يعيش أربعة آلاف نسمة من أهالي مساكن الصفيح في منطقة الحدود الشمالية، في مواجهة مباشرة مع موجات البرد القارس التي تجتاح مناطق واسعة من البلاد، في مثل هذا الوقت من العام، وحولت منازلهم إلى ثلاجات بشرية حرمتهم النوم والحياة الكريمة . وتتركز مساكن الصفيح بالقرب من مدينة عرعر، وتوزع على قرى وهجر المنطقة، وبُنيت بأكملها من الصفيح، وتميز القليل منها بشيء من الخشب أو الطوب، وتشترك جميعها في الأسقف المعدنية. وعلى امتداد موسم الشتاء، يعانى سكان «الصفيح» من أجواء جعلت مساكنهم أكثر برودة من الطقس خارجها. ويقول المواطن سالم الحازمي، أحد سكان هذه البيوت منذ 25 سنة، عن سبب سكن المواطنين في هذه المدينة الخشبية، وأشار إلى أن الظروف المادية للكثير منهم لا تساعدهم على امتلاك منازل في مدينة عرعر، مؤكداً أن حالته المادية أفضل بكثير من غيره في هذه البيوت الخشبية، حيث إن راتبه التقاعدي يقدر ب 1500 ريال، ويعول سبعة أشخاص من أفراد أسرته. ويقيم الحازمي، بالرغم من حاجته، بيتاً من الشعر للضيوف، ويتوافد عليه بعض الزوار من الجيران والأقارب، مع حرصه التام على تقديم دعوة للعشاء لكل من يزوره. وأوضح عدد من الأهالي، أن بيوت الصفيح التي يسكنونها تفتقر إلى جميع خدمات الحياة الكريمة؛ فالكهرباء يتم بيعها عليهم بواسطة مولدات كبيرة، وصهاريج المياه يتم شراؤها أيضاً، والخدمات الصحية ليست موجودة في موقعهم، ويتمنون أن تتولى الجهات الحكومية توزيع أراضٍ سكنية لهم لإقامة منازل إسمنتية تقيهم الرياح الشديدة التي تهب في فصل الصيف، الذي ترتفع فيه درجات الحرارة إلى خمسين درجة. وكذلك فإن المنطقة تتميز بشدة برودتها في الشتاء؛ حيث إن درجات الحرارة فيها يتوقع أن تصل إلى عشر درجات تحت الصفر. وعن عدد قاطني هذا الموقع يؤكد سالم الحازمي أن عددهم كبير، وقد يصل إلى حوالى أربعة آلاف مواطن، ويشير إلى أن أوضاعهم المادية سيئة جداً، ولا تسمح لهم بمغادرة المكان؛ حيث ازداد عددهم خلال السنوات الأخيرة، الذين تم ترحيلهم خلالها أكثر من مرة، إلا أن حالتهم الاقتصادية تحتم عليهم عدم الابتعاد عن هذه الأحياء، ويتطلعون إلى توفير سكن ملائم لهم في السنوات المقبلة. من جهته، قال رئيس المجلس البلدي في منطقة الحدود الشمالية السابق، ماجد المطلق ل «الشرق»: «إن مشكلة مساكن الصفيح كانت من الأولويات التي طرحها المجلس البلدي عند تشكيله عام 1426ه، وأقر المجلس توصية بعدم إزالة مساكن الصفيح إلا بعد إيجاد حلول ناجعة لمشكلة «السكان»، وأوضح أن المجلس أوصى بإعطائهم أولوية عند توزيع الأراضي، بعد التأكد من عدم منحهم سابقاً، وفعلاً تم تحديد الأسماء عبر اللجنة التي شكلها أمير المنطقة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن مساعد، وجرى منح جميع المستحقين من سكان الصفيح، ولم يمنح بعضهم لأسباب، منها أنه سبق منحهم أو حصلوا على قرض سكني من صندوق التنمية العقاري. وأوضح أن هذا الأمر لا ينفي حقهم في الحصول على أراضٍ لمن سبق لهم الحصول على قروض، ولكنهم لا يأخذون الأولوية، وينتظرون دورهم مثل بقية المواطنين الآخرين. بيوت الصفيح تحولت الى ثلاجات بشرية ( الشرق )