لم تعد قضية رهام الحكمي شأنا خاصا بالطفلة وذويها، وإنما باتت قضية رأي عام، بعدما دفعت الصغيرة مستقبلها وربما تدفع حياتها، ثمناً لإظهار الفساد الذي كان ومازال يسكن وزارة الصحة من زمن بعيد، هذا الفساد الوظيفي الذي يعاني منه أكثر من 20 مليون مواطن، باتوا يخشون المرض، فلا يتعاملون مع مستشفيات ومراكز صحية أدمنت ارتكاب الأخطاء الطبية صباح مساء، .. فساد «الصحة» لم يكن خافياً على أحد، ولكن كان مسكوتاً عنه، لعل أمره يصلح في يوم ما، وبالقدر الذي شغلت قضية رهام الرأي العام، كانت قصة الطفلة حاضرة في زوايا الكتاب وأصحاب الرأي في الصحف السعودية، الذين أجمعوا على أن رهام لا تقِلُّ شأناً عن ابن أي مسؤول ،ولابُد أن تحصل على حقِّها كاملاً، مؤكدين أن ما حدث لها أكبر بكثيرٍ من جهاز آيباد، مزيدا من التفاصيل في ثنايا هذه القضية : أكد مواطنون تبرعوا بالدم أن عملية التبرع مازالت عشوائية وغير منظمة، وكشفوا ل»اليوم» أن الكثير من المرضى والمستشفيات في المملكة تعتمد على مبدأ «الفزعات» في تأمين الدم، الأمر الذي قد يعرض حياة الكثير من المرضى المحتاجين للتبرع بالدم إلى الخطر، مطالبين بأن يتم تنظيم عملية التبرع بالدم، وإيجاد حلول ناجعة ومفيدة ،وأن يتم التدقيق والعناية وفحص دم المتبرعين جيداً حتى لا تتكرر معاناة الطفلة «رهام» التي انتقل لها مرض الايدز بسبب إهمال من بعض العاملين في القطاع الصحي. نظام فزعات في البداية، يقول شجاع نايف الشمري: إنه تبرّع بالدم أكثر من 8 مرات، حيث تبرع في أكثر من مستشفى في مدينة الرياض وحائل وتبرع في البداية من تلقاء نفسه وطلباً للأجر من الله، وفي بعض الأحيان تبرع لعدد من أصدقائه الذين أصيبوا في حوادث سيارات واحتاجوا إلى متبرعين بالدم في أقصى سرعة ممكنة، مضيفاً :إن التبرع بالدم واجب ديني وإنساني يجب أن يحرص عليه الجميع ،وذلك في ظل عدم وجود تنظيم يساهم في توفير كميات الدم في الكثير من المستشفيات في بلادنا ،حيث تعاني هذه المستشفيات من نقص متكرر في حال احتاج العديد من المرضى للدم، مضيفا: "أصبح العديد من المواطنين يستخدمون نظام الفزعات وكتابة الأوراق والنشرات في المساجد للبحث عن المتبرعين بالدم مع أن الكثير من محبي الخير يبحثون عن مساعدة الآخرين وتقديم العون لهم". يحب على الجميع أن يكون لديهم الوعي قبل التبرع بالدم، وهناك موقع الكتروني ينصح بالتبرع بالدم، ويسجل الموقع أسماء المتبرعين ومكان الإقامة وفصيلة الدم ضعف الاهتمام ويتحدث عوض الزهراني، ويقول: إنه قام بالتبرع لإحدى المريضات المنوّمة في مستشفى مدينة الملك فهد الطبية بالرياض بعد أن وصله اتصال من أقاربها وقد لبّى النداء وحرص على التبرع بدمه، وأُجريت له فحوصات بسيطة عن الطول والوزن ،وبعد أن أخذ المستشفى الدم لم يعطوني التعليمات والنصائح المطلوبة للمتبرعين بالدم، حيث لم يحصل إلا على علبة عصير صغيرة مستوردة، مضيفاً: بأنه تفاجأ "من أسلوب تعامل المستشفى معه وعدم تزويده بنتيجة فحص الدم مع أنه تبرع منذ أكثر من ثلاثة شهور، حيث لم يتلقَ أيّ اتصال أو استفسار من المستشفى".
