ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    انقاذ طفله من انسداد كلي للشرايين الرؤية مع جلطة لطفلة في الأحساء    فيصل بن بندر يرعى حفل الزواج الجماعي الثامن بجمعية إنسان.. الأحد المقبل    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    نائب وزير الخارجية يفتتح القسم القنصلي بسفارة المملكة في السودان    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    إقبال جماهيري كبير في اليوم الثالث من ملتقى القراءة الدولي    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    «الأرصاد»: طقس «الشمالية» 4 تحت الصفر.. وثلوج على «اللوز»    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    الحربان العالميتان.. !    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    رواية الحرب الخفيّة ضد السعوديين والسعودية    لمحات من حروب الإسلام    12 مليون زائر يشهدون أحداثاً استثنائية في «موسم الرياض»    رأس وفد المملكة في "ورشة العمل رفيعة المستوى".. وزير التجارة: تبنّى العالم المتزايد للرقمنة أحدث تحولاً في موثوقية التجارة    وزير الطاقة وثقافة الاعتذار للمستهلك    هل يجوز البيع بسعرين ؟!    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    أمير القصيم يرعى انطلاق ملتقى المكتبات    محمد بن ناصر يفتتح شاطئ ملكية جازان    ضيوف خادم الحرمين يشيدون بعناية المملكة بكتاب الله طباعة ونشرًا وتعليمًا    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع يهنى القيادة الرشيدة بمناسبة افتتاح كورنيش الهيئة الملكية في بيش    الأمير محمد بن ناصر يفتتح شاطئ الهيئة الملكية بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخطوطات المملكة.. جهود لحفظ تراث مهدد بالتلف والقرصنة السوداء
نشر في المدينة يوم 21 - 09 - 2010

تولي المملكة العربية السعودية حرصًا كبيرًا فيما يخص الوثائق والمخطوطات من حيث جمعها وتحقيقها وترميمها عند الحاجة إلى ذلك مع حفظها بصورة تليق بأهميتها، ويتجلى هذا الاهتمام في إنشاء دارة الملك عبدالعزيز، ومكتبة الملك عبدالعزيز، إضافة إلى مكتبة الملك فهد الوطنية، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وعدد من الجامعات السعودية، التي تحتفظ بعدد كبير من المخطوطات والوثائق.
ومع هذا الاهتمام المتعاظم بالمخطوطات والوثائق تبرز حزمة من الأسئلة تتمحور حول الكيفية التي يمكن بها أن تهيئ الجامعات البيئة البحثية الجيدة من خلال توفير المخطوطات ورعايتها، والاهتمام بها وإخضاعها للتحقيق العلمي، والذي يصب في خدمة الحضارة الإنسانية أولاً بوضعها على طاولة البحث العلمي للباحثين، ثم ما مدى استفادة الجامعات المترتبة على إنشاء قسم خاص بالمخطوطات داخل مكتباتها المركزية، وهل تقف الجامعات في تقديم المعطيات للبحث العلمي من خلال منافساتها المحمومة مع بعضها البعض إلى منافسة بعض المراكز المعنية من حيث الحصول على أكبر عدد من المخطوطات، وكيف يمكن أيضًا للجامعات أن تحصل على الأجزاء الناقصة من المخطوطات التي تحويها؟
المملكة خامسًا
وبحسب ما تشير الإحصاءات فإن المملكة العربية السعودية تأتي في المرتبة الخامسة في تصنيف الدول المالكة للمخطوطات في العالم الإسلامي بعد (تركيا وإيران ومصر والعراق)، ومن هذا المنطلق والذي يؤكد أهمية المخطوطات تم إنشاء وحدة خاصة بالمعلومات للعناية بالمخطوطات المحلية في المملكة في شهر شوال عام 1423ه، فيما تستأثر وحدة المخطوطات بدارة الملك عبدالعزيز تحديدًا بعدد كبير من المكتبات تقارب الخمسين وفق الإحصائيات، حيث تحوي أكثر من 2000 مخطوط أصلي، فيما يمتلك مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية 41 فهرسًا وقائمة عن عدد مخطوطاته، ومن المراكز المعنية بجمع المخطوطات المساندة للدارة ومركز الملك فيصل مكتبة الملك فهد الوطنية إضافة إلى المكتبات المركزية في عموم الجامعات.
