طريق النحل لم يعرف خالد أين يذهب لذلك ذهب إلى بيت صالح الذي أعطاه صاحب المحل إجازة ليومين نظراً لأن صالح كان بحاجه للراحة . وقام بمناداة صالح , خرج صالح إليه وقاموا بالحديث مطولاً ,كان خالد يحب الحديث مع صالح وكان يشكي له كل همومه . صالح قال (( لازم تنتبه أن لو مشعل ولا محمد عرفوا راح تخسرهم )) (( شسوي يعني , أنا ما قعد أضحك عليها , يعني ليش مو مصدق أني أحبها )) (( مصدقك , بس أنت مو راضي تفهم إننا مو عايشين بأمريكا , وما في أحد يرضى على أخته )) سكت صالح قليلاً ثم قال (( أنت ترضى على أختك )) كان خالد متردد ولكنه قالها بخجل (( لا ما أرضى , بس لا تنسى أنك من فتره أنت اللي اقترحت علي أني أراسلها ولا نسيت )) (( كنت ما أفهم بس الحين قمت أفهم , وفي شي ثاني , مو المفروض تهمل دراستك وتهرب من المدرسة )) أحس خالد بالندم والخوف أيضاً على نفسه من أن الحب يجرفه إلى طريق الهلاك من دون أن يعي (( خلاص أخر مره راح اهرب من المدرسة )) فرح صالح بما قاله له خالد وقال وقد كان يقول تلك الكلمات بحرقة (( أنا أبيكم تحققون اللي أنا ما قدرت أحققه)) أثرت هذه الكلمات جداً بخالد لذلك قال (( أنت صدقني راح يكون لك أحسن مستقبل )) بينما طال الحديث شعر صالح بالجوع لذلك أراد أن يرافقه خالد للجمعية ليشتري بعض المشتريات وبينما كان صالح مندمج بشراء أغراضه , وجد خالد عمر الذي كان مختفي منذ ذلك الوقت , فكان يمسك صالح بقوه ويقول (( مو هذا عمر )) نظر صالح لعمر فترك كل ما كان يريد شراءه وقام بمراقبة عمر دون أن يحس عليه , عندما خرج عمر من الجمعية لحقه صالح وخالد وجعلوه يتوقف بعد أن ابتعدوا عن الجمعية , كان عمر خائفاً جداً ولكنه كان يكابر لذلك حاول الهرب ولكن خالد لحقه وأمسك به وقاموا بضربه حتى قام عمر بالبكاء والصراخ وهو يقول (( والله لا أوريكم والله لا تندمون )) فر خالد وصالح وقد كانوا يضحكون وقد أحسوا بأنهم انتقموا لما فعله بصالح ولكن لسوء حظ خالد كان جد خالد يخرج من المصبغة المجاورة للجمعية وقد كان يخرج ملابسه وملابس خالد من المصبغة , وقد رأى خالد وهو يضرب عمر ثم هرب , ولكنه ذهب للمنزل وقال للجدة عما رآه , كان الاثنان غاضبان لذلك استنوا حتى عودت خالد وواجهوه بما رأى جده . بالبداية حاول خالد الإنكار ولكنه أخيراً استسلم للأمر الواقع وأخبرهم بالحقيقة وكيف أنه كان يريد الدفاع عن صديقه غير أنه لم يذكر سبب غيابه الحقيقي . قالت الجدة (( الصداقة أنك تعلم صديقك غلطه مو أنك تعاونه على الغلط )) لم يقتنع خالد بذلك القول فقال (( يعني اللي يدافع عن نفسه غلط )) (( أكيد لا , بس اللي يتكاثر على الناس ويضربهم هذا هو الغلط , و أنت المفروض ما تعالج الغلط بالغلط , ولازم تعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان متسامح وصبور ليش ما تحاول تقتدي بالرسول , وصدقني تأكد أن الله ما يضيع حق أحد يعني لو تركتوا هذا الولد بحاله راح تلقى أن حقك راح يوصل لعندكم )) كانت كل تلك الكلمات لم تقنع خالد ولكنه أيضاً أحس بقرار نفسه أنه أرتكب خطأ فادحاً (( خلاص ما راح أعيدها )) ظن خالد أن الآمر انتهى بتلك الكلمات ولكن الآمر لم يكن كذلك لأن الجدة قالت وقد كانت حازمة في كلامها (( بس ما لازم تنسى أنك معاقب اليوم لأنك هربت من المدرسة )) عوقب خالد من ذلك اليوم وكان عقابه الذي دام لمدة أسبوع وهو أنه ممنوع أن يخرج من المنزل وممنوع من تشغيل كمبيوتره وحتى أنه يمنع من التلفاز , كان عقاب قاسياً بالنسبة لخالد ولكن الأقسى من ذلك أن الجدة أصبحت لا تتكلم مع خالد , حزن خالد بكل ذلك ولكن ترك أمره للأيام الكفيلة بجعل أجداده ينسون ما حدث معه . _______________________________ الفصل التاسع : فترة العقاب (( أمي العزيزة , بالأمس تطبق العقاب القاسي الذي فرضته لي جدتي في البداية أحسست أنني أستحق هذا العقاب ولكني الآن اشعر بالملل وأيضاً غضبت جداً عندما علمت أن أصدقائي أتوا لزيارتي ولكن جدتي رفضت جعلهم يقابلوني معللة أني بفترة للعقاب , إني أخشى أن أواجه أصدقائي بعد ذلك الموقف فهي تعاملني كالطفل ... إني أمقت هذه المعاملة . ماذا افعل يا أمي فأسبوع من العقاب طويل جداً بالنسبة لي , كل يوم أعود من المدرسة ولا افعل شيئاً سوا الجلوس على تلك الطاولة الخشبية وأنظر إلى النافذة ربما أرى أمل وأسألها عن سبب تخلفها ذاك اليوم عن الموعد , كم تعبت من الانتظار .... أن أمل غيرت في الكثير لقد غيرتني للأفضل لقد أصبحت أحب القراءة حتى أني طلبت من جدي مؤخراً أن يشتري لي رواية هاري بوتر هي أيضا الآن تقرأ في تلك الرواية , ومع أني أصبحت شديد التعلق بها أشعر بأنها تغيرت معي وأحياناً كثيرة بت أخشى أنها لا تحبني كما أحبها أما في المرات التي أتأكد فيه من حبها أشعر بالذنب فصالح كان دائماً ينصحني بنسيانها ولكني لا أستطيع ذلك ,لا أعرف يا أمي إذا كنتِ تعيشين معنا ماذا ستقولين لي ,لا أعرف ولكني على يقين بأنكِ ستقولين لي الصواب هذه المرة أنا على يقين بأنكِ ستردين على رسالتي هذه لذلك سأوصل لكي هذه الرسالة حالما تسمح لي جدتي بالخروج من المنزل )) كانت هذه الرسالة كغيرها