المحاسبة لا تطال سوى صغار وضعاف المسؤولين
تواصل مفقود ويقول عبد الله حكمي :" يحب أن يساهم في خدمة المجتمع ومساعدة الآخرين، وقد أطّلع منذ فترة على موقع الكتروني ينصح بالتبرع بالدم، حيث يُسجل الموقع أسماء المتبرعين ومكان الإقامة وفصيلة الدم إضافة إلى رقم الهاتف أو وسيلة التواصل، وذلك لتسهيل التواصل بين المتبرعين والمرضى المحتاجين إلى التبرع بالدم". ويضيف: "أعجبني الموقع وفكرته مما دفعني إلى تسجيل إسمي وبيانات التواصل معي، ولكن تفاجأ أنه له أكثر من سنة لم يتصل به أحد المستشفيات أو بنوك الدم للتبرع بدمه"، وأضاف :"هذا يدل على ضعف التواصل وعدم حرص هذه الجهات الصحية بتوفير الدم لديها وعدم تقدير جهود الباحثين عن أفعال الخير ومساعدة الآخرين". فوضى التبرع ويستغرب محمد القحطاني من المستشفيات الحكومية وبنوك الدم من "عدم وضع حلول ناجعة وشاملة للقضاء على فوضى التبرع بالدم والحرص على سلامة المرضى من منع انتقال الأمراض لهم لاسيما في ظل انتشار الكثير من الأمراض في بلادنا وخطورتها على الكثير من المرضى"، مطالباً من وزارة الصحة بعد أن ظهرت قضية الطفلة ريهام والتي كانت آخر ضحية من ضحايا نقل الدم الملوث بضرورة فتح هذا الملف ووضع الحلول المناسبة حرصاً على سلامة المواطنين إضافة إلى توفر كافة الإمكانات المادية والبشرية لهذا الموضوع الذي يجب إقفاله نهائياً". استشاري : هؤلاء الأشخاص ممنوع عليهم التبرع بالدم أكد استشاري أمراض الدم الدكتور يوسف الحربي أن "التبرع بالدم موضوعٌ حساس ويحتاج إلى فحص طبي وتأكدٍ من سلامة المتبرع قبلَ سحب الدم، وذلك حرصاً على سلامته وسلامة الآخرين"، مضيفاً :إن "بعض المتبرعين لا يمكن الاستفادة من تبرّعهم بسبب معاناتهم من عددٍ من الأمراض مثل: مرضى الايدز، ومرضى السارس، ومرضى السرطان، ومرضى الصرع، ومرضى السكري، ومرضى الليشمانيا، ومرضى التهاب الكبد الوبائي ب،ج، ومرضى الرئة، ومرضى الدرن، ومرضى الجلطة الدماغية، ومرضى القلب، ومدمني المخدرات، ومرضى الكِلى والمرضى المصابين بالملاريا، ومرضى الحمى المالطية". ويضيف الدكتور الحربي: إن "بعض المتبرعين يسمح لهم بالتبرع بالدم بصفة مؤقتة بعد مِضي فترة زمنية مناسبة تتجاوز العام، وهم : المتعافون من عدد من الأمراض مثل : مرض السيلان ، ومرض الزهري ، والمخالطون لمريض مصاب بالإيدز ، أو المخالطون لمريض الكبد الوبائي ، أو ممّن تعرضوا لعملية جراحية أو مرض خطير ، والنساء الحوامل". وحدد الدكتور الحربي بعض الشروط للمتبرع بالدم وهي: "أن يكون بصحة جيدة ، وأن لا يقل وزنه عن 50 كجم , وأن يكون في متوسط عمر بين 18 إلى 65 سنة ، وأن يكون ضغط الدم في وضعه الطبيعي، وأن لا تزيد درجة حرارة الجسم على 37.5 درجة مئوية".
كتاب رأي: رهام لا تقل شأناً عن أبناء المسؤولين .. وحقوقها واجبة على الجميع
أخطاء طبية في البداية أشار الإعلامي عبدالخالق القرني إلى أنه «ليس بغريبٍ في ظل تخبُّط وزارة الصحة أن نرى مثل ما حدث للطفلة رهام شفاها الله ولكن ما هو مستغربٌ، تلك الإجراءات المتّخذة حيال قضيّتها، فقد أصبح المواطن العادي لا قيمة له وأصبح محطّاً للتجارب والإصلاحات، وقد رأينا كثيرا من الأخطاء الطبية لكثير من المواطنين تنتهي بهدية أو لعبة أو تعويضٍ مالي، لكن حين تحدث الكارثةُ لابنٍ من أبناء المسؤولين في أيِّ مستشفى، يتلقّى الأخير ما لا يتوقّع ويُحمَدُ عُقباه من العقوبات، هذا غير التعويض النفسي والمالي للمريض»، ويتساءَل القرني «ألهذا الحد وصلت قيمة المواطن تُقدّر بآيباد؟. فساد بلا حدود ويضيف القرني :»نجهل كثيراً آلية عمل بنوك الدم لدينا والإجراءات والاحتياطات اللازمة عند أخذ الدَّم من المتبرع، ولكن ما حدث في قضية رهام يدل على الفساد اللا محدود في هذه الآلية والتخبط الموجود فعليّاً في عملهم، ناهيك عن إمكانية التستر على مثل حامل مرض الايدز عند المعرفة، وهذا يدل على الإدارة الصحية الفاشلة في مملكتنا .. كما يدل على ضعف قيمة المواطن، فلو علم الجاني بالعقوبة لعمل ألف حسابٍ لقيمة المواطن، لكن من أمِن العقوبة أساء التصرّف، الآن أين نذهب بأطفالنا عند الحاجة للعلاج ؟حياتنا رخيصة هنا لذا لا تفْرُق ،نموت على سرير البيت أم سرير المستشفى ،بالعكس قد نربح جهاز آيباد نتيجة خطأ وقد تزيد قيمة الجوائز مع مرور الأيام فالموت لا مفرَّ منه».