مليوني وثيقة
ووفق ما أشارت إليه بعض الإحصاءات المعنية بمكتبة الملك فهد الوطنية، وفي إطار ما تسعى إليه المكتبة من خلال نظام حماية التراث المخطوط في المملكة أصدرت مكتبة الملك فهد الوطنية مؤخرًا (255) شهادة تسجيل مخطوطة للأفراد من مجموع المخطوطات والمهتمين بالاقتناء داخل المملكة، ومن الموردين بالتعاون والتنسيق مع إدارات المنافذ الجمركية في المملكة في تطبيق نظام حماية التراث المخطوط في المملكة. وتضم المخطوطات مصاحف وكتبًا نسخت في قرون عدة، مما يحتفظ به الأفراد داخل المملكة. كما قامت المكتبة بتصوير أكثر من سبعين ألف مخطوطة أصلية تعود ملكيتها لجهات رسمية.
وأشار علي الصوينع أمين مكتبة الملك فهد الوطنية إلى أن مكتبة الملك فهد الوطنية تسعى من خلال نظام حماية التراث المخطوط إلى الحفاظ على أحد الروافد المهمة للمعرفة، وهي المخطوطات المتوفرة لدى الجهات الخاصة والحكومية والأفراد بإعطائها رقم تسجيل وشهادة مما يمكنهم من استعادتها عند الضياع أو السرقة أو التلف، مبينًا أن المكتبة تعمل حاليًا على مسح جميع المخطوطات الأصلية المتوفرة في المكتبات السعودية في مناطق المملكة كافة لتسجيلها وتصويرها وإيداع صورة رقمية منها في المكتبة، كما تقوم بتسليم الجهات المشاركة في المشروع نسخة إلكترونية مماثلة لما تم تصويره.
وتشتمل المكتبة الوطنية على مليون و100 ألف كتاب ب10 لغات، ومليوني وثيقة تاريخية، و24 ألف مسكوكة ذهبية وفضية وبرونزية من بداية العصور الإسلامية. هذا العدد الكبير من المقتنيات استدعى صدور قرار بإنشاء مبنى إضافي رصد له مبلغ 263 مليون ريال (70 مليون دولار) للمكتبة التي تشكّل معلمًا حضاريًّا وثقافيًّا في العاصمة، إذ تساهم التوسعة في استيعاب مزيد من المعلومات وتطوير أنظمة البحث وإتاحة أفضل السبل أمام الباحثين والباحثات.
وفي إحصائية صادرة عن المكتبة قدرت الخدمات المعلوماتية للباحثين والباحثات داخل وخارج السعودية عام 2003 بما يقارب 54500 ألف خدمة، بالإضافة إلى معدل المقتنيات البالغ 50 ألف كتاب سنويًّا، مما يكرس أهمية جمع الإنتاج الفكري والوطني المتزايد وحفظه وتوثيقه في مساحة أكبر من المساحة الحالية.
وتحتوي المقتنيات والمخطوطات على مليون و100 ألف كتاب بأكثر من 10 لغات، ومليوني وثيقة تاريخية للمملكة العربية السعودية، و70 ألف عنوان ل300 ألف مطبوعة من الإنتاج الفكري السعودي، وما يقارب 20 ألف مخطوط أصلي ومصور من نوادر الكتب والمخطوطات يعود أقدمها إلى أوائل القرن الرابع الهجري كالمصحف الشريف، و24000 مسكوكة ذهبية وفضية وبرونزية لعصور ما قبل الإسلام، ثم العصور الإسلامية إلى العهد السعودي حيث يتجاوز عدد الصور الموثقة لمراحل تأسيس المملكة 30 ألف صورة تاريخية نادرة، بالإضافة للمخطوطات الأصلية التي وثقت النواحي الاجتماعية والإدارية والاقتصادية في عهد الملك عبدالعزيز. ومن نوادر الكتب تقتني المكتبة بواكير الطبعات العربية التي نشرت في أوروبا والدول الإسلامية والعربية منذ أواخر القرن 16.
