انتشرت عناصر استخبارات الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي في أرجاء منطقة «عبرا» شرق مدينة صيدا، وأُحكم الطوق حول مقرّ الشيخ أحمد الأسير، وبدا مسجد بلال بن رباح كخليّة نحلٍ أمنية. ومُنع الإعلاميون من الاقتراب. وألقى الشيخ الأسير، خطبة نارية قبل أن يؤم صلاة الجمعة أمس، بدأها بالتأكيد على عدم رغبته في الاصطدام مع القوى الأمنية، متّهما حزب الله بالتواطؤ مع الجيش اللبناني في استضعاف أهل السنة، كما كال الاتهامات يُمنةً ويُسرى، لكنه لم يرفع السقف كثيراً، ووعد بسلسلة تحركات أخرى حتى تحقيق مطالبه. وأحكمت القوى الأمنية قبضتها على مدينة صيدا، وساد ترقّبٌ حذر أرجاء المدينة بعد مهلة الأسير للحكومة اللبنانية بشأن ما وصفه ب»شقتين سكنيتين مدججتين بالسلاح تابعتين لحزب الله» قرب مسجد بلال بن رباح. وكان من المفترض أن يقام الاعتصام في منطقة مجمع الزهراء، لكن التدابير الأمنية حالت دون ذلك، واشتدّ التشنّج مع إعلان الأسير نيّته التوجه الى الشقتين السكنيتين اللتين يوجد فيهما عناصر من حزب الله لطردهم منهما. الشائعة لم تلبث أن انتشرت بشكل يُشبه سريان النار في الهشيم بعد ما تردد أن الأسير دعا مناصريه إلى التوجه سلمياً إلى الشقتين اللتين قال إنهما لحزب الله في «عبرا»، علماً أنّ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، اعترف في خطابه الأخير أنها موجودة قبل بناء مسجد بلال بن رباح. وإزاء ذلك، أقامت قيادة الجيش اللبناني نقاطاً عسكرية ثابتة بالقرب من مسجد بلال بن رباح، لمنع أي مواجهة محتملة بين الطرفين، وهذا ما اضطر المدارس القريبة من المنطقة إلى إقفال أبوابها. واتّهم الأسير حزب الله بفرض سلطته على أهل السنة واضطهادهم، قائلاً إنه «يأخذ معاشه من دم اللبنانيين». وبيّن الأسير أن «مَن يرد أن يحمي لبنان فعليه حماية كل اللبنانيين، وليس فئة دون سواها»، معتبراً أنّ «مَن يشغل مركز القرار هو الاحتلال الإيراني المقنّع». واعتبر أن كافة تحركات حزب الله نابعة من قرارات إيرانية، وليست وفقاً للمصلحة الوطنية. واتّهمه أيضاً، ب «التواطؤ مع الجيش في صنع قرار إقامة ثكنات عسكرية في عبرا». وطالت اتهامات الأسير كلا من تيار المستقبل، ورئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد، وأوضح سعد، أن «هذه التحركات تتلقى قراراتها من مرجعيات رسمية أمنية وسياسية»، داعيا إلى الكفّ عن دعم هذه التحركات. واعتبر أن المتضرر الوحيد من هذه التحركات الاستفزازية أبناء مدينة صيدا، وأن العلاج عند الدولة اللبنانية. بدوره، أكد وزير الداخلية مروان شربل، أن «الشيخ الأسير تبلّغ أن الإخلال بالأمن ممنوع منه ومن أي شخص آخر». ورأى شربل، أن «هذا الموضوع خلق حالة حساسية طائفية وسياسية، وسننهي هذا الموضوع»، مشيراً إلى «أننا اليوم نقوم بواجباتنا، وهناك كثير من الأشخاص الذين يُطلبون للقضاء ولا يسلمون أنفسهم، عندها القضاء يقوم بكل واجباته». وأضاف أن «الأسير أو أي شخص آخر يحمل السلاح في صيدا، سنتعامل معه بالشكل المناسب»، مشيراً إلى أن «القوانين تطبّق على جميع الأراضي اللبنانية». وانتهى الاعتصام الذي دعا إليه أحمد الأسير عقب صلاة الجمعة من دون أن يقع أي احتكاك مع القوى الأمنية والعسكرية، لكن الشيخ الأسير ختم قائلاً: «لن نتواجه مع القوى الأمنية، لكننا سنواصل التصعيد التدريجي». ودعا إلى اعتصام يُنفّذ اليوم الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر، سيُحدد مكانه لاحقاً.