النظام والمحسوبية وشارك الإعلامي عمر الغامدي بالرأي في قضيتنا ،فقال:» لا شك أن ذلك دليل على أن الوزارة مهترئة والفساد ينخُر في أساساتها والمحسوبية مقدمة على النظام في تلك الوزارة، وللأسف المحاسبة لا تُطال سوى صغارِ وضِعاف المسؤولين، أمّا من له الباع واليدُ الطولى في الفساد، فسيتم السكوت عنه حتماً، أما رهام فهي عينة على المواطن العادي الذي يضطر لخدمات تلك الوزارة المهترئة، ونحن نرى بأُم أعيُننا المسؤولين وأبناءهم لا يثقون في وزارة الصحة». الاحتفاظ بأكياس الدم الملوّثة بالإيدز: جريمةٌ لا تُغتفر، وكفايةُ أعذارٍ واهيةٍ! إنه باختصار شديد «الفكر» الذي تُدار به الوزارة والذي أثمر آيبادا كاعتذار لتدمير مستقبل رهام .. أرواح تحصد وأضاف الغامدي :»رهام ليست صرخة طفلة بل صرخة مواطن عانى أصنافا من الإهمال وهضم الحقوق وتمادي المسؤولين الكبار وأصحاب السلطة والقرار في هضم حقوقه واللامبالاة به وبصحته والاستمتاع بمُقدّراته ومخصّصاته وصرف ما خصّصته الحكومة لعلاجه و الاهتمام به على رحلاتهم الخاصة ومتعهم والتلاعب بما جعله الله ثم ولي الأمر أمانة بيديهم ونتساءل جميعا كم من الثمن يلزم المواطن العادي أن يدفع حتى يفيق أولئك المسؤولون من سُباتهم واستهتارهم ألا يكفيهم أرواح تحصد كل يوم ألا يكفيهم كم من إعاقة وشلل وإصابة قد تسببوا بها ولا زالوا ينظرون إلى المواطن أنه ذلك الشخص المدلل المطالب بما لا يستحق ،وفوق ما يستحق وأنه يجب عليه السكوت والصمت المطبِق والرِّضى بالخدمة المقدمة أيّاً كانت حتى أصبح البعض من المسؤولين ينظر الى ذلك المواطن بدونيَة واحتقار ،و أنه متسوِّلٌ على أبواب وزاراتهم، التي جعلوا منها بيوتا ومقارّاً لهم يصرفون ما شاؤوا من ميزانيّاتها على من يشاؤون ويصرفونها عمّن لا يرضون».
