أصعب ما يكون على الإنسان أن يخاطب عزيزاً فارق الحياة.. ولكن وفاء لحب سالف.. وتعبيراً عن شعور كريم.. أسطر هذه الكلمات رغم ما في النفس من الحسرة والألم على فقدك يا أبا فراس.. إن ما يؤلم النفس ويمزق جدار الفؤاد ويفتت حنايا الروح فقدان الأعزة والأحباب بعد ألفة ومحبة.. واجتماع وعشرة مشتركة، فكم عليهم سالت العبرات وزادت الآهات وزاغت النظرات. تعجز الكلمات عن وصف ما يختلج أنفسنا بفراقك يا أبا فراس، لقد وقع مصابك عليَّ مثل الصاعقة وسكبت على فراقك من الدموع أغزرها.. ومن العبرات أشجاها.. ومن الهموم أشدها خطباً وأفظعها إيلاماً.. وأعمقها حسرة. لقد كنت لنا والداً.. وزوجاً.. وحبيباً.. ودرعاً بعد الله يحمينا.. وسنداً وذخراً في حياتنا وآلامنا. قد كنت لي جبلاً ألوذ بظله فتركتني أضحي بأجرد ضاح هذه حال الدنيا ما أفرحت قليلاً إلا أحزنت دهراً طويلاً.. ولم تأت بسرور إلا وأعقبت ذلك بهموم لا تنقضي على مر الدهور.. والموت مصير كل حي ونهاية كل شيء، وقد سماه الله عز وجل مصيبة فقال سبحانه: (ان أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت). نعم إنها أعظم مصيبة... ففقده أمر جلل لا يحتمل فالقلوب يعتصرها الألم والعيون دامعة على فراقه. عشت معك 24 سنة و26 يوماً فيها من الألم والفرح والسعادة والترح ما يكون في هذه الحياة. كنت أقرأ عليه القرآن الكريم منذ معرفتي بمرضه حتى أنني ختمت القرآن وقرأت عليه الرقية الشرعية.. كنت أراه في أيامه الأخيرة وقد أنهكه المرض وشحب وجهه وهزل جسمه وخارت قواه حتى أنه لا يستطيع الحركة إلا بمساعدتي.. ولا يتناول الطعام إلا من يدي وكم مرة ذرفت الدموع وأنا أراه ممدداً لا حول له ولا قوة. إن فراقك يا أبا فراس أوجد جرحاً في قلبي لن يندمل ومما يزيد جراحي هم تربية ورعاية أبنائي الذين أصغرهم لم يبلغ الخامسة من العمر بعد!! إن حزني على فراقك باق ولكنني أهتدي بالقرآن الكريم الذي يربي النفس على الصبر والتأسي بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم ويرشدنا إلى الرجوع إلى الله على كل حال: (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون.أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون). رحمك الله وأسكنك فسيح جناته... اللهم أجبر مصابي وأعني على تربية أبنائي وأحسن كفالتهم واجعلهم قرة عين لي بالدنيا والآخرة.. ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا راد لأمر الله، اللهم إنا نؤمن بقضائك ونحتسب عندك أجر الصبر على المصيبة والرضا بالقضاء اللهم آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها. لمثل هذا يذوب القلب من كمد ان كان في القلب ايمان واسلام زوجتك أم فراس الحمد