لن أنسى صدمتي وأنا طالب مبتدئ في معهد اللغة بأمريكا حينما سألتني طالبة تايوانية: هل صحيح أنكم في السعودية تستحمون بالنفط؟ ثم عرفت لاحقاً أن بعض الأمريكيين يظن أن في بيت كل سعودي بئر نفط. كيف نقنعهم أنهم بمثل هذا الظن إنما يعبرون عن غبائهم في نظرتهم الساذجة للمجتمع السعودي لو عرفوا أن السعوديين اليوم يستهلكون أكثر من مليوني برميل نفط يومياً؟ مجلس الشورى -يا مال السلامة- يناقش ارتفاع استهلاك النفط في السعودية. وهي خطوة جاءت متأخرة جداً. ومع ذلك يمكننا أن نسأل: بماذا سيشور علينا مجلس الشورى الموقر؟ هل سيكون في صف المستقبل فيخرج لنا توصيات -أو مشورة- تلح على أهمية التفكير جدياً في البدائل القادمة للنفط؟ وهل يمكن أن يشور علينا -وما حيلته سوى المشورة- أن نعمل جدياً على تقليل استهلاكنا المسرف للنفط عبر خطط توعوية جادة ومشاريع عملية في الاستثمار المدروس في طاقة المستقبل؟ الأهم والأخطر مما سبق أن يقتنع بعض صناع القرار عندنا بأن النفط ثروة أبدية وكل ما يقال عن الطاقة البديلة ونضوب النفط ليس سوى «مؤامرة» يهدف أصحابها إلى إرباك خططنا التنموية العملاقة. ولهؤلاء أوجه سؤالي: إن لم نصدق أن عمر النفط لن يتجاوز الأربعين سنة، كم عمره إذن؟ ثمانون سنة؟ مئة سنة؟ مئة وخمسون سنة؟ ثم ماذا؟ سيحاسبنا الأحفاد (إن لم يحاسبنا الأبناء) على الضياع والكوارث والأزمات التي سنخلفها لهم. فلا نحن الذين استثمرنا عائدات النفط المهولة في مشاريع جادة للطاقة البديلة ولا نحن الذين أسسنا لاقتصاد متين يستمر في النمو بعيداً عن النفط ومشتقاته. أما السبب الرئيس لذلك -من ضمن قائمة طويلة من الأسباب- فهو نظرتنا القاصرة للمستقبل. من يفكر في يومه فقط لن ينعم أبداً بغده!