تبادلت حركة النهضة الإسلامية في تونس الاتهامات مع تيار السلفية الجهادية حول حادثة اقتحام السفارة الأمريكية في العاصمة التونسية في ال 14 من سبتمبر الجاري على خلفية احتجاجاتٍ ضد الفيلم المسيء للإسلام. في الوقت ذاته، قررت السلطات التونسية منع تظاهرات كانت مقررة أن تخرج أمس، في أنحاء مختلفة من البلاد، احتجاجا على رسومٍ كاريكاتورية مسيئة للرسول الكريم نُشِرَت في مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية الأربعاء الماضي. وقالت وزارة الداخلية، في بيانٍ لها أمس الأول: إنه توفر لديها معلومات عن وجود نوايا لدى البعض لاستغلال التظاهرات والقيام بأعمال عنف وتخريب، لذا قررت منع مسيرات يوم الجمعة، استنادا إلى حالة الطوارئ، وحفاظاً على سلامة المواطنين والأمن العام، داعيةً مكونات المجتمع المدني إلى التفهم والالتزام التام بهذا القرار. ودفعت السلطات التونسية منذ يوم الخميس، بتعزيزات أمنية كبيرة أمام السفارة والقنصلية والمدارس الفرنسية، وسفارات دول غربية أخرى تحسبا من استهدافها بهجمات. ونبهت وزارة الداخلية إلى أنه «سيتم التعامل مع كل الأشخاص الذين سيخالفون هذا القرار وفقا لما تخوّله حالة الطوارئ وأحكام القانون المتعلق بالاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات والتجمهر»، ويعطي هذا القانون الشرطة صلاحية إطلاق النار على المشاركين في التظاهرات غير المرخص لها. وفي السياق ذاته، دعت وزارة الشؤون الدينية التونسية إلى مقاضاة أسبوعيّة «شارلي هيبدو» الفرنسية التي نشرت الأربعاء رسوماً كاريكاتورية مسيئة للرسول، وطالبت ب «وضع قانون وطني ودولي يحمي المقدسات الإسلامية وغيرها، ويدين المعتدي عليها مهما كانت جنسيته وصفته». وأعربت الوزارة في بيانٍ لها عن «استنكارها الشديد لهذه الرسوم المذمومة» واعتبرتها «فعلا إجراميا واستفزازا مقصودا لمشاعر المسلمين وإساءة متعمدة تهدف إلى إرباك مسار الإصلاح والبناء فى إطار الربيع العربي والثورات المباركة». وقالت: «هذه الإساءة جزء من مخطط مفضوح، وحيل مكشوفة تعمل على تفويت الفرصة على الشعوب الإسلامية من أجل استعادة دورها الحضاري في تحقيق الأخلاق والكرامة والعدالة والتعايش السلمي في العالم». وفيما أجمع مراقبون على أن العلاقة بين حركة النهضة الإسلامية الحاكمة والتيار السلفي في تونس ستتأثر كثيرا جرّاء الأحداث الأخيرة، قال زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي: إن السلفية الجهادية تشكل «خطرا» على تونس. ودعا الدولة التونسية إلى اعتماد الحزم بعد الهجوم على السفارة الأمريكية في تونس الذي أسفر عن سقوط أربعة قتلى وعشرات الجرحى. وقال الغنوشي، في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية: «في كل مرة تتجاوز فيها أحزاب أو مجموعات بطريقة واضحة الحرية. يجب اعتماد الحزم والإصرار على فرض النظام». مضيفا: «هؤلاء الناس يشكلون خطرا ليس فقط على النهضة وإنما على الحريات العامة في البلاد وعلى أمنها». في المقابل، اتهم أبو عياض، أحد أبرز زعماء ما يعرف ب «السلفية الجهادية» في تونس، السلطات التونسية وحركة النهضة بتعمد إخلاء قوات الأمن من محيط السفارة الأمريكية يوم الجمعة قبل الماضية، الأمر الذي تسبب في اقتحامها، واعتبر أبو عياض أن ذلك يندرج في إطار فخٍ نصبته حركة النهضة للسلفيين من أجل عزلهم وضربهم.