يصر أحمد محمد منجحي من سكان خيرية الملك فيصل في الحريضة، على مواصلة مهنته في استخراج مادة «القطران» من الأشجار اليابسة في قمم الجبال للاستفادة منها في كثير من العلاجات، متحديا بذلك التقنيات الحديثة، حيث يشتغل في هذه المهنة منذ أربعين عاما، ويجد فيها من المشقة كثيرا، فيصعد إلى قمم الجبال ويسير لمسافات طويلة في بطون الأودية للبحث عن الأشجار لتكسيرها واستخراج القطران. ويقول المنجحي ل»الشرق»إن القطران مادة تستخدم في علاج أمراض حساسية الجلد، وأضاف المنجحي أنه يقوم بجمع أشجار الأثل والسلم والشاف والعتم والقُمر الجافة واليابسة وبعد تقطيعها إلى قطع صغيرة يحملها عبر المنحدرات الجبلية على ظهره لمسافة قد تزيد عن خمسة كيلو مترات، لتبدأ بعد ذلك عملية استخراج مادة القطران، على موقد من النار يصنع خصيصا لهذا الغرض، وهو عبارة عن بناء من الطين على شكل نصف دائرة ويبنى في العادة على صخرة ذات تجويف، ويقع في جانب الموقد فتحة صغيرة لتفريغ القطران ويوضع فوق هذه الفتحة»تنكة»، وهي عبارة عن جالون حديدي بوزن عشرين لترا، يوضع داخلها الحطب بعد تقطيعه إلى قطع صغيرة وبعد تعبئتها يتم تغطية الفتحة لضمان عدم تسرب الدخان، وبهذه الطريقة تتم عملية التكثيف حتى يتحوّل إلى مادة سائلة، حيث تستغرق عملية الحرق والتدخين لهذه الأشجار من يومين إلى ثلاثة أيام ليتم إنتاج بضع كيلوات من زيت»القطران». وحول استخدامات هذه المادة الحيوية، أوضح منجحي أن استخدام القطران يتم حسب نوعيته، والهدف من استخدامه، حيث يتم إنتاج ما يُعرف ب( الروب ) وهي مادة ذات لزوجة عالية جدا وتستخدم غالبا لعلاج الإبل من الجرب والقمل والحلم وبعض الحشرات، كما يستخدم أيضا في تحسين مستوى عمل خلايا النحل من خلال طلائها بهذه المادة الكثيفة لمنع وجود الحشرات الضارة ولضمان عدم تسرب مياه الأمطار داخل هذه الخلايا، وأضاف أن هناك مادة أخرى مستخرجة من القطران تُعرف ب(الشوب)، وهي الأكثر طلبا، حيث إن لها استخدامات عديدة، ومن ذلك استخدامها في طلاء الأغنام، لحمايتها من تقلبات الأجواء الباردة وللقضاء على الحشرات والقمل التي تنمو داخل شعرها، كما تستخدم أيضا لعلاج حساسية جلد الإنسان من الأمراض، مؤكدا شفاء عديد من المواطنين والمقيمين بفضل الله من حساسية الجلد بعد استخدام هذا الزيت لدهن المناطق المصابة أثناء النوم، مشيرا إلى أن كثيرا من الناس يستخدمون هذا الزيت في طلاء أكواب الشرب الخشبية لإذكاء الرائحة الطيبة والمذاق المتميز على الماء أثناء الشرب، هذا بالإضافة إلى عديد من الاستخدامات والصناعات التي تدخل ضمن تركيب هذه المادة. وناشد منجحي الأمين العام للهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، بإدراج هذه المهنة الشعبية ضمن المهن التراثية، حيث يتوجب المحافظة عليها ودعم ممتهنيها، وتشجيعهم للاستمرار فيها حفاظا عليها من الاندثار، في الوقت الذي لا يعترف فيه الناس إلا بالمواد الكيميائية التي لا تخلو من الأضرار. كما ناشد وزارة الزراعة بعدم منع استخراج هذه المواد، مؤكدا أنه ليس هُناك أي إضرار على البيئة من ذلك، حيث يتم قص الأشجار اليابسة التي مضى على موتها أكثر من ستة أشهر، ولا تنتج الأشجار الخضراء في الأساس هذه المادة، بل تنتج مادة شبيهة بالماء لا لون لها ولا رائحة، وأشار إلى أن هذا المنع بات يهدد مصدر رزقه الوحيد، فهو لا يجيد حرفة أخرى سواها.