طالب قانونيون بضرورة إجراء دراسة جديدة لتعديل مواد نظام الإجراءات الجزائية، وذلك لحماية المتهم والحفاظ على حقوقه، وأبدوا عدم رضاهم عن كافة الفقرات التي أجري عليها التعديل أو المواد التي خضعت لإضافة، رافضين تمديد مدد التوقيف وجعلها تخضع لسلطة تقديرية مطالبين بوضع أصل لها وهو أن لا تتجاوز المدة ثلاثة أشهر ويكون التمديد استثناء من القاعدة، وكذلك إعادة الإجماع في قضايا القتل تعزيرا لما في الإجماع من حقن لدماء المسلمين ووفقاً لتوصية الشريعة الإسلامية بدرء الحد بالشبهة. حضور التحقيق عبدالعزيز الزامل وأوضح المحامي والمستشار القانوني عبدالعزيز الزامل أن التعديل الذي أجري على نظام الإجراءات الجزائية أصاب في بعض المواد وأخطأ في بعضها وغفل عن أخرى، وأضاف “من المواد التي أجري التعديل عليها وصبت في مصلحة المتهم إضافة فقرة في المادة 69، التي تقضي بتمكين وكيل المتهم أو محاميه من الحضور في إجراءات التحقيق”، وبيّن الزامل أن إضافة هذه الفقرة كفلت حق الدفاع للمتهم. توكيل فوري وأضاف الزامل “أن النظام غفل عن التطرق لتكملة ما أضيف للمادة 69 حيث إن النظام يقضي بحضور كاتب العدل لدور التوقيف في يوم مخصص لإعداد صيغ الوكالات للسجناء مما يترتب عليه تأخير الوكالة، وعدم حضور المحامي أو الوكيل لجلسات المتهم منذ البداية”. وزاد الزامل “أن الأصل في المحقق أنه هو قاضي تحقيق ما يتطلب معه عدم إدلاء المتهم بأي معلومات إلا بحضور الوكيل الشرعي أو المحامي عنه، ولكن عدم تمكين المتهم من إعداد توكيل فوري للمحامي يعيق حضور المحامي للترافع عنه في هيئة التحقيق والادعاء العام”. القتل تعزيرا وطالب الزامل بإعادة الإجماع في قضايا القتل تعزيرا ولما في الإجماع من حقن لدماء المسلمين ووفقاً لتوصية الشريعة الإسلامية بدرء الحد بالشبهة، حيث كان إصدار هذه الأحكام يمر على 13 قاضيا يجمعون عليها، ولكن التعديل على النظام عمل على إلغاء الإجماع وأيد تعديل مجلس الوزراء لحذف “إجماع” قضاة المحكمة العليا، بتأييده عقوبة القتل تعزيرا ونصت المادة على “الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف أو المؤيدة منها بالقتل أو الرجم أو القطع أو القصاص في النفس أو ما دونها لا تكون نهائية إلا بتأييد المحكمة العليا”. مدة التقاضي وقال الزامل “إن نظام الإجراءات الجزائية لم يتطرق إلى مدة التقاضي رغم الحاجة إلى سرعة البت وخاصة أن مدد التوقيف محددة بموجب المادة 14 بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية الذي قد يؤدي إلى إطالة إجراءات المحاكمة ويبقى السجين موقوفا وقد يصدر الحكم بأقل من مدة التوقيف. مبيناً أن النظام بعد التعديل لم يتطرق بشكل واضح بالدفع ببطلان الإجراءات التي تقام على التهم كأن يشوب الإجراء عيوب كتفتيش المساكن بدون مذكرة إذن من جهة مسؤولة أو مراقبة الهواتف بدون أمر مسبب ومحدد المدة أو غير ذلك، الذي قد ينتج عنه بطلان الدعوى التي بنيت على هذا الإجراء الباطل. النظام الأساسي المحامي طه الحاجي وقال المحامي طه الحاجي إن الحرية كفلها النظام الأساسي للحكم وبموجب المواثيق والأعراف الدولية فإن أي إجراء يمس بها يجب أن يحاط بضمانات كافية لكي يمارس بشكل يضمن توازناً بين مصلحة المجتمع في الوصول إلى الحقيقة وعقاب المجرم وبين حرية الفرد. لذلك لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تقييد حريته إلا وفقاً لأحكام النظام، وبما أن التوقيف يصدر ضد شخص يفترض فيه البراءة ولم تثبت إدانته بعد، ويعتبر حبسه إجراءً استثنائياً ومؤقتاً يسلب حرية الإنسان تقتضيه إجراءات ومصلحة التحقيق فإنه يتعين عدم التوسع في استخدامه ويجب تضيق نطاقه لا كما يقترح مشروع التعديل المطروح الآن، وينبغي إحاطته بالقيود اللازمة بما يحقق أهدافه دون تحويله إلى عقوبة بحد ذاته. العرف الدولي وأضاف الحاجي “في الوقت الذي يرى فيه الناس أن مدة الستة أشهر مدة طويلة فإنهم كانوا يأملون بأن تتقيد السلطات بهذه المدة على أقل تقدير، في حين يرى بعض القانونيين والحقوقيين أن هذه المدة طويلة جدا وغير مبررة، بحيث يرون أنه يجب مواءمة هذه الإجراءات مع الأعراف الدولية باعتبار أن مدة التوقيف لا تتناسب مع معايير المحاكمة العادلة التي تقتضي أن تكون المحاكمة