كثير من الرسائل التي يقوم خالد بإرسالها لأمه ولكنه لا يجد لها جواب فهو يحب أن يبوح كل ما بداخله لشخص ما وقد أختار تلك الرسائل الوسيلة المضمونة لإزالة الهموم , لم يكن خالد على يقين بأن أمه هي من تقرأ الرسائل ولكنه كان متأكد أن هناك شخصاً ما يقرأ ما يكتب وقد كان يريد معرفة من هو لذلك كان دائم الانتظار لرد يأتيه ولكنه لا يجد ومع ذلك فهو يجيد الانتظار كما أنه يجيد انتظار أمل لتطل عليه من خلال النافذة , لقد كان خالد طوال فترة انتظاره يكتب أشعاراً تعبر عن الأشياء التي لا يقولها وقد كان يخجل من أن يقول أن أمل تركته لذلك كان في خيبة أمل كبيرة وقام بالكتابة .... (( ألا تعشقين ,, ألا يدق قلبكِ حين تضحكين ألا تردين ,, أم أن صمتكِ فيه تردين يا حبيبتي أجيبين ,, أقله جوابكِ لا يحزنني بكثير عذابه طويل ,, وفي نهايته يضعني على الطريق المستقيم أنا رجلاً من حديد ,, ونار الحب تصهرني حين تريد ولكن الأمر كله يستقيم ,, حين أكون وحدي دون حبيب يا له من نصيب ,, ونصيبي في الحب رجلاً غريق يبحث عن قشه لتنجيه ,, فهل أنتي من ستنجين ,, أم من تضع النار مع اللهيب أعيدين ,, هيا أعيدين ,,فكرهت الحب ولا أرجو منه كثير ,, )) انتهى هذا اليوم المزعج بالنسبة لخالد عندما خبئ رسالته وقط في النوم العميق . وفي صباح اليوم التالي كانت الجدة كعادتها تبذل جهداً كبيراً حتى يستيقظ خالد , بينما خالد لم يحب أن توقظه جدته من نومه وخصوصاً أنها توقظه من أجمل الأحلام . لقد أصبحت الجدة لا تطمئن حتى تطل من النافذة وترى بنفسها خالد وهو يدخل باص المدرسة , كان خالد يعلم بأن جدته فقدت الثقة به وقد كان يحمل الحزن والغضب بقلبه ولكنه لم يستطع أن يغير تلك النظرة عنه , لذلك فتح كتابه وكتب (( أنا أكره جدتي , لأنها دائماًً تتحكم فيني و تعاملني كطفل صغير )) كان خالد يشعر بأنه قد أفرغ ما بداخله من غضب , لذلك كان ينوي أن يمسح ما كتبه ولكنه نسي ذلك , في الفرصة وقد خرج جميع الطلاب إلا طالب واحد بقي وقد رأى مصادفة كتاب خالد على الطاولة وقد كان مفتوح على تلك الصفحة , بدأ بالضحك على خالد وكتب تلك الجملة على الصبورة وكتب تحته (((( أنا أكره جدتي , لأنها دائماًً تتحكم فيني و تعاملني كطفل صغير التوقيع ..... خالد )) عندما عاد خالد ومعه مشعل من الصف وقد كان الجميع يضحكون عليه , لم يعرف خالد لماذا ذلك الضحك وعندما نظر خلفه ونظر ماذا مكتوب على الصبورة , أحس أنه عاجز عن فعل أي شيء , لذلك قام مشعل بمسح ما هو مكتوب على الصبورة وقام بالصراخ على كل من كان يضحك , بينما خالد كانت نظراته إلى الأسفل وقد كان خجلاً من أن ينظر إلى وجه أي طالب معه في الفصل , كان يتمنى بأن تنشق الأرض وتبلعه , حتى أنه طيلة الوقت كانت عينيه إما باتجاه الصبورة أو باتجاه الطاولة التي أمامه أحس مشعل بيدين خالد اللاتي كانتا ترتعشان وعينيه الحمراوين المليئتين بالدموع لذلك قام بمواساته بينما خالد كان يفكر بالعودة للمنزل بأسرع ما يمكن فقد بدأ يمقت هذا المكان , بعد أن وصل خالد للمنزل دخل غرفته فوراً وقد كان غاضباً جداً لذلك استسلم للبكاء على مخدته , كانت الجدة تحاول الدخول للغرفة ولكن خالد كان قد أغلق الباب بالقفل و لم يكن يجيبها لذلك قامت بنداء الجد , وأصبح الاثنان يحاولان إقناع خالد بالدخول بقولهم (( خالد أفتح الباب )) خالد الذي كان يبكي بشده ولكنه حاول أن يتكلم بطريقه لا تجعلهم يحسون بأنه يبكي (( نعم شتبون )) الجد الذي كان خائفاً جداً على خالد (( يا ولدي أفتح الباب , ليش مسكره )) (( أنا أبي أقعد بروحي , خلاص روحوا وخلوني )) (( أطلع خالد ... جدك جاب لك قصة هاري بوتر لك )) كان خالد غاضباً لذلك قال (( خلاص ما أبيها , رجعها للمكتبة )) الجد الذي كان يتحايل على خالد (( شلون أرجعها للمكتبة , ما يصير أرجعها )) بينما كان الجد يحاول أن يجعل خالد يفتح الباب , أحست الجدة أن عليها ترك خالد يجلس لوحده لذلك قالت للجد (( خلاص أتركه , هو راح يطلع بروحه )) أقتنع الجد بكلامه وعاد أدراجه مع الجدة وجلسوا بالطابق السفلي وقاموا بالتحدث عن خالد ,بينما خرج خالد من غرفته وقام بالاستماع لكلامهم دون أن يحسان عليه. لقد كان الجد يشعر بالذنب تجاه خالد ويحاول إقناع الجدة بأن يعيش خالد مع أبوه لأن ذلك أفضل للجميع فقال (( والله كنا غلطانين لما خليناه يعيش معانا , أبوه أولى فيه وأنا حاسس أنه يبي يعيش مع أبوه , وأنتي شايفه أنه كبر ومو قادرين نفهمه)) (( أبوه ما يشوفه غير بالأجازات , شلون يفهمه أكثر مننا وخالد بنفسه قال لي أنه يبي يظل عايش معانا )) (( بس هذاك أبوه , ولازم أبوه يجي يأخذه ويعيش معاهم )) (( إذا أنت تقدر تستغنى عنه أنا ما أقدر )) (( ولا أنا , بس أنتِ شايفه مو قادرين نفهم منه شي )) (( كل أولاد هالأيام يحبون تكون لهم أسرار فيهم , وبعدين خالد ما يدس عني شي )) ظل الجد يحاول إقناع الجدة وبالأخير قرر بنفسه أن يتصل بأبنه محمد والد خالد ويخبره بكل شيء , بينما خالد لم يحب ذلك لذلك دخل قائلاً (( أنا ما راح أروح مع أبوي )) أقفل الجد السماعة حالما سمع ذلك الكلام من خالد . قامت الجدة وقالت (( ليش راجع زعلان اليوم من المدرسة )) خالد الذي بدأ يرفع صوته قال (( ليش تتصرفين معاي كأني ولد صغير )) (( أنا ما تصرفت معاك كأنك ولد , بالعكس أنت كل يوم تكبر بعيني أكثر )) (( بس ثقتج راحت , أحس أنج مو واثقة فيني )) (( بالعكس أنا للحيني أوثق فيك )) قام خالد بإخبار الجدة عن كل ما يشعر به تجاهها وقد أخبرها أنها كل يوم أصبحت تتأكد إذا كان يدخل الباص أم لا , لذلك قالت له (( هذا الشي بأيدك , أنت اللي تقدر تخليني أرد هذي الثقة فيك )) بعد حوار طويل دام بين خالد وأجداده , انتهى ذلك الحوار بحفلة صغيره قررت الجدة أن تقيمها لذلك قالت لخالد والجد بأن ينتظرا حتى تعد الجدة العشاء , لذلك ذهبت إلى المطبخ وقامت بتحضير قالب من الحلوى مع العشاء ,خالد والجد بدؤوا يشعرون بالجوع لذلك ذهب خالد إلى الجدة ووجدها منهمكة بتحضير الطعام وقد كانت تدندن بصوت منخفض كان خالد يحاول أن يستمع للجدة ولكن الجدة ألتفتت له وقالت (( شتبي ؟؟ )) خالد الذي كان مبتسماً قال ((شتقولين ؟ )) (( هذي أغنية يحبها جدك )) ضحك خالد و أحمرة الجدة خجلاً لذلك طردت خالد من المطبخ لأنها لم ترد منه أن يساعدها في المطبخ , كانت هذه اسعد اللحظات بالنسبة لخالد . لذلك ذهب مباشرة إلى غرفته وقطع تلك الرسالة التي كتبها لأمه وكتب بدالها (( أمي العزيزة إني الآن أعيش أجمل اللحظات مع جدتي وجدي , البارحة فقط كنت أريد أن أشكي لكِ جدتي ولكن الآن أريد أن أقول لك بأني أحب جدتي وجدي وادعوا الله بأن يخليهم لي ,, اللهم أمين )) كانت السعادة تغمر خالد وقد كان يهم بتخبئة الرسالة , ولكنه وجد باب النافذة مفتوح وقد أنتبه لأمل التي كانت طوال هذا الوقت تراقب خالد وهو يكتب الرسالة وقد كانت تحاول لفت انتباهه ولكن خالد الذي قرر في تلك اللحظة نسيان أمل والمضي قدماً في حياته لذلك أغلق باب النافذة وذهب مباشرة إلى جديه اللذان ينتظرانه ليقوموا بالاحتفال سوياً. _________________________________________________ الفصل العاشر : صالح يستعد للسفر بدأ الشتاء يزداد حدته , والمطر يهطل بغزاره , كان المطر يبعث بالأمل لصالح الذي كان يراقب هطول المطر من خلال الزجاج الخارجي الذي بمحله , وبينما كان يتأمل بذلك المنظر الخلاب وينتظر اللحظة التي يخرج بها من المحل ليمشى تحت حبات المطر , رن تليفونه وقام بالرد عليه , كان ذلك الاتصال من أحد النوادي القطرية الذين ابلغوه بأنه تم قبوله وقد عرضوا عليه الاحتراف هناك في قطر , كان ذلك بمثابة الحلم لصالح الذي وافق على طول , وقد اتفقوا معه أنهم سيلتقون به باليوم المقبل حتى يتفقوا معه على كل التفاصيل , لم يكن صالح يصدق الكلام الذي قيل له , فقد بدت علامات الدهشة بوجهه ,حتى أن صاحب المحل قد لاحظ ذلك وما أن عرف بهذا الخبر حتى قام بتهنئته وقد أعطاه إجازة لبقية اليوم , فرح صالح بتلك الإجازة لذلك خرج راكضاً تحت المطر وقد كان في أشد حماسه ليخبر الجميع بأنه سيصبح لاعباً ,كان صالح طوال فترة بقائه تحت المطر ينظر للسماء وقد كان مستمتعاً بسقوط المطر بوجهه فقد علم بذلك اليوم أن سقوط المطر قدم خير عليه . انتشر الخبر كالبرق في المنطقة وقد أصبح صالح يتفاخر بنفسه , كانت الابتسامة لا تفارق وجهه , حتى أصدقائه فرحوا جداً له وقاموا بطرح الكثير من الأسئلة عليه . قال خالد الذي كان فرحاً جداً لصديقه (( والله وراح تصير مشهور , من قدك )) كان مشعل كثير الأسئلة بذلك اليوم وقد كان يطرح سؤال بعد سؤال (( هم متى قالو لك يجوون؟ )) ((بكرا راح يجون )) (( متى يوقعون معاك عقد ؟ )) (( والله مدري )) (( راح تترك الشغل بالمحل ؟)) خالد الذي مل من كثرة أسئلة مشعل قال (( مو ملاحظ أنك بس تسأل )) (( أبي أتأكد )) باليوم التالي أتى المندوبين من النادي القطري وقد اتفقوا مع صالح على كل شيء , حتى أنه سيسافر بعد بضعة أسابيع , وافق صالح على كل ما قالوه له وخصوصاً أن حالته المادية ستتحسن بعد هذا العرض , وأصبح منهمكاً بالاستعداد للسفر . بينما كان خالد ومشعل ملتصقين بصالح وقد كانوا باشتياق له لأنهم كانوا يعلمون بأنه سيفترق عنهم , لذلك كانوا كثيراً ما يجلسون سوياً في الآونة الأخيرة . مرت هذه الأسابيع كالبرق بالنسبة للأصدقاء وأقترب موعد ذهاب صالح إلى قطر , هاهم الأصدقاء يجلسون لأخر مره على نفس الكرسي الأخضر الذي لطالما كانوا يجلسون عليه , بينما كان مشعل منهمكاً بتقطيع أوراق الشجرة التي فوقه أما خالد فقد كان ينظر أمامه باتجاه الأطفال الذين كانوا يلعبون كرة القدم , كان الصمت هو المسيطر عليهم وقد كان الجميع يفكر بأموره الخاصة , بدأ صالح يتملل من ذلك الصمت وقد نظر إلى يمينه فوجد خالد الذي لم يحرك رأسه , فحرك نظره باتجاه مشعل الذي ظل يقطع الأوراق , ضحك صالح وقال (( شفيكم ساكتين )) رد خالد (( ما فينا شي )) كان مشعل يشعر بالشوق لصالح الذي سيسافر في اليوم التالي فقال (( هذي أخر مره راح نجلس فيها )) استغرب صالح من هذا الكلام وقال (( ليش تقول جذي )) رد مشعل قائلاً (( لا تنسى ربعك )) صالح الذي تضايق من هذا الكلام (( أنا بحياتي ما أنساكم , وراح أظل متواصل معاكم , وبعدين كل إجازة