القاهرة – سليمان سري السودان ودول أخرى كانت تقدم لنا مليون دولار شهرياً الخرطوم كانت تتولى تعيين وإقالة قيادات قوات المعارضة قال القيادي في المعارضة التشادية، عيسى محمد النور عبدالكريم، إن المعارضة ستستعيد نشاطها في محاولةٍ جديدة منها لإسقاط نظام الرئيس إدريس ديبي. وكشف عبدالكريم الملقب ب«الرهيب»، في حواره ل«الشرق»، أن الحكومة السودانية ودولا أخرى كانت ترصد لقوات المعارضة التشادية مليون دولار شهرياً بجانب دعم لوجستي بالسلاح والسيارات وذلك قبل المصالحة مع «ديبي»، مبدياً قناعته بأن التغيير في بلاده لن يتم إلا بالعمل العسكري، وإلى نص الحوار: * بعد المصالحة بين الخرطوم وإنجمينا، هل انتهى نشاطكم أم مازالت لديكم القدرة على إسقاط نظام الرئيس التشادي إدريس ديبي؟ - المعارضة لن تنتهي وستستعيد نشاطها مرة أخرى، لأن إحداث تغيير في تشاد غير مرتبط بنظام الخرطوم، فقد كان سبباً في شتات المعارضة بنشر قوات مشتركة على الشريط الحدودي بين إفريقيا الوسطي وتشاد لمنع نشاط المعارضين لنظام «ديبي»، وبالفعل قامت تلك القوات بملاحقة واعتقال مجموعات من قواتنا، نحن لدينا أحلام كبيرة للغاية والتغيير يمكن أن يتم من إفريقيا الوسطي أو من جنوب السودان أو من أوغندا وحتى من داخل تشاد نفسها وبمساندة الجماهير وإن كانت عملية التغيير في تشاد لاتتم أصلا إلا بالعمل العسكري. * لنعد إلى الوراء قليلا، حدثنا عن نشأة وتطور نشاط المعارضة التشادية؟ وما أسباب فشلها في إزالة النظام؟ -بدأت المعارضة التشادية المسلحة في 2005 بقيادة محمد نور عبدالكريم، وإن كانت قد بدأت نشاطها منذ التسعينات بقيادة يوسف توقومي من 1995 إلى 1997 وانتهى الأمر باغتياله في ليبيا بمؤامرة من الرئيسين الليبي معمر القذافي والتشادي إدريس ديبي، وبعدها كانت هناك معارضة من مجموعات صغيرة وجميعها فشلت وتلاشت إلى أن تأسست المعارضة الحديثة على يد القائد محمد نور الذي وجد قبولا من السودان وعدة دول أخرى، ونحن مجموعة كبيرة من عدة جبهات توحدنا في جبهة واحدة، نشاطنا بدأ قبل عام 2005 ولكن في هذا العام توفر الدعم لذلك يعتبر هو تاريخ انطلاق نشاط المعارضة، وأذكّر بأنه في إبريل 2008 تجمعت القوى العسكرية المشتركة للمعارضة في ثلاث جبهات رئيسية وتسلمنا العاصمة إنجمينا، مكثنا فيها خمسة أيام، ورغم استلامنا العاصمة وكل المؤسسات حتى الإذاعة باستثناء القصر الرئاسي والمطار إلا أن العملية فشلت لعدم اتفاق قادة الجبهات الثلاث على من يرأس الحكومة، عقدنا جلسة في البرلمان وتنازل عبدالواحد عبود عن المنافسة على الرئاسة، ولكن تنازله لم يحسم الخلاف بين تيمان أردمي ومحمد نوري، في تلك الأثناء أرسلت لنا فرنسا مندوبا لتحديد رئيس فقال (إن المرأة لايتزوجها رجلان) وطالب بسرعة الحسم، لكن فشلنا في التوصل في اتفاق وخرجت القوات من تشاد. * كم كان حجم الميزانية المرصودة لدعمكم، وهل كان من السودان فقط أم بمساهمة دول أخرى؟ - الميزانية بلغت ثلاثة مليارات جنيه سوداني شهرياً يعني تقريبا حوالى المليون دولار، الدعم كان بشكل مباشر من الحكومة السودانية ودول أخرى، أما الدعم اللوجستي فكان يتمثل في السلاح والسيارات وغيره حيث بلغ عدد السيارات التي تم تسليمها لنا أكثر من ألف من طراز (لاند كروزر)، وكان الدعم يصل من جهاز أمن الدولة السوداني عبر قسم التعاون الإقليمي الذي كان يتولى إدارته في تلك الفترة شخص يدعى أحمد الجريشابي، ونائبه كان أحمد إبراهيم المفضل الذي أصبح الآن مدير الأمن الاقتصادي، وكان من بين المتعاونين معنا في إدارة التعاون الإقليمي بالجهاز موسى الصادق، وشخص يدعى مبارك، وآخر يدعى الحوفي وكثيرون لا أذكر أسماءهم كانوا مسؤولين عن الدعم اللوجستي. * كم كان حجم القوات وأين كانت مواقع وجودها وانتشارها؟ - حجم القوات كان يتغير في كل مرحلة وأخرى، ففي عهد محمد نور كان عدد القوات حوالى سبعة آلاف جندي، وعدد السيارات ما بين 250 إلى 300 عربة، وفي فترة محمد نوري وصل عددها من 400 إلى 450، وفي فترة تيمان أردمني وصل عدد القوات ل 16 ألف جندي أما عدد العربات فوصل إلى 1050 كانت موزعة على أربع كتائب ثلاث منها تمتلك 300 عربة والكتيبة الأخيرة كانت ضعيفة تمتلك مائة وخمسين عربة تقريباً، لكننا فقدنا جزءا كبيرا من هذا الدعم في معركة واحدة في منطقة (أم دم) على الرغم من قوة التحالف، وبالنسبة لمواقع انتشار القوات نحن كنا على شريط حدودي مع السودان يمتد بمساحة (500) كلم من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال من الجنينة بغرب دارفور مروراً بأم دخن بجنوب دارفور ثم منطقة خور برنقا وهبيلة. * هل شعُرتم أن الحكومة السودانية لم تكن جادة في إزالة نظام ديبي؟ أم أنها كانت تستخدمكم كورقة ضغط متى ما أرادت تهديد الأمن في تشاد؟ - الحكومة السودانية كانت جادة وكانت لديها نية في إسقاط نظام ديبي الذي يؤوي الحركات المسلحة في دارفور، وهي لدى الخرطوم عدو رئيسي متمثل في حركة العدل والمساواة برئاسة خليل إبراهيم وكانت تريد التخلص منه، ونحن تم دعمنا لنكون في مقابل «العدل والمساواة» وبمثابة ورقة ضغط على إدريس ديبي من أجل التخلي عن دعمه لإبراهيم، لكن المشكلة كانت في عدم اتفاق الجبهات التشادية المعارضة فيما بينها، فمن يتم اختياره من قِبَل الحكومة السودانية كقائد للمعارضة التشادية لم يكن يحظى بإجماع من معظم الجبهات وكان غير متفق عليه، الحكومة السودانية كانت تقدم قيادات غير مقبولة وغير مؤهلة عسكرياً، لكن قيادات المعارضة كانت مجبرة على قبول القائد الذي يتم اختياره أيا كان، فالتغيير لا يحدث بسهولة، والخرطوم كانت هي المسؤولة عن تعيين وإقالة القادة وهو ما شكل أحد عناصر انهيار المعارضة التشادية.