ما وقع للطفلة رهام من آلام يكشف إهمال «الصحة» فسادُ دم أم فساد ذِمَم؟! وكان للإعلامية والكاتبة هيفاء فقيه رأيها الخاص ،حيث قالت: «دمٌ فاسد كشف فساد طاقم طبي متكامل ، قضية فساد تكشف فساد أعظم، الكل يتقاذف التُّهم ويُحمِّلُ الخطأ فوق اكتاف الآخر، وتبقى النتيجة واحدة ، ضياع مستقبل لفتاةٍ لم تتفتّح براعمُ زهرةِ عُمرها». وتضيف فقيه: «في الوقت الذي هذا الدم الفاسد استباح جسدها, قد لا تعي رهام مخاطر ما حصل لها حالياً، وقد تنحصر أمنياتها البريئة بالحصول على جهاز آيباد يُسلّي طفولتها، لكنها بالتأكيد ستدرك ذلك حين تكبر وترى عزوف الشباب عن الزواج منها ،ونبذ المجتمع لها. بل ربما سينبذُ المجتمعُ أسرتَها بالكامل وهم لا ذنْبَ لهم». اعتراف بالخطأ وتتابع فقيه «أقَلُّ ما يُقدّم لرهام حالياً شخصُ يقف أمام الملأ ويعترف أنه يتحمّل وِزرَ ما حصل لهذه الطفلة، ويتحمل تَبِعاتِ هذا الخطأ ،ومن ثمّ البحث السريع لحلِّ مشكلتها وإنقاذ ما يمكن انقاذه من صحة الفتاة التي اُغتيلت تحت عجلات الإهمال والتسيُّب»، مشيرة «كلُّنا نتحمّل وِزْرها إن سكتنا عن المطالبة بحق رهام من الحصول على علاج فوري وجدِّي، فالموضوع لا يخص رهام وذويها بل يخُصّ مجتمعاً كاملاً إن سكت عن المطالبة بحقِّها فلا حقّ سنحصل عليه بعدها». تدهور ملحوظ ويقول الكاتب عبدالله القرني في صحيفة «سبق» الالكترونية حول بنوك الدم المركزية «نبشت في مختلف الأجهزة الحكومية لدينا فكان نتاجها الفساد في كل مكان، والبطء في اتخاذ القرار، والتدهور الملحوظ في شتى الخدمات المقدمة للمواطن، وما إصابة رهام الحكمي بالإيدز إلا دلالة على ذلك». ويضيف: «منذ عقودٍ ونحن نرى مواعيد وزارة الصحة بالأشهر إنْ لم تكن بالأعوام، ونشاهد الممرات تحوّلت إلى غُرف تنويم!؟ ولا جديد في ذلك إلا أن التقاعس في العمل، والاستهتار بصحة المواطن أصبحت عنوان صحتنا!؟ ويتابع «سألتُ أحد المسئولين في وزارة الصحة عن سوء خدمات الوزارة فقال: إن تشغيلَ المستشفيات أمرٌ في غاية الصعوبة، ذلك أن المباني مُكلِفة، الكوادر نادرة، والأجهزة باهظة الثمن!؟ وأقول له: والاحتفاظ بأكياس الدم الملوّثة بالإيدز: جريمةٌ لا تُغتفر، وكفايةُ أعذارٍ واهيةٍ!إنه باختصار شديد «الفكر» الذي تُدار به الوزارة والذي أثمر آيبادا كاعتذار لتدمير مستقبل رهام، ذلك الآيباد الذي يُعبِّر عن مدى أهميّة صحتنا عند وزارة الصحة! مسلسل رعب علّق المستشار الإعلامي محمد عسيري بقوله :»من اليقين أن الطفلة «رهام» ليست الأولى في مسلسل الإهمال والآلام، لكن نرجو أن تكون قضيتها سبباً في وقف مسلسل الرعب في مستشفياتنا ومسلسل الفساد في بلادنا، فقد أصبح الجميع يخاف من دخول المستشفيات حتى لا يتعرّضَ لخطأ يودي بحياة من يُحب، اضافةً: ناهيك عن الآثار النفسية والاجتماعية التي سيُعانيها الأفراد «قليلو الحيلة» والذين لا يستطيعون السفر للعلاج خارج مدينتهم، فوزارة الصحة فقدت ثقتها لدى المواطن؛ فبدلاً من أن يخشى الدّاء أصبح الآن يخشى الدواء قبل أن يأتِيَه الداءُ». كوارث صحية ويتابع عسيري «أصبح الكلام يدور حول الوزارة كثيراً ؛ فالكل الآن يتحدث عن كوارث وليس أخطاء بسيطة، فالصحة تكاد تكون شبه معدومة لدى المواطن المريض، والعلاج هنا أصبح تقريبًا للبسطاء أو الذين لا تسمح حالتهم الصحية بالسفر للخارج. الكوارث في وزارة الصحة كثيرة، ليس آخرها «رهام»؛ فالصحة أصبحت تزيد عليك من الداء، وبعدها تماطلك في الدواء؛ فالمواعيد أصبحت طويلة المدى، وسرير المريض يؤخذ الآن إمّا «بواسطة» أو «معروض»!!هل سنرى محاسبةً علنيةً وأحكاماً رادعة لكلِّ من تسبَّب في هذه الكارثة؛ لوقف العبث بأرواح البشر؟ فلا بد أن يُعلم أن رهام ليست أرخصَ من أبناء أي مسئول أو رجل أعمال في السعودية. غياب الآلية ويضيف عسيري :»لا بد أن نعي أن ما وقع لرهام من آلام جسدية ونفسية ومادية تحَوُّلٌ مهمٌ في التعاطي مع القضايا الصحية والإهمال في خدمة المواطن مهما كان. وننتظر الدعم لرهام، من الجوانب الصحية والنفسية والمادية، مع إطلاع الجميع على ما يقدَّم لها من رعاية صحية، في ظل التطور الطبي الكبير في السيطرة على مرض الإيدز، متى ما وجد المريض الرعاية الصحية الكفيلة، مطالبين باستمرار الاهتمام بها مدى الحياة.كل شيء يمكن الأخذ والرد فيه إلا الصحة؛ فهي تتعلق بأرواح البشر، وليس هناك أغلى من أرواحنا، بل إن وزارة الصحة ستمضي زمناً طويلاً لكي تسترد ثقتنا فيها.
