قدَّر الله -عليَّ ولِي- أنْ أكون أحد الجالسين -جلسة عمل- إلى جوار مسؤول تنفيذي مرموق، يتسنم عديداً من المهام ذات الصلة المباشرة بمصالح العباد والبلاد، وهي المرة الأولى التي جمعتني به وجهاً لوجه، وقد تكوَّنت عندي عن شخصيته وفكره وأدائه وأيضاَ تعامله، صورة لا تسر الناظرين، وكاتب هذه السطور منهم! وكنت متحفزاً لتلقف أدنى زلَّة من الرجل لأنتهزها كفرصة للبوح بما ضاق به صدري من تراكمات، هي محصلة ما يتناقله الناس عن الرجل -المسؤول- وما يشيرون إليه من أخطائه! لكن «بروتوكول» الجلسة فرض علي الإصغاء لكلمته كرئيس جلسة، وكان الذي ما كان بالحسبان! إذ وجدت الرجل يجيب على أسئلة تحار بذهني، كمن يقرأ صفحة من كتاب! وعينه تمرُّ بي لتجول على مجمل الحاضرين دون تمييز أحد -للأمانة-، وأعجب من ذلك أن جاءت كلمة المسؤول وقد حملت في طياتها ما يكفي لقلب الصورة التي ارتسمت في مخيلتي مع غيري من الناس دون تعمّد منه ولا تراخٍ من ناحيتي! ولكنه المنطق الذي تسلًح به ودعم به حججه وفند بالأرقام والمستندات بجلاء ما رشح عندي وغيري عنه وعن جهازه من انطباعات مبنية على معلومات مشوشة ومنقوصة! ركلة ترجيح سؤال أكبر.. كيف تأتي فرصة كهذه لعشرات المواطنين للجلوس مع مسؤول بهذا الحجم وهذه الأهمية وهذا المستوى من الفكر المستنير، والتحاور معه؛ لتضييق الهوة وتصحيح الصورة المغلوطة طمعاً في تعميم الفائدة عبر شراكة مبنية على الثقة المتبادلة لتحقيق صالح الوطن والمواطن.. شراكة محبة تضم الجميع .. كيف؟! سؤال أضمه إلى قائمة الأسئلة المطروحة على الماكينات الإعلامية وطواحينها والقائمين عليها!