في الغالب ليس لدى كبار المسؤولين الوقت الكافي لزيارات ميدانية يطلعون فيها على ما أنجز على أرض الواقع.. وإذا فعلوا فهم يعلنون ذلك مسبقاً لتسبقهم زفة تلميع وتزوير وبخور وقصائد ثم موائد وفلاشات للتصوير. والمسؤول يعرف أن ما يراه ليس الواقع. فالدهان يبدو لماعاً وطبقة الإسفلت لم تجف، لكنه يحب هذا التزوير، وإلا لما أعلن زيارته قبل أشهر. ولأنه لم يعد هناك أمل أن يغيّر المسؤول هذا الطبع، ولأن (كل شيء تمام طال عمرك)، ولأن الأصوات المخلصة لا تصل، فلم يتبقَّ غير عدالة السماء، وعدالة السماء قد تتأخر لكنها تأتي. وربما لهذه الأسباب وأسباب أخرى يجيء المطر، والمطر كالطيبين لا يُعلن عن موعد وصوله ولا يرسل مسؤول العلاقات العامة يرتب له جدول الزيارة، فقط يأتي كما يريد له الله أن يأتي ويكشف الفساد. حدث في جده والرياض والآن في تبوك وغداً حيث يشاء الله. وما كشفه المطر من إهمال هو في كل المدن، وحيثما تغيب المحاسبة ويموت الضمير. لكن المطر لا يأتي دائماً، ثم إننا نخاف أن يعتاد الناس أخبار الكوارث في غياب المحاسبة الجادة حتى بعد أن كشف السيد المطر المستور. شكراً أيها المطر وحدك لم تتغير كنا ننتظرك تحيي الأرض والآن غدونا نصلي لأن تأتي لعلك تفضح بؤسنا رغم فداحة الثمن الذي يدفعه وحدهم المساكين.