حقوق الإنسان تنتقد أنظمة بنوك الدم وتصفها بالضعيفة كلفت هيئة حقوق الإنسان فريق عمل للانتقال إلى منطقة جازان لمتابعة حالة الطفلة رهام التي تم نقل دم ملوث لها بمستشفى جازان والوقوف على ملابسات ما حدث للطفلة رهام، وأوضح مصدر في هيئة حقوق الانسان ان الطفلة رهام الحكمي، التي تبلغ من العمر 12 سنة، والمصابة بفقر الدم (الأنيميا) حضرت إلى مستشفى جازان العام، وكانت تعاني من آلام في الظهر، وقرر الطبيب المعالج الذي استقبلها نقل دم لها، وقد حمل الدم المنقول لها فيروس نقص المناعة (الايدز) نتيجة تقصير وإهمال المسئولين في المستشفى والطب الوقائي والعاملين في المختبر في مستشفى جازان العام» .. مزيدا من التفاصيل في هذا التقرير : وأضاف «اتضح للهيئة من خلال مقابلة المسئولين في الشؤون الصحية في منطقة جازان أن تشخيص الطبيب الذي باشر حالة الطفلة كان خاطئا، ولم يكن هناك حاجة لنقل الدم لها، حيث انها كانت تحتاج لمسكنات دون الحاجة لدم حسب نتيجة الأنيميا في ذلك الوقت». ضعف الاجراءات وتابع المصدر «رصدت هيئة حقوق الإنسان إهمالا واضحا وخطيرا من قبل مستشفى جازان العام، وخاصة العاملين في قسم المختبر، مما تسبب في هذا الخطأ الجسيم، كما تبين للهيئة ضعفا في الإجراءات القياسية والمعايير المتبعة في التعامل مع المتبرع بالدم، وفحص العينات ونقله والتأكد من سلامة تلك العينات, وكذلك ضعف في الإجراءات الإدارية وضعف في الكوادر المؤهلة أسهمت في وقوع هذا الخطأ الفادح، الأمر الذي أدى إلى نقل دم ملوث للطفلة», موضحاً «تم نقل الدم على الرغم من أنه كان معلوما للجهات الصحية أن عينة المتبرع تحمل فيروس نقص المناعة المكتسبة الإيدز، حيث ورد خطاب الى الإدارة العامة للطب الوقائي في منطقة جيزان من مستشفى الملك فهد، بتاريخ 27/1/1434ه والذي أشار إلى ان نتيجة تحليل المتبرع تفيد أنه يحمل فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)». رصدت هيئة حقوق الإنسان إهمالا واضحا وخطيرا من قبل مستشفى جازان العام، وخاصة العاملين في قسم المختبر، مما تسبب في هذا الخطأ الجسيم
المعايير الصحية واشار المصدر ذاته إلى أنه «على الرغم من ذلك تبرع الشخص المصاب مرة أخرى بتاريخ 29/3/1434ه وتم اكتشاف اصابته بالمرض بتاريخ 2/4/1434ه ورغم ذلك، لم يتم اتخاذ الإجراءات الطبية في مثل هذه الحالات، ولا في مواجهة الشخص المصاب، واذ تأسف الهيئة على ما لحق بالطفلة رهام من اصابة صحية خطيرة، وأذى نفسي، لتؤكد أن ضعف الإجراءات المتبعة في عملية التبرع بالدم والتحقق من العينات ونقل الدم على النحو الذي وقفت عليه الهيئة، يعد أمرا خطرا لا يمكن القبول به، وقد يفضي الى وقوع حالات مماثلة, لذا فإن الهيئة ومن منطلق اختصاصاتها وواجباتها تطالب بمراجعة كافة الإجراءات في هذا الصدد، وتطبيق أعلى المعايير الصحية للتعامل مع حالات التبرع ونقل الدم للمحتاجين اليه في جميع المراكز الصحية والمستشفيات بالمملكة ومختبرات الدم, حفاظا على سلامة الإنسان وتحقيقا لتطلعات خادم الحرمين الشريفين في تقديم افضل رعاية صحية للمواطن والمقيم, خاصة مع الدعم السخي لقطاع الصحة والتنمية الاجتماعية والذي استأثر بجزء كبير من ميزانية هذا العام». متابعة مستمرة وبين المصدر ان «الهيئة ستتابع مع جهات الاختصاص جميع حقوق الطفلة رهام الصحية او ما يتعلق بجبر الضرر الذي لحق بها وبأسرتها، وتطالب الهيئة بتوسيع التحقيق في هذه القضية من جميع جوانبها والتحقيق في عدم مواجهة المتبرع والكشف على جميع عينات الدم الموجودة ومحاسبة جميع المتسببين في هذا الإهمال الخطر على أن تمارس الجهات الرقابية دورها في عملية التحقيق الى جانب وزارة الصحة, كما ستعمل الهيئة على التنسيق مع جهات الاختصاص للتأكد من تلافي كل ما اشير له من ملاحظات وبما يضمن الحق في الرعاية الصحية وفقا للمعايير الدولية الأربعة وهي التوافر وامكانية الوصول والمقبولية والجودة».