تصير لي راح أجي أهني )) فجأة ألتفت خالد إلى صالح وقد فرح بذلك الكلام وقال (( صج والله راح ترجع)) أبتسم صالح وقال (( أكيد , طيب حتى لو أبي أترككم , أهلي أهني ما راح أخليهم )) مشعل الذي مد يده لصالح وقال (( أوعدني أنك بالصيف راح ترجع وراح نتلاقى بهذا المكان مره ثانيه )) ضحك صالح لتصرفات أصدقائه التي بدت غريبة عليه ولكنه وضع يده على يد مشعل وقال (( أوعدك )) نظر الاثنان إلى خالد الذي بدوره وضع يده على أيديهم وقال وقد كانت الابتسامة تعلو وجهه وقال (( يا الله متى يصير الصيف عشان نتلاقى مره ثانيه )) لم يجلس الأصدقاء الثلاثة طويلاً حتى أتى أصدقائهم الآخرين وقاموا بتوديع صالح , لم يكن صالح يحب الوداع ولكنه كان يعلم بأنه سيأتي يوم ويفترق الأحبة , لقد علم أن هذا اليوم هو يوم افتراقه مع أصدقائه , لذلك لم ينم بتلك الليلة من شدة حزنه على فراقهم , حتى أنه كان يريد أن يسافر بصباح اليوم التالي من دون توديع أصدقائه بينما صديقاه أصروا على أن يودعوه بالمطار لذلك كان الوداع الأخير هناك بالمطار , أعطى صالح لكل من مشعل وخالد تذكاراً صغيراً وقد كانت كورة صغيره وقد وضع عليها توقيعه . ضحك صالح عندما أعطى لهم تلك الكورة وقال (( هذا تذكار مني وعليه توقيعي , أكيد لما أصير مشهور لازم تطلبون توقيعي )) كان خالد يريد أن يبكي ولكنه كان يحبس دموعه , حتى مشعل لم يكن يستطع الكلام ولكنه قال (( لا تنسى تجي بالصيف ترانا ناطرينك )) قال صالح (( أكيد ما راح أنسى )) بذلك الوقت حان موعد ذهاب صالح للطائرة , لذلك ذهب برفقة أحد الموظفين بالنادي القطري , بينما كان يمشي صالح ويلوح بيديه لأصدقائه وأخوته وأمه التي كانت تبكي لفراقه ,كان يريد البكاء لذلك ألتفت عنهم وقام بالبكاء ولكنه مسح دموعه أخيراً , لأنه لم يكن يريد أن يكون ضعيفاً أمامهم , عند دخول صالح إلى الطائرة كان قد أنبهر بالمنظر الخارجي الذي رآه لذلك كان طوال الوقت ينظر إلى الخارج ويقول (( الدنيا من فوق روعه )) الفصل الحادي عشر : في مكتب البريد (( أمي العزيزة , هذا هو أول يوم يمر علي من دون أن أرى صديقي العزيز صالح , لقد اشتقت إليه فعلاً.... بالأمس كنت أنظر إلى كل طائرة تمر من فوق وأقول لنفسي هل هذه هي نفسها الطائرة التي يركبها صالح , لم أكن أعلم إذا كان صالح ينظر إلينا أم ماذا , كم أخشى أني لن أراه مجدداً , وأن يكون ذلك الوداع هو الأخير بيني وبينه مثل الوداع الذي كان بيننا عندما كنت صغيراً , لطالما كرهت الوداع ... )) اليوم هو صباح يوم الخميس وقد كان البرد قارصاً جداً , خرج خالد إلى البريد ليوصل رسالته التي كتبها إلى أمه , بينما كان في طريقه إلى البريد كان مشعل بانتظاره فقد كانا متواعدين للذهاب سوياً . خالد الذي كان يشعر بأن صالح قد ترك لديهم فراغاً كبيراً قال (( والله مشتاق لصالح )) مشعل قال (( أي والله , أنا من الحين قعد أنطر الصيف عشان نجتمع مثل أول )) خالد كان خائفاً بأن ينساهم صالح قال (( تتوقع أنه راح يجي بالصيف )) (( أكيد , ناسي أن أهله ما سافروا )) أرتاح خالد لذلك الكلام و قال (( أي صح , أكيد راح يجي )) سكت خالد قليلاً ثم قام بالضحك وقال (( ترى لا تحاسبني أمس ما شفتك لما بجيت )) أنتفض مشعل وقال وقد كان يريد الدفاع عن نفسه (( أنا متى بجيت , هذا أنت اللي بجيت لا تخليني أتكلم )) أحس خالد بأن الموضوع أنقلب عليه فقال (( لا تكلم قول متى بجيت )) (( لما عطاك صالح الكوره , أنت رفعت الكوره على وجهك وشفتك دمعت بوقتها )) قال خالد (( لا ما دمعت عشان صالح , أنا كان بعيوني حساسيه )) ضحك مشعل وقال (( لا صدقتك الحين )) كانت المشادة بين الاثنان كبيرة لذلك سكت الاثنان وقاموا بالنظر إلى بعضهم وقاموا بالضحك مطولاً على ذلك الموقف . بدأ خالد ينظر إلى فوق حيث كانت الغيوم مجتمعه , لقد أحب خالد ذلك المنظر وقال (( الدنيا راح تمطر اليوم )) (( أي صح )) سكت مشعل لثواني وقام بالنظر إلى أحدى الغيوم وقال (( تتوقع هذيك الغيمة راح تتحرك لقطر )) (( والله مدري يمكن )) وصل الاثنان إلى مكتب البريد , ووضع خالد رسالته على أمل أن تصل إلى أمه , عندما هموا بالخروج كانت الدنيا تمطر بغزاره , وقف مشعل ولم يحب أن يتبلل من المطر ولكن خالد نزل تحت المطر وقام بالضحك , كان خالد يحب فصل الشتاء كثيراً . نزل مشعل هو الأخر تحت المطر وقد أصبح الاثنان مبتلين , بينما كانوا في طريقهم إلى المنزل كانت إحدى الشحاذات الصغار تطلب من مشعل المال لم يحب مشعل أن يعطيها وقد بدت نظرات الاحتقار تظهر من عينيه وقال (( يلا روحي ما عندي فلوس )) ذهبت الفتاة الصغيرة وقد كانت مكسورة الخاطر , حزن خالد من ذلك المنظر وقال (( ليش سويت جذي مو حرام عليك )) (( خلها تولي , هذولا ناس متعودين على ألشحاذه )) كان خالد يكره تلك التصرفات من مشعل لذلك ركض وراء تلك الفتاة وأعطاها المال , عندما رجع كان مشعل يرفض ردة فعل خالد فقال (( الحين أنت بهذي الطريقة تشجعهم على أنهم يشحذون )) قال خالد (( لو ما كانوا محتاجين ما كان طلبوا فلوس من أي أحد)) شعر مشعل بتأنيب الضمير لذلك قال (( والله حسستني بالذنب )) (( أي لازم تحس