جلس الأب والابن لتناول العشاء معاً. قال الأب للابن: - ما أخبار الوحوش؟ ردّ عليه الابن: - لن تقترب مني ما دمت أملك هذه الأظافر. ضحك الأب قليلاً، ثم قال: - بعد العشاء، سنجلس أنا وإياك كي نستذكر الدروس. قال الابن: - لا أستطيع. سأل الأب: - لماذا؟ أجاب الابن: - لأنني بعد العشاء أستمع إلى حكاية جدتي، ثم أذهب إلى النوم قال له الأب: - جدتك لا تعرف القراءة والكتابة. دعنا نجلس سوياً كي نراجع دروسك ثم اذهب إلى النوم بعد ذلك. بعد أن أفاق الابن من نومه في الصباح، ذهب إلى غرفة الأب. طرق الباب، فخرج الأب، وسأل ابنه مستغرباً. - ما بك يا بني؟! بادره الابن بسؤال آخر: - لماذا منعتني من الاستماع لحكاية جدتي ليلة البارحة؟! لم يفكر الأب أن ابنه سيسأله هذا السؤال حكّ رأسه بإصبعه، ثم قال: - كنت أريد أن أحميك من الوحوش التي تزورك كل ليلة حدّق الابن في وجه أبيه قبل أن يسأله: - وهل حكايات جدتي هي التي تجلب لي الوحوش؟! ابتسم الأب: - أظن ذلك وتابع قائلاً: - لكن إياك أن تقول لها ذلك، إياك. قال الابن: - وماذا لو سألتني هي؟؟ فكّر الأب قليلاً، ثم أجاب: - قل لها أنني مللت من حكايات الغول الذي يهاجم الأطفال والوحوش المفترسة التي تأكل الصغار وهم أحياء، اطلب منها حكايات جديدة، لا غول فيها ولا وحوش. قاطع الابن أباه: - وحين تقول لي جدتي أي حكايات تريد؟ّ ماذا أقول لها؟! عاد الأب لحكّ رأسه. - لن ألقنك ماذا تقول؟! اطلب منها أن تروي لك الحكايات التي تحب. أخذ الابن يوجه الكلام لأبيه وكأنه جدته: - يا جدتي أنا أحب أن تروي لي حكاية قبل النوم، لكن أرجوك اختاري واحدةً لا غول فيها ولا وحوش. ردّ الأب عليه مبتسماً ومقلداً صوت الجدّة: - ولماذا لا تحب هذه الحكايات يا حفيدي العزيز؟! أجاب الابن: - لأنها تهاجمني بعد أن أنام، وأصير أدافع عن نفسي بأظافري الطويلة هذه. وشدّ الابن أصابعه وظهرت أظافره كأنها مخالب. أكمل الأب دور الجدّة. - يا إلهي. إن أظافرك مخيفة يا حفيدي، إنها فعلاً مخيفة، أعدك أنني لن أروي لك هذه الحكايات. سأل الإبن: - وعد يا جدتي؟! أجاب الأب: - وعد يا صغيري، ولكن أتعدني أنت أيضاً أن تقص أظافرك؟! أجاب الابن: - وعد. حضن الأب ابنه بسعادة غامرة، وأخذا يضحكان طويلاً. كانت الجدة تراقب من خلف بابها، ما دار بين ابنها وحفيدها. كانت تراقبهما وتبتسم.