منيرة المتروك المتروك: لابد من جهاز رقابي من خارج «الصحة» أوضحت الناشطة الاجتماعية منيرة المتروك ان ما حدث للطفلة رهام الحكمي يعد جريمة في حق الإنسانية والطفولة، وتصنف ضمن جرائم الاهمال والعبث الطبي والذي ما كان ليحدث لو كان هناك جهات رقابية على مستوى عال من الدقة ومسئولة عن كشف الفساد الطبي والاهمال ورفع مستوى الوعي والعناية الطبية اللازمة التي يجب ان تكون هناك كي لا تحدث مثل هذه الكوارث». وأضافت «جريمة الطفلة رهام لو كانت في مكان آخر فستصل عقوبتها حد السجن لسنوات لمن ارتكب الخطأ، واخضاع كافة الجهات المسئولة للتحقيق. اضافة الى تعويض الطفله ملايين الدولارات ولو كانت الصحة لا تقدر بأي ثمن. جريمة لا تغتفر وابانت المتروك أن الزج بهذه الوردة اليانعة لتكون فريسة بين براثن الموت جريمة لا تغتفر، والتكتم على قضيتها وعدم محاسبة المسئولين عن ما حدث لها، وايقاع اقصى العقوبات بحقهم ينذر بمخاطر طبية وصحية لا تحمد عقباها». وتشكر المتروك هيئة حقوق الانسان على «جهودها المبذولة في تقصي الحقائق حول اسباب الاهمال، ولكن يبدو ان المستشفى ذاته لم يستوعب الدرس، فلم يمض على حادثة الطفلة اسبوع، حتى فجعنا بطفل آخر شلت اطرافه وفقد احدى عينيه !!!! ولا أعلم هل مازال المستشفى يزايد على جروحنا ليزيدها ثخنا ام ان الاهمال وصل بها حدا يستطيع به المجاهرة بسلخ طفولة هؤلاء الأبرياء ولا احد يردعه». حالات مشابهة وتابعت المتروك «عن انتشار الايدز نتيجة الاخطاء الطبية، فلي وقفات حول ذلك، فقبل عام، وقفت على حالة سيدة تشتكي مستشفى القنفذة العام، لانه أخفى عنها حقيقة مرض زوجها مستغلا صغر سنها وأوهمها الأطباء أن هناك مرضا عاديا كالسكري والضغط ويمكن التعايش معه!!! وكتبت عن هذه الحادثة وحقوق الانسان تفاعلت بشكل كبير حول حادثتها، لان الفتاة وللاسف نقل لها المرض بسبب التشخيص الكاذب !!! والنتيجة أن الفتاة مازالت تصارع المرض في ريعان شبابها، اما المستشفى، فمازال يستقبل المرضى وسيستمر في مسلسل الخداع الكاذب المغطى بغطاء ملائكي»، مؤكدة أنه «لا يزال مسلسل نقل هذا الداء اللعين مستمرا بسبب التكتم والاهمال عليه فهناك قصة يتيم الايدز ايضا والذي كتبت عنه في بداية العام المنصرم والذي جرحه انكى وأمر لانه ضحية تكاتف اهمال عدة جهات، بدءاً بوزارة الشئون الاجتماعية انتهاء بالصحة». وتتابع «لست هنا لتسكين الجراح الغائرة، ولكن هناك خنجرا يستوجب اخراجه من خاصرة هذا الوطن الحبيب وهو الفساد الصحي، وبرأيي لن يكون حل المشكلة بإقصاء وزير واستبداله بآخر طالما النظام الرقابي للصحة مترهلا، وفي رأيي يجب تشكيل لجان رقابية صارمة وعالية المستوى تتولى الرقابة على المستشفيات على مدى 24 ساعة على ان تكون بمعزل عن الصحة».
