نحار على أي شيء نسكب دموعنا، أعلى تأخرنا الكبير في ركب التقدم العلمي أم على ضياع تراثنا الذي أبدعه أسلافنا فلم نحسن الحفاظ عليه فضلاً عن الإفادة منه؟ وجوائزنا العلمية نقدمها لعلماء الشرق والغرب أو لعرب يعيشون وينتجون في الغرب، وكتبنا العلمية إما مترجمة أو مقتبسة أو مسروقة من ثقافات أخرى، والمنتج العربي قليل جداً قياساً بحجم الأمة البشري والتاريخي والجغرافي والحضاري، ولذلك لا تؤثر الدموع الإضافية التي نذرفها على حريق المجمع العلمي المصري الذي يضم عشرات الآلاف من الكتب التي تمثل تاريخ وعقل الأمة المصرية والعربية، وأكثر من مائتي ألف وثيقة، وأطلس عن فنون الهند القديمة، وأطلس ليسوس الذي ليس له نظير في العالم، وأطلس باسم مصر الدنيا والعليا مكتوب عام 1752م. فالقضية المعروفة لدينا أننا لا نستطيع أن نحفظ ما لدينا بل يتلف دون قصد بدواعي الإهمال والجهل أو عن قصد بدواعي التفكير المتخلف، فالمخطوطات كانت تسرق من خزائن كتبنا وتباع في أوروبا الغربية والشرقية وهم الذين صانوا المخطوطات وحفظوها لسنين ثم جاء معهد المخطوطات العربية فصور كثيراً منها، وبدأت دول الخليج في العقدين الماضيين بالاهتمام بها وتصويرها وطباعتها، وتراث العراق سُرق أو نُهب أو دُمر بعد الاحتلال الأمريكي، والتراث في مصر واليمن وبعض دول شمال إفريقيا مازال محفوظاً بحالته البدائية في ظل نظام بيروقراطي همايوني يعتبر الميكروفيلم أحدث إنجاز تم التوصل إليه باستثناء مكتبة الإسكندرية التي أصبحت تحقق ريادات جديدة بعد حريقها القديم الذي اتهم به عمرو بن العاص زوراً وبهتاناً، ولعل لدعم منظمة اليونسكو العالمية دوراً في أن تكون هذه المكتبة مختلفة. إن ما حدث للمجمع العلمي المصري لم يكن الأول، فقبل أشهر سلم المتحف المصري من حريق مدمر ولن يكون الأخير، وإن سلم من النار فلن يسلم من الإهمال وسوء الحفظ والتبديد أو من فكر يرى فيه ما يخالف معتقداته فيسعى لتدميره، وهو أمر لا يقتصر على مصر المحروسة وحدها.