علي عايض عسيري أكاد أجزم أن حادثة الفتاة رهام لن تكون الأولى والأخيرة في قواميس وقائمة وزارة الصحة الطويلة، مع كثرة الأخطاء الطبية القاتلة التي راح ضحيتها عدد كبير من الأبرياء الأصحاء، الذين دخلوا مستشفيات وزارة الصحة المتهالكة من أوسع الأبواب وهم يسيرون على أقدامهم وخرجوا منها جثثاً هامدة لا حراك فيها تحملهم أكتاف الأقارب والأصحاب والأحباب المفجوعين القلقين على قادم أيامهم وقادم أيام زوجاتهم وأطفالهم وفلذات أكبادهم. مات المواطن الفلاني بسبب جرعة البنج الزائدة، ومات الطفل المسكين بسبب نسيان قطعة قماش داخل أحشائه، وماتت مواطنة ضعيفة بسبب خياطة عمليتها على مقص طبي يبلغ طوله عشرات السنتيمترات، ومات مقيم بسبب نزيف داخلي، ومات مواطن يعول أسرة كبيرة بسبب جراثيم وميكروبات وفيروسات غرف العناية المركزة، وحقنت فتاة في عمر الزهور بدم ملوث بفيروس الإيدز، كان محفوظاً في بنك دم وزارة الصحة منذ عدة سنوات دون إتلافه والتخلص منه والقبض على ذلك المتبرع، الذي كان يخطط ليل نهار للانتقام من مجتمعه ووطنه وإيقاع أكبر عدد من الضحايا الأصحاء. أصيبت رهام الحكمي بذلك الداء الذي ليس له دواء، فقامت الدنيا ولم تقعد، قرارات متعجلة كالعادة، إعفاءات وفصل وتحقيق ولجان ولكن بعد فوات الأوان، أعقبتها مكاشفة وتقاذف للمسؤولية بين منسوبي ومسؤولي مستشفى الإيدز وبين المسؤولين والمنسوبين من الرؤوس الكبيرة في وزارة الصحة دفع فيها الحلقة الأضعف ثمن ذلك الخطأ أضعافاً مضاعفة، وغادر من أضيق أبواب مستشفيات وزارة الصحة ! ليت وزارة الصحة في بلادنا تختصر المسافات وتطوي صفحة الفشل في الميدان، ويزور مسؤولوها الكبار مستشفيات الشرق والغرب والجنوب والشمال المتهالكة؛ لتقييم جودة الخدمة الصحية التي تقدم للمواطن والمقيم في أجواء ضبابية لا تعترف بكل معاني الطب الحديث، وليتها تترك تلك الأساليب الملتوية التي تتعامل بها مع ضحايا الأخطاء الطبية القاتلة التي تحدث داخل مستشفياتها المتهالكة، التي لا توجد في مستشفيات العالم العاشر، وليتها تعطي كل ضحية حقه في التعويض والرعاية الكاملة المناسبة التي تناسب ذلك الجرم الذي وقع بسبب وزارة الصحة وأطبائها ومنسوبيها ومستشفياتها، دون تهرب من المسؤولية ودون استغلال ضعاف الموظفين للدفع بهم ككبش فداء لامتصاص حالة غضب المسؤولين والمواطنين والمتضررين والمصدومين.