بمعاناة غيرك , بالأخير إحنا نسوي الخير وأجرنا عند الله )) أكمل الصديقان وقاموا بالتحدث عن أمور عدة . (( أمي العزيزة , عندما رأيت تلك الفتاة الصغيرة لقد حزنت كثيراً لأجلها وقد كنت أعلم بأنكِ لو كنتِ بموقفي لفعلتي مثلما فعلت أنا , ولكن الذي أحزنني أكثر تصرف صديقي مشعل فهو طيب القلب كثيراً لكن لا أعلم سر هذا التناقض الذي فيه , لكني فرحت عندما استطعت أن أغير وجهة نظره بذلك اليوم.... )) كان خالد منشغلاً بالكتابة لأمه ولكنه بعد أن انتهى من كتابة رسالته لأمه ذهب إلى فراشه وقط في نوماً عميق . ______________________________________ الفصل الثاني عشر : قدوم عائلة خالد من بريطانيا بعد مرور أيام طويلة لم يتوقف بها المطر , ها قد بدأ الطقس يتحسن وبدأت معالم فصل الربيع بالظهور , كما أن عطلة الربيع بدأت , كان خالد بذلك اليوم بقمة السعادة وهو يحمل شهادته فقد تعود جده أن يعطيه عشرة دنانير إذا برز له شهادة نصف السنة . خالد ومعه الشهادة وقد كانت علاماته ممتازة (( أنا جبت الشهادة )) الجد وقد كان يجلس بجانب الجدة وبيديه فنجان الشاي , وضع فنجان الشاي على الأرض وأخذ الشهادة من خالد وقام بالنظر بدرجاته ثم قال (( مبروك , مبروك , تستاهل عشر دنانير بحالها )) خالد الذي أخذ العشر دنانير وقال (( أقولك جدي بصراحة يعني أنا مو عاجبني العشر دنانير أبي خمسين دينار , ما يصير تساويني بأختي حلا هي كل ما تجينا تعطيها نفسي عشر دنانير , أنا حفيدك الكبير المفروض تعطيني أكثر )) ضحك الجد وقال (( ابشر ولا يهمك )) أعطى الجد لخالد خمسين دينار , فرح خالد بذلك المبلغ وذهب إلى غرفته ليتصل بمشعل ويخبره عن هذا الخبر المفرح , بينما قامت الجدة بمعاتبة الجد لأن ذلك الوضع لم يعجبها فقالت (( ما يصير تعطيه كل هالفلوس , تراك جذي تخربه )) (( لا ما عليج , خالد ما شاء الله عليه على خلق وتراه وحداني خلينا نفرحه بهالكم فلس و نشجعه فيهن , وبعدين خليني أنا أرخي وأنتي شدي براحتج )) كان هذا الحوار دائماً ما يدور بين الجد والجدة , فقد كان الجد يدلل خالد كثيراً ويعامله معاملة خاصة , بينما كانت الجدة في أغلب الأوقات تتعامل بحزم مع خالد . بينما كان الجد والجدة يتحاوران , بدأ يطرق الباب بشدة , أستغرب الجد من طريقة طرق الباب لذلك قام بالنداء لخالد وقال (( خالد روح أفتح الباب )) خالد الذي ذهب مباشرة إلى الباب وقام بفتحه فقد كان عنده الفضول لمعرفة من يطرق الباب بتلك الشدة . لكنه تفاجئ عندما وجد أن أباه وعائلته هم من كانوا يطرقون الباب , لم يفرح خالد بمجيئهم لذلك لم يكن يبتسم عندما كان يسلم عليهم , حتى أنه كان صامتاً طوال ذلك الوقت , سمع الجد والجدة صوت ابنهم الدكتور محمد وقاموا بالترحيب فيه وكانوا سعداء بتلك المفاجئة , عندما جلس الجميع بغرفة المعيشة كانت الجدة تجلس عند حلا وهي أخت خالد من أبوه وقامت بتقبيلها , بدأ خالد يشعر بالغيرة ولكنه لم يتفوه بكلمة بينما قال أبوه له (( شلون الدراسة معاك يا خالد ؟ )) (( الحمد لله زينه )) قالت الجدة التي لم تحب ردود خالد التي كانت مختصرة (( خالد ما شاء الله عليه كل سنه يطلع من الأوائل وهذي السنة نسبته 87% )) كانت ابتسامة الدكتور محمد تنم عن فخره الكبير بولده (( ما شاء الله )) قالت نوال وهي زوجة محمد (( طالع على أخته , شاطره حتى أننا نفكر نحطها بصفوف متقدمه )) كان الجد سعيد بذلك فكانا جميع أحفاده شطار , لذلك قام بنداء حلا لتجلس عنده وقام بالتحدث لها وكان سعيد فيها , حتى حلا كانت طفلة مرحه وكانت تعرف كيف تلفت الانتباه حتى أن الجميع كانوا مندهشين بطريقة ذكائها بالحديث وكان الجميع يتفق بأنها أكبر من عمرها , بينما خالد لم يحب أخته . كان خالد يريد أن يتحدث ويشارك الحديث ولكن حلا لم تعطي أحداً مجالاً فقد كانت تتحدث كثيراً , لذلك أنزعج خالد وقام بالصراخ عليها وقال (( أنتي ما تعرفين تسكتين )) حلا التي كانت تعرف كيف ترد على خالد قالت (( ما لك شغل أنا قعد أكلم أجدادي ما أكلمك )) لم تحب الجدة تصرف خالد فقالت وهي توبخ خالد (( خالد عيب هالكلام , هذي أختك الصغيرة )) خالد قال وقد كان جداً منفعل (( أختي الصغيرة تحترمني ,مو تراددني )) كان د. محمد يريد أن يكسب ود ابنه خالد لذلك قال (( أي صح لازم تحترم أخوها , يلا حلا اعتذري من أخوج )) بدأت حلا بالشعور بالظلم تحت ضغط والدها الذي كان يجبرها بأن تعتذر لخالد لذلك بدأت بالبكاء وقامت لتخرج من تلك الغرفة وقالت (( والله ما أعتذر )) كانت الجدة تنظر لخالد وكأنه قد بدا بنظرها كالطفل , لذلك ذهبت وراء حلا لتراضيها , أما الجد فقد قام بمعاتبة أبنه محمد وقال (( ليش يا ولدي تهاوشها , تراها جاهل ما تفهم )) د.