القرصنة السوداء
وحول أهمية المخطوطات يقول الدكتور عبدالرشيد حافظ مدير مركز النشر العلمي بجامعة الملك عبدالعزيز: تمثل المخطوطات أهمية كبيرة في حياة الأمم، باعتبار أنها تمثل تاريخ الأمة وتراثها، ومن هذا المنطلق فإنها تمثل مادة أساسية للدارسين في مجال التاريخ والآثار، وتسعى الحكومات والمؤسسات العلمية والبحثية للمحافظة عليها بكل الوسائل الممكنة، كما يتم تخصيص الميزانيات المجزية لاقتناء المخطوطات. وهناك مخطوطات لا تزال محفوظة لدى الأشخاص الذين يهتمون بها، ويخشى أن يساء استخدامها بعد وفاتهم، بحيث تصبح في يد من لا يقدر أهميتها وقيمتها، من هنا كان لزامًا على المؤسسات العلمية أن تجري بحثًا مكثّفًا للوصول إلى الأشخاص والأسر التي بحوزتها مثل تلك المخطوطات، والحصول عليها، والتي تتحمل المؤسسات العلمية والبحثية والمكتبات ومراكز المعلومات مسؤولية مباشرة للحفاظ على هذا التراث المهم ورعايته وصيانته بكل الوسائل الممكنة، كما تتطلب أن تتاح كل السبل للباحثين والدارسين للاستفادة من هذه المخطوطات في بحوثهم، وقد سهلت التقنية الحديثة إجراءات التعرف على المخطوطات والوصول إليه .
كما أن على تلك المؤسسات أن تعمل على توفير كل السبل التي تكفل المحافظة عليها من الضياع والتلف وسوء الاستخدام.
ويضيف حافظ: ومن المؤسف أن مخطوطات كثيرة تعرضت للضياع والتلف نتيجة الإهمال، أو سوء الحفظ أو التداول، حيث بالإضافة إلى التهديد الذي تتعرض له المخطوطات من قبل البشر، هناك مخاطر أخرى تتمثل في الأرضة والعثة، هناك أيضًا المخاطر البيئية التي تهدد المخطوطات، ومنها التلوث والغبار، إلى جانب التدخين والرطوبة والحرارة والضوء، ويراعى توفرها بنسب معتمدة عالميًّا، حيث إن زيادة الحرارة مثلا أو نقصانها عن حد معين يمكن أن يتسبب في تلف المخطوطة، كما يشمل سوء الاستخدام تناول الوثيقة بشدة، أو تقليب صفحاتها بعنف؛ لذا ينبغي حماية المخطوط من المخاطر الطبيعية والبشرية التي يمكن أن تتعرض لها، ويتطلب ذلك توفير البيئة الملائمة للحفظ والتخزين والتداول، كما لا يخفى وجود قراصنة تخصصوا في سرقة المخطوطات وبيعها في السوق السوداء، وكثيرًا ما تفاجأت بعض الدول أن هناك مخطوطات نفيسة تخصها تعرض في مكتبات ومراكز ومتاحف في دول أخرى، وتبدأ سلسلة إجراءات لاستعادتها فيما ساعد العلم الحديث على وجود إجراءات فنية وأساليب تقنية للحفاظ على المخطوطات، وعمل نسخ منها للتداول بحيث تبقى النسخة الأصلية محفوظة في مكان أمين، بينما تتاح النسخ المصورة للتداول والاستخدام.
ويتابع حافظ حديثه مضيفًا: لا شك أن صيانة المخطوطات تتطلب جهودًا كبيرة، كما تتطلب من القائمين عليها طول بال وسعة صدر، وربما تستغرق صيانة المخطوطة الواحدة أسابيع وشهورًا. فيما يتعلق بالأنظمة والقوانين، لا بد من وجود إجراءات قانونية فاعلة لحماية المخطوطات، وأن تفرض عقوبات صارمة لمن يسئ استخدامها، وأن تكون معلنة للجميع، يدركون من خلالها الأهمية التي تمثلها المخطوطات وما ينبغي الالتزام به للحفاظ عليها. أيضًا هناك حاجة ماسة إلى قيام اتفاقات وبرتوكولات تعاون بين الجامعات والمراكز البحثية لتداول المخطوطات والاستفادة منها وإتاحتها للباحثين والاستفادة من التجارب، بدلاً من أن تعمل كل جهة على حدة. وهناك جهات عديدة تتولى مسؤولية تجميع والحفاظ على المخطوطات وتوفيرها للباحثين في مقدمتها دارة الملك عبدالعزيز بالإضافة إلى مكتبة الملك فهد الوطنية ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة، والمكتبات الجامعية، والمكتبات الوقفية وغيرها، إلا أن المطلوب جهود أكبر لإبراز التراث المخطوط في المملكة وزيادة الوعي بالمخطوطات، وأهميتها، والمحافظة عليها، والعمل على توفير قاعدة بيانات توفر بيانات تفصيلية عن المخطوطات المتوفرة، لتسهيل الوصول إليها.
