من الظواهر السلبية التي انتشرت في السعودية رهن بطاقة إثبات الهوية فعادة ما يلجأ المواطن عندما لاتتوفر له السيولة إلى رهن بطاقة إثبات هويته لدى محطات الوقود والمحلات التجارية لبضع ساعات وربما لأيام حتى يتمكن من الوفاء بالمبلغ المطالب به، ثم صدر قرار حكومي بمنع رهن البطاقات الرسمية سواء كانت خاصة بالعمل أو الأحوال المدنية لأي سبب من الأسباب، ورحب الجميع بهذا القرار واعتقدنا أننا سنرتاح من هذه الظاهرة ولكن للأسف تحولنا من رهن البطاقات إلى رهن البشر، وبين فترة وأخرى نقرأ عن احتجاز المستشفيات الخاصة للمرضى غير القادرين على دفع تكاليف علاجهم ووضعهم تحت الحراسة المشددة ومعاقبتهم بقطع الزيارات والحرمان من الوجبات الغذائية لإجبار عائلاتهم على دفع تكاليف العلاج، ورفع عديد منها شعار «ادفع واستلم» في تجاهل واضح لرسالة الطب النبيلة، وقد وصل الحال ببعض المستشفيات إلى احتجاز الأطفال الخدج وجثث الموتى الذين لاتستطيع عائلاتهم دفع تكاليف علاجهم والتي عادة ما تكون باهظة الثمن، وبدلاً من أن تساهم هذه المستشفيات في علاج المرضى والتخفيف من معاناتهم تحولت إلى مصدر للألم والديون ولا غرابة في ذلك فالكثير منها ينظر للمريض على أنه البقرة الحلوب ويحاول استنزافه مادياً وبكافة الطرق. رغم تصريحات المتحدث الرسمي لوزارة الصحة حول منع الرهن واحتجاز المرضى إلا أن الظاهرة لاتزال مستمرة، وفي هذه الأيام يحتجز أحد المستشفيات الحكومية في الرياض رضيعا سوريا ومنذ أربعة أشهر وهو يرفض تسليمه لعائلته قبل تسديد فاتورة تتجاوز 60 ألف ريال والتي تتصاعد بمعدل 500 ريال يوميا، هذه الحالة الإنسانية بحاجة لمد يد العون لها وإذا كانت وزارة الصحة تتكفل بعمليات السياميين التي تكلف الملايين وتجلبهم من مشارق الأرض ومغاربها للعلاج فهي ليست بعاجزة عن سداد قيمة الفاتورة وإخراج الطفل من الحجز. من حق المستشفيات الحصول على مستحقاتها المالية، ولكن ليس من حقها مخالفة القانون الذي يمنع احتجاز المرضى تحت أي ذريعة، فالجهات المخولة بالاحتجاز هي السلطات المختصة كالشرطة، وبإمكان المستشفيات اللجوء إلى القضاء للحصول على حقوقها وليس عن طريق رهن البشر.