محمد قال (( لا ما يصير لازم تحترم أخوها الكبير )) جاءت الجدة وقد كانت يائسة فحلا لم تكف عن البكاء , لذلك كانت غاضبه جداً من خالد وقالت (( مستانس الحين , البنت زعلانه )) خالد كان يشعر بأنه ليس له ذنب بالموضوع قال (( وأنا شكو , ما قلت لها تزعل )) كانت نوال والدة حلا تقول (( لا ما عليج الحين هي ترضى بسرعة )) لكن الجدة أزداد غضبها على خالد لذلك قالت (( يلا أطلع من الغرفة مثل ما حلا طلعت )) حزن خالد وأحس أن جدته تعامل حلا معاملة خاصة عنه , لذلك قام بالصراخ وقال (( كله عشانهم )) ثم خرج من المنزل ولم يحب الرجوع إليه , لذلك ذهب إلى الحديقة وجلس على الكرسي الذي يحب الجلوس به وقام بالبكاء ولكن ما إن رأى سيدة مع أولادها يعبرون من أمامه حتى حاول أن ينظر لأسفل ليخفي دموعه وقد كان يتظاهر بمسح الغبار عن حذائه , مر وقت طويل يجلس فيه خالد لوحده حتى أتى علي ومشعل إليه وجلسوا بجانبه وقاموا بالتحدث معه طويلاً حتى أن خالد نفسه نسي أمر ذلك الشجار الذي دار في المنزل . ظل خالد مع أصدقائه حتى الساعة التي تسبق الغروب , وقد كان خالد يضحك كثيراً على الطرف التي يقولها علي صديقه , إلى أن قام مشعل بلفت انتباه خالد وقال مو هذاك أبوك , نظر خالد إلى يمينه فوجد أبوه بالفعل قادم نحوه , قال علي وقد كان معجب بوالد خالد (( والله أبوك شخصية يا خالد )) كان الجميع يوافق علي الرأي , عندما وصل أبو خالد إلى خالد وأصدقائه ذهب جميع أصدقائه وقاموا بالتسليم على والد خالد , كان والد خالد إنساناً ودوداً وقد أحبه الجميع , بينما كان يقف والد خالد مع أصدقاء خالد , أتت إليه كرة طائرة من الأولاد الذين كانوا يلعبون بالجوار , كان أبو خالد يجيد لعب الكرة لذلك أبهر الجميع بطريقته بلعب الكرة , حتى خالد الذي لم يقوم من مكانه على الكرسي انبهر بلعب أبيه وقد أحس بالفخر به بذلك اليوم , أتى أبو خالد وقد مد يده لخالد وقال (( تعال نتمشى مع بعض شوي )) خالد الذي وافق , ولكنه كان خجلاً قليلاً قام بالمشي مع أبيه تاركاً أصدقائه يلعبون الكرة , بدا خالد طوال ذلك الوقت صامتاً بينما أبو خالد كان يحاول أن يكسب ود أبنه , لذلك كان يتحدث كثيراً عن ذكرياته بذلك المكان فقال (( مره وأنا صغير كنت بكبر أختك حلا لقيت أنا و صديقي ناصر طير , ناصر تعرفه أكيد هو أبو خويك علي )) أندهش خالد من ذلك الحديث وقال (( أنت وأبو علي كنتوا أصدقاء )) (( أي وياما صارت معانا مواقف بعدد شعر راسي )) (( أي شصار معاكم )) (( لقينا طير , اكتشفنا أن هذا الطير ما كان يطير , ضلينا نلحقه طول اليوم ولما مسكته قمت أبي أعالجه , وأخذته معاي للبيت لكن جدتك ما كانت ترضى خلتني أطلعه من البيت )) خالد الذي بدا مهتماً بأحاديث أبوه قال (( جدتي كانت من قبل عصبيه )) ضحك أبو خالد وقال (( أي وقبل كانت عصبيه أكثر )) (( شصار بالطير وين وديته )) (( رحت وديته لخويي ناصر , بس بالأخير بدال ما نعالجه موتناه , ودفناه بهذا المكان بالحديقة , تحت هذي الشجرة )) ضحك خالد على مواقف أبيه وكان كثيراً ما يسال أبيه عن مواقفه . قال أبو خالد (( تدري هذي الذكريات هي اللي تظل معانا بالحياة , عشان جذي أستانس بحياتك وعلى قد ما تقدر حاول أنك تبني ذكريات حلوه لك )) خالد الذي كان ينظر لأبيه كثيراً لم يعرف ماذا يقول له , لذلك أكتفي بالنظرات . د. محمد (( أنا أدري أنك حاقد علي لأني حرمتك من أمك ومن نفسي , بس لازم تعرف أني أحبك ومن اليوم ورايح ما راح أخلي الأيام تمر علينا وما أعيشه معاك )) (( شلون يعني )) (( أنا هذي السنة راح اقنع جدتك أنك تروح معانا لبريطانيا )) (( بس أنا ما أبي أروح بريطانيا , أهني عايش حياتي ومرتاح )) (( بس أنا مو مرتاح بعيشتك بعيد عننا )) خالد الذي لم يرغب بترك الكويت كان مصراً على بقائه مع أجداده ,لذلك د. محمد قال (( خلاص الحين خلنا نأجل هذا الموضوع , وما يصير غير كل خير إن شاء الله , بس المهم الحين أبيك تعطيني فرصه ثانية و أوعدك أني ما أخذلك )) رجع خالد مع أبيه إلى المنزل وقد قرر إعطاء أبيه فرصه ثانيه حتى أنه عندما عاد ذهب لأخته حلا وأعتذر منها , كانت الجدة سعيدة بتصرف خالد ذلك حتى أنها كانت تنظر لابنها محمد وكأنه قد فعل سحر يجري مفعولة بخالد . الفصل الثالث عشر : خالد و حلا مر يومين على قدوم عائلة خالد , ولكنهم كانوا يومين جميلين بالنسبة للجميع , لأن خالد أصبح يتقرب من أخته حتى أن حلا كانت شديدة التعلق بخالد فقد كانت تحب أن تتحدث معه , حتى خالد أيضاً كان يحب أن يتحدث معها ولكنه أحياناً لا يحب أن تتدخل بشئونه الخاصة لأن حلا بطبعها تحب التدخل بكل شيء وكانت دائماً تنظر بأغراضه الخاصة , في أحد الأيام كانت تتحدث مع خالد بغرفة نومه , وقد كانت ممسكة بكتاب هاري بوتر الجزء الثاني فقالت (( تدري أني خلصت من الجزء السادس )) خالد الذي كان جالساً على سريره قال (( أي أنا هذي السنة بديت أحب أقرأ الروايات )) (( أي صح , أخر مره جيناكم فيها ما كنت أشوف روايات بغرفتك )) ألتفتت حلا لتكمل تفحصها بأغراض خالد ثم خطر ببالها سؤال وقالت (( أنت كم رواية قريت لحد الحين ؟ )) (( ثلاث روايات , الجزأين الأول والثاني لهاري بوتر وقبلهن قريت رواية نساء صغيرات )) بدت حلا مهتمة عندما عرفت أن خالد قرأ تلك الرواية وقالت (( أي أنا أموت بهذي الرواية , شريتها من سنتين ومن يومها قريتها عشر مرات وما أمل منها )) خالد الذي أعجب بعقل أخته حلا قال (( أنتي ما شاء الله عليج ذكيه )) فرحت حلا بذلك الإطراء وقالت (( أي أنا معدل ذكائي200 )) لم يفهم خالد كلام أخته فقال (( يعني شنو 200 )) (( يعني ذكيه حيل , الحين أنا أعرف خمس لغات وقعد أتعلم اللغة السادسة )) خالد الذي لم يكن يعلم أن أخته ذكيه لهذا الحد قال (( وشنو اللغات اللي تعرفينهن ؟ )) (( أعرف العربية والإنجليزية والفرنسية والأسبانية واليابانية وحالياً أخذ صفوف بالتركية )) خالد الذي بدت على وجهه ملامح الدهشة ضحك لوهلة وقال (( كل هذا , شنو خليتي لغيرج )) ضحكت حلا ولكنها كانت تحب أن تتفاخر بنفسها قالت (( أي أهلي يبون ينقلوني لصفوف متقدمة )) كان خالد مندهش جداً حتى أنه كان ينظر لحلا وعلامات الاستغراب واضحة بوجهه , ولكن علامات الدهشة ذهبت عندما قام يسمع صوت الصخر الصغير يضرب بنافذته , لذلك ذهب ليفتح النافذة ووجد أن أمل هي من كانت تقذف الصخور لتلفت انتباهه , بدا خالد يحن لحبه الأول ولكنه لم يستطع أن يقول شيئاً عندما أتت حلا وقامت بالنظر إلى تحت من خلال النافذة وكانت تقول (( منو اللي كان يحذف الصخر )) خالد تضايق لوجود حلا لذلك أخرجها من الغرفة , ولكن حلا أحست أنه يخفي شيئاً لذلك كانت ترفض الخروج ولكن خالد غضب عليها وقال لها (( ترى عطيتج وجه يلا روحي )) كانت حلا مصره على البقاء لذلك خالد قام بالصراخ عليها ولكن حلا قالت (( أطلع بس بشرط )) كان خالد مستعد لفعل أي شيء لخروج حلا من غرفته لذلك قال (( قولي شتبين )) (( عطني قصة نساء صغيرات أبي أقراها )) وافق خالد على الفور وأعطى حلا القصة وقام بإخراجها من غرفته وأغلق الباب بالمفتاح وألتفت فوراً إلى نافذته وقام بالتحدث مع أمل , كانت أمل حزينة لجفائه الذي دام طويلاً ولكن خالد حاول إرضائها بكل الطرق , حتى أتفق الاثنان على لقاء بينهم يوم الخميس القادم بنفس المكان والزمان الذي كانوا دائمون يلتقون به . بعد هذا اللقاء الذي أعاد خالد إلى نفس الشعور الأول , جلس خالد على سريره وقام بالتأمل بأمل ولكنه فزع عندما تذكر أنه ما زال محتفظاً بالرسالة التي كتبتها له أمل بالرواية , لذلك خرج مباشرة من غرفته وقام بالبحث عن حلا , فوجدها بغرفة المعيشة , وقد كان الجميع حاضرين هناك يضحكون بينما كانت حلا تقوم بسرد القصة وتمثيلها , خالد الذي ظن بأن حلا تقوم بقراءة الرسالة وأن الجميع كانوا يضحكون عليه لذلك شعر بالغضب الشديد وأتجه مباشرة إلى أخته وقام بضربها , كانت حلا تصرخ وتبكي من ضرب أخيها فهي لم تعرف لماذا كان كل هذا الهجوم من أخيها عليها لذلك قامت بطلب النجدة من أبيها الذي نهض مباشرة وحاول تخليص ابنته من خالد , حتى الجد الذي بدا غاضباً جداً من خالد قام إليه وضربه بوجه ولكنه لم يكتفي من ذلك فقد كان يريد أن يجلب العقال من غرفته ويقوم بضرب خالد , خالد الذي كان ممداً على الأرض ويبكي بحرقة قال (( هي تقرأ خصوصياتي وأنتوا تضحكون عليها )) كانت السيدة نوال تريد أن تحل المشكلة لذلك قالت (( هي بنفسها قالت أنك أنت عطيتها القصة )) كانت حلا ملتصقة بأمها وتبكي بحضنها ولكنها كانت تريد الدفاع عن نفسها لذلك قالت (( يعني شفيها لما أمثل القصة )) هنا أيقن خالد بأن أخته حلا لم تقرأ شيئاً من الرسالة وأنه ظلمها , لذلك ما كان عليه سوا أن يشعر بالذنب ولم يعرف كيف يبرر أمره , لذلك ذهب إلى غرفته وأغلق بابها وقام بالبكاء فيها , بعد أن هدى قليلاً أحس بأنه مذنب ولكن كبريائه لم يسمح له بالاعتذار من أحد , بعد ساعة من جلوسه وحيداً قامت الجدة بطرق الباب عليه وقامت بمناداته ليفتح لها الباب , خالد ذهب لفتح الباب لجدته وأتجه مباشرة ليجلس على سريره من دون أن يتفوه بكلمة لأنه كان يشعر بالخجل من نفسه ولم يحب أن يأنبه أحد على تلك الغلطة التي أرتكبها . جلست الجدة بجانب خالد ومسكت يده وقالت (( تدري أنك غلطت )) خالد لم يكن ينظر إلى جدته (( أي أدري , بس ما كان قصدي اضربها )) (( طيب قول لي شنو كان قصدك )) (( أنا عبالي أنها كانت تقرأ رسالتي اللي كنت كاتبها لأمي , عشان جذي عصبت لما سمعتكم تضحكون وما عرفت شاللي خلاني أضربها )) كانت الجدة تريد من خالد أن ينتبه لها فقالت (( أنتبه يا خالد مو عيب أن الواحد يغلط , بس العيب أنه لما يغلط ما يعرف غلطه وما يحاول يصححه )) (( طيب الحين خطئي ما يتصحح , شسوي ؟ )) (( لا خطأك يتصحح بكلمتين تقولها لأختك وهي أنا أسف )) (( طيب أفرضي ما رضت تراضيني )) (( هذي مشكلتك , أنت غلطت بحقها ولازم تتحمل هالشي )) كانت الجدة تهم للخروج من غرفة خالد ولكن قبل خروجها قالت وقد بدت متفائلة جداً (( لا تخاف أختك تحبك حيل , راح تسامحك , بس أنت لازم تختار الوقت الحلو وروح أعتذر منها )) خالد لم يعرف ما هو أفضل وقت للاعتذار من أخته , لذلك بقي بغرفته حتى حلول المساء حتى أنه لم يفكر بالخروج ليقابل أصدقائه , مع مرور الوقت وبينما كان خالد يتدرب مراراً وتكراراً على الطريقة التي يعتذر فيها من أخته , أقتنع بأنه يجب أن يذهب إليها ولا يفكر بشيء , عندما وصل إليها كانت حلا وحدها بالغرفة تشاهد التلفاز واضعة على قناة سبيس تون للأطفال ولم تلتفت إليه , لذلك تشجع وذهب إليها وقبلها من رأسها وأعتذر منها , حلا التي قامت بالضحك رضت بسرعة وقالت (( أنا ما أعرف أزعل من أحد )) ضحك خالد وقال (( أنتي ما