مخطوطات نادرة
ويشارك الدكتور عدنان الشريف عميد شؤون المكتبات بجامعة أم القرى بالقول: المخطوطات لها أهمية كبيرة جدًّا، فعلم الأمة وتاريخها مدون فيها، ومدون فيها الوحي وتفسيره، أحاديث النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وشروحها، وفقه الأمة، وعلم الأئمة وتاريخها، ولغتها، وغير ذلك وأمة بلا ذلك ليست أمة. ولا شك أننا ما زلنا حتى اليوم في حاجة ماسة إليها، بل إنه كلما تقدمت بنا السنين ازدادت حاجتنا وحاجة الأمة عامة إليها. لهذا فالحفاظ عليها يتعين ويعتبر من فروض الكفايات. ومن هذا المنطلق حظيت مكتبة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الجامعية بمجموعة جيدة من المخطوطات ضمن أقسامها ومن ضمن المخطوطات الموجودة في مكتبة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الجامعية: المخطوطات الأصلية وعددها الإجمالي 2963، إضافة إلى المخطوطات المصورة والتي تشمل على مخطوطات وزارة الأوقاف الكويتية وعددها الإجمالي (3606)، ومخطوطات المركز الهندي وعددها الإجمالي (3533)، والمخطوطات اليمنية وعددها الإجمالي 2072. أما عن مخطوطات الميكروفيلم فيبلغ عددها الإجمالي (1290).
ويمضي عدنان في حديثه مضيفًا: ومن اهتمامات عمادة شؤون المكتبات بجامعة أم القرى بهذه المخطوطات قامت بتكليف لجنة علمية متخصصة من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة لمعرفة قيمة المخطوط من الناحية العلمية وانتقائها بغرض شرائها أو التبادل أو الإهداء، وتأمينها للمكتبة للاستفادة منها من الباحثين والمستفيدين، ويتم تصويرها رقميًّا. كما أن عمادة شؤون المكتبات أوجدت معملاً يهتم بعناية المخطوط وسلامته والمحافظة عليه، وهو معمل الترميم والتعقيم، وقبل أيام تم تسليم عضو هيئة كبار العلماء د.عبد الوهاب أبوسليمان، مخطوطة مكية نادرة لأحد علماء مكة لا يوجد منها سوى نسخة وحيدة بعنوان (مجمع الرقائق شرح الطائي على كنز الدقائق) لجعفر أبواللبني، وهو أحد علماء مكة المكرمة، والذي عاش في بداية القرن الثالث عشر، بعد أن قام موظفي قسم الترميم والتعقيم بتعقيم المخطوط وإعادة ترقيمه وتنظيفه، وترميم كامل القطوع والتمزقات، ثم كبسه بالمكبس الحراري لإعادة المتانة والمرونة للورق وخياطة المخطوط وتجليده، بعد إنقاذه من التلف، واستغرقت عملية ترميم المخطوط ثلاثة أشهر. كما حظيت المخطوطات باهتمام كبير من مسؤولي الجامعة، وذلك خلال جولاتهم التفقدية لهذا القسم والاستماع إلى توجيهاتهم وملاحظاتهم من أجل إظهار هذا العمل بصورة متميزة، كما أبدوا سرورهم بما يحتوى هذا القسم من مخطوطات نادرة وقديمة جدًّا.
تضاؤل وتكامل
بينما يشير الباحث في نظم المعلومات وشؤون المكتبات الرقمية خالد طاشكندي إلى أن المخطوطات العربية بصفة عامة مصدر من المصادر الأساسية للتراث العربي في كافة المجالات الموضوعية التي تغطيها تلك المخطوطات، وهي فضلًا عن ذلك مصادر هوية ثقافية للأمة العربية ككل، ولكل دولة عربية تقتني بعضًا منها داخل حدودها؛ لهذا فإن المكتبات الوطنية ومكتبات الجامعات تحرص على اقتناء أكبر كمية منها، وتوفيرها للباحثين والمحققين، ولن يأتي ذلك إلا بإصدار الفهارس والكشافات وأدوات التوثيق لتلك المخطوطات، وصيانتها، وأعدادها، إما بصورتها الأصلية، أو بالنسخ التقنية (Microfilm، Microfiche)، وتوفيرها للراغبين من الباحثين؛ حيث إن ثمة اتجاهات في السابق كانت تسعى إلى إنشاء أقسام دراسية للمخطوطات، وهو اتجاه بدأه المستشرقون في بعض الجامعات الأوروبية، ثم انتقل تأثيره على الجامعات العربية في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، ولكن تأثيره تضاءل في الوقت الحالي مع المؤثرات التقنية التي وفرت مناخًا جيدًا وسهلاً لتداول النصوص المخطوطة بين العلماء، وتوفير نظم آلية للإدخال والحفظ والإتاحة الفورية عبر نظم الاتصال الآلي السريع. ومن هنا أخذت أقسام المخطوطات التابعة للمكتبات تحتل الأهمية الأكبر للتعامل مع مقتنياتها من المخطوطات.