بأسرع وقت ممكن، وهذا الرأي هو ما أشارت إليه اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأممالمتحدة التي ذكرت “أن الفاصل الزمني بين لحظة توقيف متهم واللحظة التي يقدم فيها لسلطة القضاء لا ينبغي أن تتجاوز أياما قليلة”. لذا فإنه كان حري بمشروع التعديل تصحيح النظام بما يتناسب مع حفظ حقوق الإنسان والتناسب مع القوانين الدولية، بما لا يخالف الشريعة الإسلامية، وكان من المفترض أن يكون التعديل المقترح يتناسب مع حركة إصلاح وتطوير القضاء. إجراء استثنائي وطالب الحاجي بأن يكون التوقيف إجراءً استثنائياً باعتبار أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته؛ لذا لا يمكن التوسع في الاستثناءات، ويجب مواءمة النظام مع معايير المحاكمة العادلة في سرعة الإنجاز ومع القوانين الدولية. مصلحة المجتمع خالد الفاخري وبيّن عضو جمعية حقوق الإنسان والمستشار القانوني خالد الفاخري، أن التعديلات التي وردت على نظام الإجراءات الجزائية صبت في مصلحة المجتمع، وهدفت إلى القضاء على الفساد حتى في إلغاء شرط الإجماع لأنه بوجوبه قد تتعطل الأحكام بسبب رفض أحد القضاة الحكم الذي اتفق عليه الأغلبية. ويرى الفاخري أنه كان يفترض وضع آلية وضوابط للمدد النظامية ومن ثم وضع الاستثناء الذي أُقر في المادة الرابعة بعد المائة، ليتاح للمحكمة المختصة في الحالات الاستثنائية الموافقة على طلب مدّ التوقيف لمدة أطول أو لمدد متعاقبة بحسب ما تراه وأن تصدر أمراً قضائياً مسبباً في ذلك، ولا يجعل تحديد المدة تخضع لاجتهادات شخصية وذلك للإسراع في المحاكمة إذا لم تكن القضية المنظورة تحتاج مزيداً من الوقت، وتحتاج المسألة إلى إشراف قضائي على السلطة تمارسها هيئة التحقيق والادعاء العام. لائحة تنفيذية وقال الفاخري “ينبغي وضع مادة تؤكد على عدم انعقاد الجلسة إلا بحضور محامٍ أو وكيل عن المتهم، أو يقر المتهم أمام القاضي بأنه لا يرغب في تعيين محامٍ عنه، للتأكيد على حق المتهم في تعيين محامٍ يترافع عنه في القضية، ويجب إلزام الجهات المعنية بما ورد في النظام لتحقيق العدالة”. ودعا الفاخري إلى ضرورة الإسراع في إصدار اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية لأن المواد عامة ويدخل فيها الاجتهادات الشخصية التي قد ينتج عنها إخلال بالضمانات، وقال الفاخري: لتحقيق الضمانات والحقوق التي احتوى عليها نظام الإجراءات الجزائية يتطلب تقنين أحكام القواعد تطبيقاً لما جاء في المادة 38 من النظام الأساسي التي تقضي بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. نظام وضعي الشيخ محمد الجيراني وأكد قاضي دائرة الأوقاف التابعة لوزارة العدل في محافظة القطيف محمد الجيراني أن كل نظام وضعي يجب مراجعته بشكل دوري لجعله يتوافق مع الظروف والأوضاع ولسد الثغرات التي قد تصاحب النظام كونه نظاماً وضعياً، وذلك لحفظ المصلحة العامة، واتفق الجيراني على إلغاء الإجماع بقوله إن الأمر يحتاج إلى الشورى والأخذ برأي الأكثرية وليس للإجماع لضمان المصلحة العامة. ويرى الجيراني ضرورة سن لجان اجتماعية ترافق المتهم طيلة فترة توقيفه لأن الهدف من السجن هو الإصلاح لا التعسف، ولما في هذه اللجان من خلق حلقة تواصل قد ترافقه عند خروجه وتمنع عنه الخوف من نظرة المجتمع. ثلاثة أشهر كافية عبد الرحمن الهجيان وأكد عضو مجلس الشورى عبدالرحمن الهجيان أنه مع الرأي الذي بجعل الأصل في الإيقاف ثلاثة أشهر وليس ستة أشهر لأن الحالات الاستثنائية لها ضوابط أخرى، ولا يمكن أن يكون توقيف شخص لمدة تسعين يوماً في الحالات العادية مدة غير كافية، ويمكن أن يطلب المتهم قبل مضي هذه المدة بل ومن أول أيام توقيفه في الحالات البسيطة، وأكد أن هذا الاقتراح لم يكن مقدماً من جهات أمنية بل خضع لعدد من الدراسات عن عدة جهات وفي مراحل متعددة. تعطيل المجتمع وأضاف الهجيان “عند وصول قضية المتهم إلى المحكمة العليا يكون قد تمت إدانته من قبل المحكمة الابتدائية والاستئناف وأجمعوا على عقوبته، لذلك لا يلزم الإجماع في المحكمة العليا بل يكتفى برأي الأغلبية لأنه لا يمكن تعطيل مصلحة المجتمع لرفض شخص واحد ما اتفق عليه الأغلبية”، ويتوقع الهجيان أن التعديلات التي أجريت على نظام الإجراءات الجزائية ستحظى بالموافقة.