إن صمت العرب على تقسيم السودان أدى إلى نجاح المخططات الاستعمارية، وهاهي ذي مبادرة تجزئة ماهو مجزأ، تعمل بسخونة، فما زال النزاع قائما على الحدود بين السودان والدويلة الجنوبية السودانية، وقد تابعنا الحرب في مدينة هجليج التي تنتج 60 % من إنتاج النفط في السودان، وموقعها، كأحد الأسباب المنازع عليها، بينما نغرق نحن العرب في ظروف تتبع الربيع العربي ومجازر النظام السوري، وبلا شك دور مجلس الأمن من ذلك هو فرض عقوبة على جزأي السودان في حال استمرار النزاع، وهذا يعد موقفا يُضم إلى تاريخ مواقف المجلس تجاه الدول العربية التي لا تتعدى التصريحات، فطاولة الأولويات تعج بالمهمات المتعلقة بالمصالح الغربية لا أكثر من ذلك. والبينة هنا لا تحتاج إلى عناء فالمتابع لحقيقة هذه التقارير، يجد أن وجود الاضطرابات الداخلية والخارجية بين الدول العربية، تتناولها المؤسسات الحقوقية والأمنية بشكل مختلف عن الواقع المأمول، فليس السلام داخل الوطن العربي يعد ضمن بنودها أو من الأمور التي ترهق الجانب الغربي؛ لتجعل جل جهودها في البحث عن حلول تؤدي إلى هلاك مصالحها، ولا سيما أن اقتصادها في تذبذب – واعني اقتصاد الدول العظمى – ولا يمكن استقرارها إلا بإثارة الحروب والعداء بين الدول العربية، الذي من شأنه أن يدفع هذه الدول إلى شراء الأسلحة من بريطانيا وأمريكا وروسيا، فيصب في رفع اقتصاد الدول الغربية، وعلى سبيل المثال أصبحت مبيعات الأسلحة الأمريكية بقيمة 63 مليارا، عوضاً عما تمتصه من خلال عصابات العملاء الخونة في دول أحدثت بها الحروب؛ لتسهل مهمة النهب من ثروات العرب النفطية. فالتحليل لواقع السودان يكشف مآرب تراد بها، فكلنا يشهد ماوصلت إليه باعتبارها فريسة دسمة تكاتفت على تقسيم مخططه ثلاثة دول، لكل منها نصيب، وهي أمريكا وإسرائيل وفرنسا؛ لتكون السودان الشمالي، والدارفور الغربي، والجنوب المسيحي، فتضيع بذلك ملامح إحدى الدولة الإسلامية في إفريقيا لتتحول إلى دويلات ومؤسسات إنتاجيه ترفع من اقتصاد الدول العظمى، بغض النظر عن أهداف أخرى تتعلق بمعتقدات وأديان معادية للإسلام. وعلى منحى آخر فإن ثمة صيحات شعبية لم تجد لها أي صدى من الحكام العرب، الذين يفضلون الصمت إزاء الاعتراف بمستقبل المصطلحات المصنوعة لأهداف استراتيجية تتضمن المخططات الاستخباراتية، بمسميات ال cia و ال dgse والموساد، ولكن هؤلاء القادة قد يرونها «فلم أكشن» يستحق المتابعة مع «صحن مكسرات مملح» ما لم تحترق أجسادهم تحت الصواريخ والمجازر ويستيقظون متألمين ومدركين حجم الخطر المقبل.