إن تشكل الهوية يبدأ مع بداية نمو الإنسان، كما يرى أريكسون، حيث تساهم كل مرحلة من مراحل النمو في تشكيله إلى أن يصبح محور التغير والأزمة الأساسية للنمو خلال مرحلة المراهقة، وذلك مع ظهور أزمة الهوية المتمثلة في درجة من القلق والاضطراب المختلط والتي ترتبط بكفاح المراهق من أجل تحديد معنى لوجوده من خلال اكتشاف ما يناسبه من مبادئ ومعتقدات وأهداف وأدوار وعلاقات اجتماعية ذات معنى أو قيمة على المستوى الشخصي والاجتماعي. وتنتهي الأزمة من وجهة نظر أريكسون بتحقق الهوية في الظروف الجيدة، حيث ينتهي الاضطراب ويتحقق الإحساس بالذات ممثلاً في إحساس الفرد بتفرده ووحدته الكلية وتماثل واستمرارية ماضيه وحاضره ومستقبله وقدرته على حل الصراع والتوفيق بين الحاجات الشخصية الملحة والمتطلبات الاجتماعية بدرجة تؤكد إحساسه بواجبه نحو ذاته ومجتمعه، وينعكس ذلك سلوكياً في قدرته على اختيار قيمه ومبادئه وأدواره الاجتماعية والتزامه بالمثل الاجتماعية بدلاً من مواجهتها، عند هذه المرحلة يكون الأنا قد اكتسب فاعليته الجديدة المتمثلة في الإحساس بالذات. وبالرغم من أن الهوية تبدأ تتشكل منذ بداية الميلاد، حيث تتأثر بالتفاعل بين سلوكيات الفرد وشخصيته والتركيب البيولوجي وبما يساعد على نموه السيكولوجي من الغذاء والمعاملة والجو الذي يعيش فيه، إلا أن نمو الهوية لا يكتمل إلا في مرحلة المراهقة، حيث تتأجج فيها الصراعات وتبلغ ذروتها، فيؤدي ذلك إما إلى تشكل الهوية حيث الثقة بالنفس والآخرين والشعور بالاستقلال والمبادرة، وبذلك يكون المراهق قد قطع شوطاً كبيراً في رحلة الشعور بالذات وتشكل الهوية بما يميزها عن غيرها، أو إلى عدم تشكيلها، حيث فقدان الثقة بالنفس والشعور بالخجل والشك ومعايشة الواقع بكل انهزامية ودونية، بحيث تكتنف النفس مشاعر العجز والشعور بالذنب، ويصبح مضطرب الهوية لا يدري من هو ولا كيف يكون.