3 آلاف مخطوط
ويشير عيدروس حامد العيدروس رئيس قسم المجموعات الخاصة، والتي تندرج تحتها المخطوطات بالمكتبة المركزية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة بأنه يتم جمع المخطوطات من خلال الطلاب أنفسهم؛ بحيث يتم الطلب من الطالب إحضار صورة لمخطوطة غير موجودة في الجامعة مقابل تصوير مخطوطة أصلية لدى المكتبة، لافتًا إلى أنه مؤخّرًا ومنذ ما يقارب الست سنوات لم تشتر الجامعة أي مخطوط، مشيرًا إلى أن بائعي المخطوطات كانوا يحضرون إلى الجامعة، ويعرضونها على عميد شؤون المكتبات، وبالتالي تتكون لجنة من أمين المخطوطات وقسم الإجراءات الفنية وبعض الأقسام داخل المكتبة ويقيمّون سعر المخطوطة، والتي تراوحت أسعارها ما بين ال 100 ريال و 60 ألف ريال.
وحول محتوى المخطوطات الموجودة في الجامعة يضيف العيدروس: أغلب المخطوطات بالجامعة تصب في التراث العمراني لمختلف العصور وفي شتى المجالات، وجزء منها من التراث العربي الإسلامي في مختلف فروع المعرفة البشرية، كما أن تصنيف المخطوطات في المكتبة المركزية بالجامعة ينقسم إلى 3 أقسام تمثل المخطوطات الورقية فيها 3216 مخطوطًا، مجموع المخطوطات الأصلية فيها 2585 فيما تمثل النسخ المصورة منها 631 نسخة إلى ما يزيد عن 2288 مخطوطة مصورة على الميكروفيش، فيما لم تتجاوز المخطوطات المصورة على الميكروفيلم ال71 مخطوطة، وأقدم مخطوط أصلي بعنوان «حلية الإبرار وشعائر الأخبار» للمؤلف يحيى النووي ويعود تاريخها إلى عام 803 ه، فيما كانت أقدم نسخة لمخطوطة مصورة نادرة عبارة عن نسخة مخطوطة للقرآن الكريم، ويعود تاريخ نسخها إلى 391ه .
تركيز الدارة على تراث الجزيرة
أما فيما يخص دارة الملك عبدالعزيز وما تحتويه من مخطوطات، فيقول مدير مركز المخطوطات بالدارة أيمن الحنين: “تركز الدارة على تراث الجزيرة العربية فقط بمختلف لغات العالم، ولا يتم تصوير المخطوطة إلا بثلاثة أمور: إما برسالة علمية أو بترقية أكاديمية أو عقد اتفاقية مع الدارة، أما الطرائق التي يتم بها جمع المخطوطة، فيتم ذلك من خلال طريقة الشراء المعتادة، وكذلك البحث عن الأوقاف المملوكة لأفراد وشرائها من ملاكها ونقلها إلى الدارة، إضافة إلى البحث عن المخطوطة عن طريق تناقل الأخبار عن ملاك المخطوطات والذهاب إلى الناس في منازلهم، وكذلك الذهاب إلى المدارس والمساجد، وأشير هنا إلى أن الدارة تخلصت من النسخ الورقية المصورة ولم تستبق إلا المخطوطات الأصلية؛ بحيث تم تحويل المخطوطات الأصلية مع الاحتفاظ بالمخطوطة الأصلية والمصورة إلى ديجيتال إضافة إلى احتفاظ بنسخة هارد ديسك في أحد البنوك المحلية إلى وجود نسخة احتياطية أخرى محفوظة في مكان ما”.
ويختم الحنين بقوله: “مما أذهلني خلال تجربتي في هذا المجال هو أن هناك شخصًا كان يمتلك أكثر من 11 ألف مخطوطة مصورة”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.