إلى سنوات قريبة، كان كلما ارتفع سعر النفط، يخيفوننا بالطاقة البديلة، وظل الفزع من هذا الشبح القادم هاجسنا الدائم، لكننا الآن بدأنا ننظر للمستقبل برؤية أخرى، أي أن ما بعد النفط ونضوبه، بات الخطر الأهم في مواجهة الحياة القادمة.. فنحن نستهلك أكثر من مليوني برميل نفط في اليوم قابلة للصعود وربما ليس مفاجئاً أن نتحول إلى بلد مستورد إذا ما أصبح استهلاكنا وانتاجنا الكبيران استنزافاً لأهم مورد في اقتصادنا.. فالكهرباء والمياه، والتصنيع وغيرها تعتمد على النفط، والحديث بين مراكز البحوث العالمية مخيف حين تتحدث عن عمر النفط عندنا، وأمام تزايد سكاني هائل ومتطلبات التنمية التي تتسع كل يوم، واعتمادنا مورداً واحداً، يجعل الموقف حساساً وسط دراسات ومعلومات لا تفي بالغاية، وخاصة مواجهة السنين القادمة والأجيال التي تريد أن تعيش وفق خطط واضحة المعالم، وشفافة تجاه الاحتياطيات والمخزونات وعمر النفط الافتراضي في ظل الإنتاج الراهن.. موضوع الطاقة البديلة بدأ الاهتمام به قريباً فهناك من يدعو إلى الاعتماد على النووية باعتبارها الأرخص لكن المحاذير بعد انفجار مفاعل «تشير نوبل» في أوكرانيا، ثم تأثر أحد المفاعلات في اليابان نتيجة الزلازل، ومخاوف انتشار الأشعة لأي خطأ تقني، وأنه إذا كانت هذه الدول متقدمة في إنتاج هذه الطاقة وتفكر بالعدول عنها، فمن باب أولى أن تأتي خططنا منسجمة مع الفوائد والخسائر وفق ما يجري في هذه الدول.. ثم هناك الطاقة الشمسية، والتي قيل إن الربع الخالي وحده يستطيع تأمين هذه الطاقة لكل العالم ومع التفاؤل والتشاؤم نفتقد ان الدخول في مشاركة جادة والمساهمة في أبحاث الطاقة الشمسية الأمل الوحيد في التعويض عن النفط لكننا لا نلمس وجود مراكز بحث وطنية في الجامعات وغيرها تعمل على استقطاب الكفاءات الوطنية ونستعين بغيرها من كل العالم، ونعتقد أنه لا خيار لنا أمام حقيقة أن النفط طاقة غير متجددة وناضبة إلا سلوك هذا الاتجاه.. لدينا فائض مادي كبير، يمكن ان يؤسس لمستقبل أكبر إذا عملنا، وبشكل جدي وكرسنا جزءاً منه في الأبحاث التي تضعنا في مركز التفاعل والاستفادة مما أنجز، عالمياً، في الطاقة الشمسية وغيرها مما يذهب العقل إلى أنه البديل الموضوعي، مثل طاقات الرياح، والبحار وجغرافيتنا ربما تكون نموذجية لخلق البديل عن النفط، ولا أدري إذا كان المختصون لدينا من علماء واقتصاديين ومن يملكون فكراً مستقبلياً بعيداً يثرون فكرناً بدراسات عميقة عن حال النفط وما بعده، وكيف هي رؤيتنا أمام حقيقة الحاضر، وغموض المستقبل، لأن هذا الأمر لا يمكن تجاوزه بالنسبان أو اخفاء ما سيكون طالما لا نزال نملك الفرص الأفضل لما سيكون عليه قادم السنين؟!