أعلنت الدوحة أمس أنها ستستضيف الأربعاء المقبل جولة جديدة من المحادثات بين الحكومة السودانية و «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور، تزامناً مع مؤتمر يجمع مبعوثي الولاياتالمتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا وروسيا إلى السودان وممثلي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن «لدعم عملية السلام» في الإقليم. وأجرى وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري أحمد بن عبدالله آل محمود محادثات مع الرئيس السوداني عمر البشير ومستشاره غازي صلاح الدين ووزير التعاون الدولي التجاني فضيل ركزت على تسريع تسوية أزمة دارفور وعقد مصالحة جديدة بين السودان وتشاد لإنهاء التوتر بين الجارين المتخاصمين. وانتقل آل محمود من الخرطوم إلى العاصمة التشادية نجامينا لإجراء محادثات مماثلة. وعلمت «الحياة» أن قطر وليبيا تسعيان إلى جمع البشير ونظيره التشادي إدريس ديبي في طرابلس على هامش قمة زعماء دول تجمع الساحل والصحراء التي تعقد هناك الخميس المقبل، في أعقاب انهيار اتفاق الدوحة بين الخرطوم ونجامينا بعد يومين من توقيعه إثر هجوم للمعارضة التشادية اتُهم السودان بالوقوف خلفه. وقال الوزير القطري للصحافيين في الخرطوم أمس، إن الدوحة ستستضيف في 27 أيار (مايو) الجاري جولة جديدة من المحادثات بين الحكومة السودانية و «العدل والمساواة»، موضحاً أنه نقل رسالة من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى البشير، وانه في طريقه إلى نجامينا حاملاً رسالة مماثلة إلى الرئيس ديبي لاصلاح العلاقات السودانية - التشادية. وأضاف أن الدوحة تعد لاستضافة مبعوثي الولاياتالمتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا وروسيا، إضافة إلى السودان وممثلي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الأربعاء المقبل أيضاً «لدعم عملية السلام في دارفور». وأكّد الناطق باسم «العدل والمساواة» أحمد حسين آدم استعداد حركته للمشاركة في جولة المفاوضات الجديدة مع الحكومة، لكنه شدد على ضرورة تحقيق اختراق في تنفيذ «اتفاق حُسن النيات» الموقع في شباط (فبراير) الماضي. واعتبر تطبيق الاتفاق قضية مفتاحية لنجاح المفاوضات. وقال إنّ الاجتماع سيشارك فيه ممثلو الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى جانب المبعوثين الدوليين إلى السودان، وسيناقش «توفير الدعم لإنجاح منبر الدوحة». وفي سياق متصل، قال وكيل وزارة الخارجية السودانية بالوكالة السفير علي يوسف ل «الحياة» إن جولة المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن التي بدأها أول من أمس وتشمل الصين وفرنسا وبريطانيا والدوحة هدفها «إيجاد آلية لتحقيق وقف إطلاق نار شامل في دارفور لمدة ثلاثة شهور». ورأى أن ذلك في حال تحقق «سيمثل خطوة عملية في اتجاه تطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن»، كما «سيخلق أرضية ثابتة لتوقيع اتفاق إطار يضع أزمة دارفور على أبواب الحل». لكنه شدد على أن حكومته لن تقبل بأي اقتراح لنشر قوات دولية على حدودها مع تشاد، باعتبار أن هناك اتفاقاً موقعاً بين الطرفين في وقت سابق ينص على نشر قوات مراقبة على حدودهما. ورأى أن «تفعيل الاتفاق أجدى من أي اتفاق جديد». لكن وكالة «رويترز» نقلت أمس عن القيادي البارز في «العدل والمساواة» سليمان صندل ومصادر في الأممالمتحدة، أن طائرات سودانية تقصف مواقع الحركة في غارات يومية. وتوقع صندل اشتباكاً جديداً مع القوات الحكومية. وأكدت الحركة أنها كابدت غارات منتظمة منذ استولت على بلدة كورنوي الأسبوع الماضي في ولاية شمال دارفور التي شهدت تصاعد القتال أخيراً. وقالت مصادر في الأممالمتحدة إنها تلقت تقارير غير مؤكدة عن هجمات جوية في أراض تحيط ببلدات تينا وكورنوي وام بارو وكلها تقع على الطريق الرئيسة المؤدية إلى الشمال الغربي نحو نقطة العبور إلى تشاد. وقال صندل إن القادة التابعين له «سمعوا أن قوات الحكومة تتوجه نحوهم من الفاشر عاصمة شمال دارفور». وأضاف أن «هناك قتالاً جديداً وشيكاً، لكننا مستعدون لكل ما يستجد». من جهة أخرى، اتهم مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع دولاً أوروبية لم يسمها ب «وضع سيناريو» تسعى إلى تنفيذه «عبر أحزاب معارضة» لتغيير نظام البشير قبل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة العام المقبل. وطالب، خلال مخاطبته لقاء مع مؤيدي حزبه في الخرطوم، المعارضة بعدم «الانسياق وراء مؤمرات تحيكها قوي أوروبية لإرجاء الانتخابات». وقال: «هناك سيناريو نرصده ترسمه دول أوروبية لقطع الطريق أمام الانتخابات». واتهم زعماء أحزاب ب «زيارة الدول الأوروبية الضالعة في الخطط بغرض تنفيذ سيناريو لتغيير الحكومة قبل الانتخابات». وأكد أن تغيير نظام الحكم بعيداً عن الانتخابات «مستحيل». وقال: «من يعتبرون غير ذلك موهومون»، كما رأى أن «التفكير في تشكيل حكومة قومية أو انتقالية بديلاً للنظام القائم في الوقت الراهن غير وارد». وأشار إلى «فشل مخططات سابقة لتصفية حكم البشير عبر اتفاقات السلام»، وحمل في شدة على المعارضين، ووصفهم بأنهم «تحالف موهومين يجيدون التسكع في الفنادق وتمرير أجندة تخدم الأمن القومي للدول العظمى». وأشار إلى أن «بيوت خبرة عالمية ومؤسسات دولية أعدت دراسات قالت إن حزب المؤتمر الوطني (الحاكم) لن يخسر الانتخابات المقبلة، بل سيكرس وجوده في السلطة... ونحن سعداء بالتفكير الغربي الغبي الذي كان يعتقد أن التوقيع على اتفاقات السلام سيزيل نظام الحكم عبر الانتخابات». وانتقد في شدة حلفاء حزبه في «الحركة الشعبية لتحرير السودان» لتشكيكهم في نتائج التعداد السكاني. وقال إنهم «شاركوا في إجراءاته الفنية»، معتبراً التشكيك في صحة التعداد «محاولة لتعطيل الانتخابات... هذا منهج مرفوض». ووصف المشككين بأنهم «ينعقون بما لا يعلمون»، ورأى ان حديثهم «دليل على عدم استعدادهم للانتخابات».