مواقع التواصل الاجتماعي تكشف عن ضحايا جدد للأخطاء الطبية ندد مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بالأخطاء الطبية التي حصلت بسبب نقل الدم في مستشفيات وزارة الصحة، وذكروا بأن الحالتين اللتين عرضتهما وسائل الإعلام أخيراً، لم تكن هي كل ما حدث، بل هناك حالات لم تظهر على الوسط الإعلامي، ومنها حالة أمل المطيري في مدينة الدمام، وتحديدا في البرج الطبي التابع لمستشفى الدمام المركزي، والتي نقل لها دما ملوثا بالملاريا، مما تسبب في وفاتها قبل ثلاثة أشهر (حسب تعليق قريب لها على حادثة الطفلين رهام ومفرح في مواقع التواصل الاجتماعي). وأضاف قريب أمل إنه "تم رفع قضية للمحكمة للمطالبة بحق أمل، ولم يزل أهل الفقيدة يتابعون القضية". وللوصول للحقيقة قامت "اليوم" بالاتصال على قسم العلاقات العامة والإعلام بمديرية الشؤون الصحية في المنطقة الشرقية وأبدى ممثلها أسعد سعود ترحابه، وتمت مراسلته عبر البريد الإلكتروني ورسائل الجوال، ولكن بعد ذلك كان الهروب من الرد سيد الموقف، وعن عدد بنوك الدم في الوزارة، قال مدير إدارة بنوك الدم في الإدارة العامة للمختبرات وبنوك الدم في المملكة علي إبراهيم الشريف، في حديث سابق « تتكون بنوك الدم بوزارة الصحة من 15 بنكا مركزيا و 17رئيسيا و130 فرعيا، فضلا عن 253 بنك دم في عموم المملكة، فيما يقوم 24 بنك دم مركزي ورئيسي من وزارة الصحة بفحص جميع عينات المتبرعين من الأمراض، بتقنية فحص الحمض النووي للأمراض المعدية»، وحول استيراد الدم من الخارج ذكر الشريف أن استيراد الدم من الخارج توقف منذ عام 1405ه، وتعويض ذلك عبر المتبرعين من المواطنين والمقيمين في الداخل من خلال التبرع الطوعي بالدم، الذي تبلغ نسبته 40 في المائة أو من خلال التبرع بالدم التعويضي للمرضى من الأهل والأصدقاء وبنسبة 60 في المائة". حوالي 94% من بنوك الدم في السعودية لا تحمل شهادات اعتماد من أي جهة عالمية، لتطبيق معايير الجودة الأساسية بهدف ضمان الحد الأدنى من درجات جودة وحدات الدم” وأوضح استشاري خدمات نقل الدم في الإدارة العامة للمختبرات وبنوك الدم محمد عثمان زايد، أن عملية جمع الدم وفصل المكونات وتخزين الدم ومكوناته وصرف الدم حسب المعايير العالمية، تمشيا مع توصيات الجمعية الأمريكية لبنوك الدم (AABB)، وقال «تنفذ الإدارة العامة في المختبرات وبنوك الدم برنامج خادم الحرمين الشريفين لمنح ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثالثة للمتبرعين الطوعيين، فضلا عن منح الإدارة العامة للمختبرات وبنوك الدم الموافقة على منح التصاريح للجمعيات الخيرية الخاصة في العديد من مناطق ومحافظات المملكة، سعيا للمشاركة في رفع مستوى الوعي بأهمية التبرع بالدم لتحفيز المتبرعين بالدم وتشجيعهم للتبرع في بنوك الدم بالوزارة». ومن جهته حذر طبيب سعودي عضو في الجمعية السعودية لطب نقل الدم من بنوك الدم السعودية، وتنبأ بكارثة جازان من قبل سبع أشهر، إلا أنه منع من نشر الحقائق". ويقول الطبيب: "إن حوالي 94% من بنوك الدم في السعودية لا تحمل شهادات اعتماد من أي جهة عالمية، لتطبيق معايير الجودة الأساسية بهدف ضمان الحد الأدنى من درجات جودة وحدات الدم”. ونوه الطبيب أنه في المملكة العربية السعودية لا وجود فاعل لتلك الجهات الرقابية المحايدة، ويتابع الطبيب: "تلعب وزارة الصحة كافة الأدوار المتضادة فهي من يسن القوانين لبنوك الدم ويضع معايير العمل داخل المختبرات، كما أنها أكبر مالك لبنوك الدم، ومن يراقب على جودة مخرجات بنوك الدم، ومن له حق إقرار العقوبات على بنوك الدم، وأخيرا هي من يرخص للممارسين لمزاولة المهن الطبية، حتى لا تتكرر قضية رهام أقترح أن تخضع بنوك الدم لرقابة الهيئة العامة للغذاء والدواء وأن تكلفة الهيئة بأدوار أخرى مثل صياغة القوانين ومتابعة التحقق من تطبيق معايير الجودة الأساسية التي تضعها واستصدار الرخص
