شهدت العاصمة التونسية أمس اغلاقاً تاماً لبعض الطرقات الرئيسة في وسط المدينة ومنها جادة بورقيبة، الشريان الرئيس الذي يربط الاحياء ببعضها، بناء على قرار لوزارة الداخلية يقضي ب «منع التظاهر بكافة أشكاله». وجاء ذلك كاجراء احترازي لمنع تكرار سيناريو الاحتجاجات على الفيلم الاميركي المسيء للإسلام مع نشر صحيفة «شارلي ايبدو» الفرنسية لرسوم كاريكاتورية مسيئة ايضاً. ولم يجد كثيراً أن بعث بعض قياديي التيار السلفي رسائل اطمئنان بأنهم «لن يتظاهروا» ضد تلك الرسوم، في خطوة مفاجئة بدورها ناقضت التوقعات بعد موجة الغضب التي خرجوا بها يوم الجمعة الماضي أمام السفارة الأميركية وأسفرت عن مقتل 4 وجرح أكثر من 47 من المتظاهرين ورجال الشرطة على السواء. وكانت السفارة الفرنسية سارعت ايضاً إلى إصدار بيان يندد بالرسوم وتوقيت نشرها، لكن المخاوف من اعتداء محتمل عليها وعلى مركزها الثقافي ومدارسها بقيت على حالها، فأغلقت السفارة والمركز و20 مدرسة لأسبوع كامل كما اتخذت اجراءات امنية مشددة في محيطها واغلقت الطرق المؤدية اليها. إلى ذلك، فشلت قوات الأمن للمرة الثانية في أقل من اسبوع في اعتقال القيادي في تيار السلفية الجهادية سيف الله بن حسين المعروف باسم «أبو عياض»، والمتهم بالتحريض على أحداث السفارة الاميركية بعدما حاصرته الاثنين الماضي بوحدات من الجيش وقوات مكافحة الإرهاب في جامع «الفتح» وسط العاصمة حيث ألقى خطبة في المصلين. ومعروف ان جامع «الفتح» الذي يبعد خطوات عن المركز الثقافي الفرنسي، بات قبلة المصلين من التيارات السلفية وهو تابع مباشرة لوزير الشؤون الدينية نور الدين الخادمي (من تيار النهضة) والذي كان إمامه قبل تنصيبه وزيراً. ويرى منتقدون أن الاجراءات الأمنية التي اتخذت أمس من أجل حماية السفارة الفرنسية كان يفترض أن تتخذ الاسبوع الماضي لحماية السفارة الأميركية والمدرسة التابعة لها والتي تعرضت للنهب وتكسير محتوياتها. ف «أبو عياض» لم يتوان عن الظهور علناً في تشييع أحد قتلى التظاهرة وإمامة المصلين في مسجد «الفتح» لكن قوات الامن لم تقتحم المكان ولم تلق القبض عليه حين اتيح لها ذلك، فيما تكتفي باتهامه في وسائل الاعلام.