ما هي إلا ساعات معدودات حتى يهل علينا عيد الأضحى المبارك، حاملا معه معاني التضحية والإيثار والطاعة الجليلة لرب العرش العظيم، وهاهما الأمتان الإسلامية والعربية تتزينان بأبهى حلل العيد وصوره ففي شتى البلاد الإسلامية تعود البسمة إلى الوجوه رغم كل الصعاب التي تعيشها هذه البلدان من أقصاها إلى أقصاها، ومنها لبنان الذي ارتدى حلّة العيد بشتى ألونها، فأينما حللت في شوارع العاصمة بيروت تراها قد تزيّنت بالأنوار والأضواء وعبارات "أضحى مبارك" و"حج مبرور وسعي مشكور" و"كل عام وأنتم بخير" و "ضحِّي وفرِّح قلوب" و"مرحى مرحى بالحج وعيد الأضحى"... وترى اليافطات المهلّلة لاقتراب حلول العيد وموسم الحج المبارك، قد انتشرت عند المفارق وعلى التقاطعات فيما جوانب الجسور ازدانت بالرايات المنيرة والزينة الملوّنة. أما المحال والأسواق فحديث آخر، إذ تراها قد امتلأت بالأمهات والأبناء يتبضّعون مؤنا للعيد، وملابس جديدة وأحذية ابتهاجا بالعيد، فهذا الذي يجرّب وهذا الذي يشتري وذاك الذي يُعرب عن سعادته، أما الفتيات فتراهُنّ يتحضرن للعيد بكل ما حملته آخر صيحات الموضى في الأسواق، فيما الشباب والصبية تجمّعوا في صالونات الحلاقة ليستقبلوا العيد بصورة ترضيهم حتى لتبدو بركة العيد الكريم قد احتضنت البشر بمختلف صنوفهم. ومن محال الملابس والأحذية إلى محال الحلويات التي ازدانت واجهاتها كما منصّاتها الداخلية بأفخر وأطيب أنواع الحلويات الشرقية التي يتقدّمها عريس العيد وهو المعمول على أنواعه من الفستق إلى التمر إلى الجوز وحتى الصيحات الجديدة التي أدخلت الحلاوة الشامية كحشوة للمعمول أو اللوز والشوكولا المرّة، ومن المعمول الأقراص إلى المعمول مد بالقشطة والجوز والتمر، فالبقلاوة على تعدّد أصنافها من الأصابع إلى البصمة فالبقجة والكول وشكور والحدف.. ومن البقلاوة لا بد من المرور على القطايف والشعيبيات والعثملية وسواها الكثير الكثير من الحلويات العربية، ولكن دون أن تغيب أهمية علب الشوكولا الفاخرة التي تعتبر "ضيافة العيد" الأكثر بهاء عندما تصحبها حبّات اللوز المغطى بالحلوى "الملبس". والمشهد الذي يسحر عينك في بيروت هو عينه في مختلف أرجاء البلد من أقصاه إلى أقصاه فصيدا جنوبا ارتدت حلّة العيد وطرابلس شمالا وغيرها من المدن اللبنانية ذات الطابع المسلم، حيث إنّ البيوت أبرزت زينتها إلى الخارج، إذ أصبحت ترى الزينة قد اعتلت الأبواب والنوافذ كما الشرفات والرايات الملوّنة كذلك، حتى اليافطات المرحّبة بحجاج بيت الله الحرام وأغصان الزيتون والنخل قد انتصبت عند الأبواب والمداخل بانتظار عودة زوار بيت الله الحرام، فيما زحمة السير رغم صخبها تُخبرك بأن البلد حيٌّ بأهله ومناطقة يتحضّر لصبح العيد وصلواته وتكبيراته، وصلة رحمه ووصل ما سبق وقُطع، وعيدياته وملابسه الجديدة، والمباركات. // يتبع //