الصحة: 49 مؤشرا لقياس أداء المستشفيات و24 لمراقبة مراكز الرعاية الصحية حيال محور قضيتنا تحدث الناطق الإعلامي لوزارة الصحة د. خالد المرغلاني فقال: «بنوك الدم التابعة لوزارة الصحة تنتشر في كافة مناطق ومحافظات المملكة بين مركزية ورئيسية وموزعة، لتخدم المستفيدين من خدماتها وتتمثل في عدد 15 بنك دم مركزي و17 بنك دم رئيسي، و120 بنك دم فرعي بواقع (152) بنك دم بوزارة الصحة، كما يتوفر في عموم مناطق المملكة في جميع القطاعات الصحية في وزارة الصحة والقطاعات الصحية الحكومية والقطاع الخاص 259 بنك دم»، وأضاف د.مرغلاني «يصل عدد المتبرعين سنويا قرابة 445000 حسب الإحصاءات الأخيرة، وهذا يدل على عدم وجود عجز في بنوك الدم حسب المعايير الدولية لقياس نسبة توفر الدم»، مشيراً إلى أن «الوزارة قامت بإنشاء وتطبيق عدد من البرامج الخاصة بتطوير الجودة وسلامة المرضى بالوزارة خاصة بعد أن أصبحت إحدى أهم أهدافها الاستراتيجية في الخطة وبدء العمل على زرع ثقافة الجودة بين العاملين من خلال العديد من البرامج النوعية، من بينها برنامج المراجعة الإكلينيكية، الذي يهدف إلى التأكد من أن جميع الممارسات الطبية التي تتم داخل منشآت الوزارة تتم بالطريقة الصحيحة المتعارف عليها دوليا. حيث قام البرنامج باختبار 49 مؤشرا لقياس أداء المستشفيات و24 مؤشرا لقياس أداء مراكز الرعاية الصحية الأولية». وتابع د.مرغلاني: «هناك برنامج رصد الأخطاء الجسيمة، وهو برنامج جديد حيث يتم حيث يتم تسجيل أي خطأ جسيم يقع في أي مستشفى على الفور ويقوم المستشفى بتسجيله إلكترونياً على نظام حاسوبي خاص تم تصميمه لهذا الغرض بحيث يتم دراسة وتحليل كيف حدث ثم دراسة كيفية تجنب الأخطاء ومنع حدوثها وتكرارها»، مضيفا «أما برنامج السلامة الدوائية»، فيهدف الى إدخال ثقافة السلامة الدوائية لدى الاطباء والممرضين بالمستشفيات والمراكز الصحية وفية تم تدريب ما يزيد على تسعين من الصيادلة القانونين على السلامة الدوائية وكيفية منع الخطأ الدوائي، وبرنامج الاعتماد الوطني والعالمي، حيث تم إخضاع مرافق الوزارة من مستشفيات ومراكز صحية وفق خطة استراتيجية للاعتماد المحلي من المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية إضافة الى إخضاعها من هيئة المستشفيات الأمريكية، وتم تحضير هذه المرافق على مدار العامين الماضيين وحتى الآن فهناك 50 مستشفى من مستشفيات الوزارة حصلت على شهادة الاعتماد المحلي من المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية كما حصل 71مرفقا صحيا على الاعتماد من الهيئة الأمريكية لاعتماد المنشآت الصحية، ويجري إخضاع 13 مستشفى للاعتماد الدولي وكذلك إخضاع 40 مستشفى خلال المرحلة القادمة للاعتماد المحلي». وأضاف د.مرغلاني: «إن برنامج سلامة المرضى ذو طابع رقابي تم فيه تدريب أكثر من تسعين طبيباً استشاريا وأخصائياً على سلامة المرضى وكيفية الوقاية من الخطأ الطبي واسندت إليهم وظيفة مسؤول السلامة الطبية في المستشفيات، وأصبح هذا الفريق يتأكد باستمرار من أن العاملين والممارسين يطبقون فعلا قوانين العمل الطبي المتعارف عليها والمعايير التي تم وضعها مثل التعامل مع الأدوية الخطرة داخل المستشفيات وخطوات منع تلوث الجروح بعد العمليات الجراحية وغير ذلك من معايير السلامة العالمية».