توجد صعوبة في القبض على تعريف دقيق ومحدد للمثقف، فهي صفة ليست بدرجة علمية أو تقنية تمنح على أساس إتقان مهارات ضمن مناهج تعليمية و تدريبية مقررة، إلا أنها تعرف ضمنياً وتتوجه إلى أفراد يشتغلون غالباً بالهم الأدبي و الاجتماعي و الشأن العام. وربما تلك الصعوبة هي ما دعا أن توكل وزارة الإعلام لكل ناد أدبي تحديد شروط الجمعية العمومية مما أحدث ذلك التباين بين الجمعيات العمومية في كل ناد، و أن تماثل بعضها. و يساعد تصغير الرقعة المكانية المراد الحديث عنها في الاقتراب من دلالة الكلمة و الأفراد الدالة عليهم لذا فسنقصر الحديث في هذه المقالة على المنطقة الشرقية و الجمعية العمومية التي تشكلت أخيرا مع إيماني بأنها تتقاطع في كثير من مظاهرها مع الجمعيات العمومية في المناطق الأخرى. وما يجعلنا نتساءل هل اقترع المثقفون، أو هل الجمعية العمومية في المنطقة الشرقية تعبر بدقة عن المثقفين و الأدباء، و بالتالي ما إذا كان الفائزون بمجلس الإدارة الحالي يعكسون خياراً دقيقاً للمثقفين بالمنطقة؛ هي بعض المظاهر التي شابت المشهد على مدى عمر الجدل الانتخابي القصير في نادي الشرقية الأدبي. و أدت إلى غياب أسماء ثقافية بارزة و حلول أسماء لا تمت للثقافة بصلة مكانها. ساهم بعض المثقفين في هذه الإشكالية بطريق غير مباشر، ذلك لعدم المبادرة إلى التسجيل و الرضا بمقعد المشاهد لأمر كان من المفترض أن يكون أول من يؤازره ويدعمه بشكل بسيط هو التسجيل في الجمعية العمومية. وحتى لا تأخذ بالبعض الظنة فنحن نتكلم فقط عن مكون الجمعية العمومية أي التسجيل غير عابئين لمن عساه سيمنح صوته وقت التصويت. خذ مثلاً الإخوة المستقيلين جماعياً من نادي الشرقية الأدبي المحتجون على إسقاط اللائحة الانتخابية من ضمن اللوائح التنظيمية للأندية الأدبية والذين فجروا تفاؤلاً لدى المثقفين حينها، لكن عندما تبحث عن أسمائهم في قائمة الجمعية العمومية لن تجد أثراً سوى لنصفهم ؛ خليل فزيع و مبارك الخالدي و جبير المليحان و عبد الله السفر و عبد العزيز السليمان هم فقط من بادر إلى التسجيل و الاقتراع؛ نستطيع أن نقول عن هؤلاء فقط أنهم كانوا باستقالاتهم جادون في دفع المشهد لحالة أملوا أن تكون أزهى و أجمل، وهؤلاء من انسجم في هذا الشأن سلوكهم مع قناعتهم. رغم أن بعض الكتاب للأسف وصف مسارعة أستاذ جبير و د. مبارك المبكرة للتسجيل في الجمعية بأنها زفة و بأنهم يتقاتلون على مناصب النادي! و لم يسعفه فهمه أن يدرك أنهم كانوا أمام صدق مع النفس و تأكيد حضاري للشأن الذي استقالوا من أجله بدليل أن كليهما وزملائهما أيضا لم يرشحا نفسيهما لمجلس الإدارة. لا أعلم ما منع الأخوة الخمسة الباقين من المستقيلين عن تأكيد حلمهم في إرساء نهج الانتخابات فلعله قد حبسهم حابس و أتمنى ألا ينطبق عليهم ما قاله حينها أحد الشاجبين لاستقالاتهم من أنها عبث صبياني! مثال آخر؛ هناك من المثقفين من لم يسجل في الجمعية رغم عضويته في مجلس الإدارة الأخير المنوط بها تكوين الجمعية العمومية! وهو لا يني يجلد المثقفين، لا يكل ولا يمل في ابتغاء تلك الغاية، يمكن تفسير ذلك الأمر ربما كاستمرارية في جلد المثقفين، جلد ذاته. لهذا الجانب من المسألة نتساءل هل فات هؤلاء بأننا أمام مرحلة قد يتأثر بها المشهد الثقافي لسنوات طويلة؟ و أنهم قد أودوا بالمشهد الذي سمعنا مرات منهم أنهم حريصون عليه إلى حيث لا يرغبون؟ لكل مقام مقال، و اتخاذ موقف حقيقي وصادق حين يتطلب الأمر كان أجدى من الكثير من الكتابات والإبداعات. • عضو نادي الشرقية الأدبي السابق عبدالله الوصالي