد جرحاً في قلبي لا يندمل، وإنَّ حزني على فراقك باقٍ، ولكنني أهتدي بالقرآن الكريم الذي يربِّي النفس على الصبر والتأسِّي بسيد الخلق محمد صلى الله عليه و سلم، و ما أراده الله حصل، ولا رادَّ لأمر الله، وليس لي من خيار سوى الصبر والرضا، والحمد لله على قضائه وقدره، الله يرحمك يا أم عبدالعزيز، ويسكنك فسيح جناته، وأن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة. اللهم إنني آمنتُ ورضيت بقضائك، وأحتسب عندك أجر الصبر على المصيبة والرضا بالقدر، اللهم اجبر مصيبتي واخلف لي خيراً. وإني أتمثل أبيات الرثاء الآتية فهي تنطبق على حالتي ومنها: النَّاسُ كلُّهمُ لِفَقْدِكَ واحدٌ في كلِّ بيتٍ رنَّةٌ وزفيرُ فلم أرَ إلا قبلَ فقدِك ضاحكاً ولم أرَ إلا بعد فقدك باكياً وقبرت وجهك وانصرفت مودعاً بأبي وأمي وجهُك المَقبورُ لمثل هذا يذوبُ القلبِ من كمدٍ إنْ كانَ في القَلبِ إِسلامٌ وإيمانُ لولا الحياءُ لهَاجَنِي استعبارُ وَلَزُرْتُ قَبرَك والحبيبُ يُزَارُ