قال باحثون وفقهاء إن هناك حالات تقر الشريعة فيها إفشاء السر الطبي لأحد الزوجين للآخر، وهي الحالات التي يكون إفشاء السر فيها مما تقتضيه الضرورة أو الحاجة، لدفع مفسدة، أو جلب مصلحة عامة أو خاصة، مؤكدين أن الإفشاء يتردد بين الوجوب والجواز بحسب الحالة. وكان علماء شرعيون ناقشوا أمس في فعاليات الدورة الحادية والعشرين للمجمّع الفقهي الإسلامي مسألة إخبار الطبيب لأحد الزوجين بنتائج الفحوص الطبية مما له أثر على الطرف الآخر، وأوضح الباحثون أن الأهمية تكمن في أنه أمر كثير الوقوع في المجتمع ويتعلق بثلاثة أطراف (المريض، شريكه، والطبيب)، المريض يعتبر مرضه سراً خاصاً، وله الحق في كتمانه، والطرف الثاني له علاقة وشراكة مع المريض، وربما يتضرر من مرض الطرف الآخر، والطبيب حامل لهذا السر الذي يعتبر أمانة وهو مسؤول عنها. وحدد الباحثون أن المشكلة تكمن في تعارض المصالح والأحكام بين هذه الأطراف الثلاثة، فالمريض ربما ليس من مصلحته إفشاء السر الذي قد يؤثر على علاقته بالطرف الآخر، وقد يطالب الطبيب بعدم كشف سره، والشريك ربما يتضرر بمرض الطرف المريض وقد يطلب أن يعرف هذا المرض، أما الطبيب فيتنازعه واجبان واجب المريض، وضرورة كتمان سره، وواجب النصح للطرف الآخر الذي ربما يتضرر بهذا المرض فأيهما يقدم؟ وعرض الباحثون أسئلة توضح أهداف البحث في هذا الموضوع وهو محاولة الوصول إلى معرفة الحكم الشرعي لموقف الطبيب، هل يفشي السر، بناء على أن في عدم إفشائه يعد إهمالاً لواجب النصح؟ أو يكتمه بناء على أن هذا سر وهو أمانة يجب عليه المحافظة عليها بحكم الدين، وحكم القسم الذي أداه حين تخرجه، والذي يتضمن المحافظة على أسرار مرضاه، علماً بأن هناك حاجة لدى الأطباء إلى حلول لهذه المشكلة دون ظلم لأي طرف من الطرفين، وهي حاجة واقعة، وملحة، يتعرض لها الأطباء ويؤرق الملتزم منهم وقوعه بين واجبين متعارضين واجب حفظ الأمانة، وواجب النصح للطرف الآخر. وأشار الباحثون إلى أن الفحوص والتحاليل التي تجري على المرضى قد تكشف عن أنواع من الأمراض ينتقل بعضها بالعدوى ومنها ما لا ينتقل، ومن أجل التوصل إلى الحكم الشرعي الصحيح ناقش الباحثون هذا الموضوع باستعراض تعريف الأسرار الطبية، وحفظ الأسرار في الشريعة والطب، وضوابط الإخبار بالأسرار الطبية، والمسؤولية الجزائية المترتبة على إفشاء الأسرار الطبية.