الحل أن تقتدي بطفلك في هذا اليوم المبارك، انظر إلى ألوان ملابسه الجديدة التي ارتداها على عجل وهو نعسان ليرافقك إلى الصلاة ويقلد حركاتك في القيام والركوع والسجود. راقب ضحكته الصغيرة التي تشبه سكيناً طيبة قادرة على أن تكشط تراكمات من حزن قديم تجلط على قلبك فأفقده البسمة. لا تفوّت فرصة مشاهدة فرحة تكسو وجهه البض المكتنز بالبهجة وهو يمرح خلف أقرانه ويشكلون معاً قطاراً من المرح. استرق السمع إلى صوته الرقيق وهو يردد أغنية يقلد فيها مطرباً -ربما- لا يروق لك. تأمل يده التي تنزف حلوى وتمرده وهو يصر على أن يمسحها في ملابسه محطماً قواعد النظافة بعند يستحق عليه قُبلة. سعادة طفلك عدوى، لا تحرم نفسك -في العيد- من الإصابة بها. اذهب به إلى أماكن لهوه، وتعامل معه كأنك في مثل عمره. إذا دعاك لأن تركب معه «المراجيح» فليس عليك حرج أن تقبل دعوته الكريمة. جرّب –ولو مرة- أن تدوخ وأنت تضحك بعلو صوتك في الخلاء. حينها لن تصدق أن من يفعل ذلك هو أنت الذي تدوخه هموم يكتمها في صدره ولا ينطق بها إلا في الخفاء. هل طلب منك أيضاً أن تشاركه لعب الكرة؟ انسَ خجلك وكن في مستوى شجاعته وهو يجري أمامك ويقع على الأرض دون أن يهتم بمن يسخر منه، ولا يكترث -مثلما تفعل- بفضوليين يعدون على الناس حركاتهم، وسكناتهم، وأنفاسهم. تعلم من ابنك أفضل طريقة لإقصاء من يتعمدون تصيد الأخطاء. لاحظ انشغاله بأمر نفسه ليصل إلى أعلى درجات الرضا. أما إذا أوقفك في منتصف المسافة بين حجرين ونصبك حارساً للمرمى فدعه يحرز أهدافاً لتسد حاجتك نحو الفخر بهزيمتك على الملأ! ولأنه لا يكف عن اللعب ستكتشف في نهاية اليوم أنك مرهق -ولكن- من سعادة كبيرة أهداها لك صغير (أو صغيرة) دون أن يفقدها، ذلك لأن الطفولة فرحة كلما نهلنا منها ربت، وإذا انصرفنا عنها حرمنا أنفسنا من بهجة تفك ما نحتفظ به من عُقد، فما أروع ديننا الإسلامي الذي يأمرنا بالسعادة ويخصص لها عيدين. لا تصدق من يقول لك إن السعادة بعيدة المنال، بإمكانك أن تسمعها -اليوم- بأذنيك أثناء فرقعة بالونة كانت منذ قليل تنتفخ بين أصابع قصيرة تمسك بها، وتراها على شكل رسومات كرتونية تزين ألعاباً تنجح في جذب فلذة كبدك.. وتلمسها في مصافحتك أقرباءك وأنت تصل رحمك، وتجلس إليها حين تتقاسم حواراً مع صديق قديم تعوّدت أن تسترجع معه ذكريات مرّت عليها عشرات السنين دون أن تنطفئ، وتحملها بين يديك لو طرقت سراً باب فقير ينتظر ما تحمله يديك. السعادة تشبه كرة إذا قمت بتسديدها فإنها ترتد إليك، فانثر الفرح في قلوب من حولك يغمر قلبك. آخر سطر: قالت: الحياة ليست بسيطة كما تتخيل.. وقلت: بل أبسط مما أتخيل، وأعقد مما تتصورين.