أحمد بن محمد الطليحان – مستشار أسري في ذلك الجمع المبارك، وفي ذلك الزمان الشريف، يقف الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مُشَرِّعاً الأحكام الإسلامية التي فيها الفلاح لأمته، والصلاح لعلاقاتهم إن تمسكوا بها، هذا هو بأبي وأمي عليه الصلاة والسلام يهتف بالجمع المبارك مُشهدهم على تمام إبلاغه، حاملاً النور ليضيء أفئدة المسلمين إلى يوم الدين.ومن بين هذه الأنوار المنطلقة من مشكاة النبوة وصية عظيمة أرسلها الرسول صلى الله عليه وسلم فتناقلها الصحابة الكرام متواصين بها عندما جاء الصوت النبوي المبارك (استوصوا بالنساء خيراً). ما أعظمك يا رسول الله! إنها أنوار النبوة والهداية والحكمة التي تكفل للأمة الأمن الاجتماعي والاستقرار النفسي والتكافل بين أواصر علاقاته. لم ينسَ عليه الصلاة والسلام وهو في هذا الموقف العظيم شأن المرأة ومكانتها؛ فهي أساس المجتمعات، وبذرة النمو المتسق لجميع آفاق التطور والتقدم. لقد أحسن في وصايتها، وأعلى من مكانته، وبوَّأها مقاماً سامياً وهي جديرة به، لأن الإسلام عدّها المحضن الأهم للأسرة فأولاها الرعاية والعناية. وعنَّف من يسيء إليها بأي أنواع الإساءة؛ فلقد ضمن لها الحقوق الوافية كما بيّن ما عليها من واجبات واضحة. لقد خص الرسول صلى الله عليه وسلم في مقام آخر الخيرية في الرجال، حيث ربطها بالخير المقدم للأهل، حيث قال عليه الصلاة والسلام (إن أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً (رواه الترمذي). وهو هنا عليه الصلاة والسلام يضع المبدأ القوي (استوصوا بالنساء)، لكل ما في هذه الكلمة من رحمة، واحترام، وتودد، وبيان علو مقدار وشأن. ولذلك نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يطبق هذا المنهج عملياً في حياته الأسرية الشريفة حينما مسح دمعة زوجته صفية رضي الله عنها بيده الكريمة، فالمرأة هي: تلك الأم الرؤوم، والزوجة المعينة، والأخت الحبيبة، والابنة البارة. لنحافظْ على وصية الرسول الكريم لنا، ولنُعِد حساباتنا في تصرفاتنا وردود أفعالنا مع نصفنا الآخر الذي به نكمل مسيرة الحياة الطيبة كما أرادها الله عز وجل منا. لنعاملها بإكرام واحترام وحب ووئام فهي تستحق هذا وأكثر، ومتى ما التزمنا تجاهها بوصية الرسول الكريم، فسننعم بحياة زوجية سعيدة، ما سيؤثر إيجابياً في أبنائنا وبناتنا. اللهم أحينا حياة طيبة سعيدة، واجعلنا لبعض قرة عين.. وأكرمنا بكرمك يا كريم.