في مثلج )) حتى حلا ضحكت وقالت (( أدري )) كان خالد يريد أن يتحدث مع حلا بأي طريقه لذلك قال لها وهي تشاهد رسوم توم وجيري (( أنتي نفسي , أنا أحب توم وجيري )) كانت حلا مهتمة بكل كلمة يقولها لها أخوها فقالت (( صج , ومنو تحب توم ولا جيري )) (( أنا أحب توم لأنه طيب , أما جيري خبيث )) (( لا بالعكس جيري طيب بس توم هو اللي يضايقه )) بدا خالد سعيداً وهو يتحدث مع حلا لذلك أشتهى أن يأكل البوظة التي خبأها بالثلاجة وقال (( أنا اليوم طلبت من محل الحلويات بوظة لي ولج وحطيتهم بالثلاجة )) فرحت حلا وقالت (( عاد أنا أحب البوظة )) (( صج , طيب أنطريني ثواني وأجيب البوظة لغاية عندج , شتبين بعد )) ذهب خالد راكضاً وأحظر البوظة له ولأخته وقاموا بأكلها وهم يشاهدون التلفاز ويتحدثون عنه , لم يصدق د. محمد وزوجته نوال عندما شاهدوا أبنهم محمد وأبنتهم حلا بغاية السعادة وهم مع بعض لذلك نادوا الجد والجدة ليشاهدوا حلا وخالد وهم سعيدين مع بعض الفصل الرابع عشر : صباح الخميس استفاق خالد صباح الخميس وقد كان عطشاً وفي طريقه إلى المطبخ سمع نقاشاً طويلاً بين جديه وأبوه وزوجة أبوه نوال , كان الحديث يدور حول إقناع الجدة بضرورة سفر خالد معهم إلى بريطانيا , ولكن الجدة كانت تكره تلك الفكرة . بعد نقاش طويل بدأ اليأس يتسلل لقلب الدكتور محمد فقال (( يا يما المشكلة إن هذي المرة محتاجين لخالد ضروري , وخصوصاً أن حلا تبي تنتقل هذا الفصل للصفوف الثانوية وبصراحة أنا وأمها نخاف عليها وما نتطمن غير لما أخوها يكون معاها )) الجدة التي كانت تتمنى أن يقفل ابنها هذا الموضوع ولا يفتحه مجدداً قالت (( المشكلة مو فيني إذا تبون تاخذونه خوذوه من الحين بس هو أخاف ينقصب عالروحه هناك وهو أنا أعرفه إذا تضايق ما راح يتكلم ويشتكي وبعدين أخاف ينضام ..)) كانت الجدة تنظر لزوجة أبنها نوال وقد خافت أن تظلم حفيدها بغيابها , ولكن السيدة نوال فهمت مقصد عمتها فقالت (( والله يا عمة أنا ما راح أظلم خالد و والله أنا أحب خالد مثل ولدي )) أحست الجدة بالذنب على تصرفها ذلك فقالت (( لا يا بنتي والله أنا أأمن عليه عندج أكثر مني )) كان د. محمد ينظر لأبيه وقد كان يريد منه أن يساعد في إقناع الجدة فقال (( والله يا يبا أنت عارف حلا بنت صغيره وهناك المدارس مختلطة , وكلهم مراهقين في منهم الصالح ومنهم الطالح والله نخاف لا يأثرون عالبنت )) كان الجد لديه القرار الحاسم بالموضوع فقال (( خلاص يا أم محمد خالد أبوه أولى فيه ولازم يروح ويعيش معاهم )) وضعت الجدة في ذلك الوقت عند الأمر الواقع ولكنها اشترطت موافقة خالد قبل كل شيء , خالد الذي كان طوال تلك المدة يراقب من بعيد وقد كان يرفض أن يسافر لبريطانيا لذلك ذهب إلى غرفته وقد كان خائفاً من أن تتخلى عنه جدته وتدعه يسافر مع أبيه. كان خالد طوال الليل منهمك بمشاهدة جدران غرفته وقد كان يشعر بأنه سوف لن يشاهد تلك الجدران مجدداً وبعد ساعات طويلة من الجلوس والتفكير قرر خالد نسيان الموضوع حتى يأتي أبوه ويفاتحه بالأمر وقد قرر بأنه سوف لن يبتعد عن جديه , لذلك ارتسمت الفرحة مجدداً على وجهه وقام بالاستعداد لمقابلة أمل . عند الساعة العاشرة خرج خالد خلسة بدون أن يحس عليه أحد , وقام بانتظار أمل بالحديقة وكان ممسكاً برواية نساء صغيرات ليعيدها إلى أمل , لم تتأخر أمل كثيراً فقد وصلت بالموعد المناسب , فرح خالد كثيراً حتى أنه وأمل ابتدئا بالابتسام لبعضهما , عندما التقيا كان الاثنان خجلان ولم يعرفا ماذا يقولان لهذا قال خالد وقد أعطى الرواية لأمل (( هذي هي الرواية , أنا قريتها وكتبت لج كم شعر الفتهم يا ريت يعجبونج )) أمل كانت مبتسمة وقد أحمرت خجلاً وقالت (( أكيد راح يعجبوني بس قولي كم شعر منهم )) تشجع خالد وأخذ الكتاب بيده اليمنى وبيده الشمال أمسك يد أمل وقاموا يمشون في طرقات الحديقة بينما كان خالد يقوم بإلقاء الأشعار التي ألفها ومن شعره ((أنتي يا من أحب يا من حاولت أن أكتب لكي أحلى الكلمات ...... فعجزت الكلمات ...... وذهبت الكلمات وما بقي لي سوى الأعذار ....... وكلمة واحده تحت الظلمات ..... أحبكِ )) كانت أمل مستمتعة جداً فقالت (( أنت أشعارك كلها فصحى ما في باللهجة العامية )) (( ألا في بالعامية , وحطيته بأخر صفحة بالرواية )) (( يلا سمعني )) تردد خالد وقال (( هذا الشعر كنت كاتبة لما كنت أحاول أكلمج ومو قادر أسمعي .. أنطر حبك هذا حضي منك في الدنيا ,,, وأكره قربك إذا كان من وراه عذاب ليا شفت شصار منك كل هذا والدموع لسا بعينيا ,,, ناطره المر والأمر منك هديه أحلم بقربك وطلعت عندك كل أحلامي عاديه ,,, هذا وحبي مغرقك شلون ليه نقص شويا وألا أنت ما يملى عينك غير الشقى والتعب ليا أبشر بعزك تراني أحر من الجمر عليا ,,, وأبرد من البرد وناطر ردك ليا )) كانت أمل معجبة كثيراً بأشعار خالد , وكانت تشجع خالد ليقول لها المزيد من الأشعار ,تابعا الاثنان طريقيهما بالحديقة وظلوا يتكلمون بأمور عدة مر الوقت سريعاً وأصبحت الساعة الحادي عشر , قلقت أمل كثيراً وقالت أنا لازم أرجع , كان خالد يريدها أن تبقى أكثر ولكنه كان يعلم بأن أمل إذا تأخرت أكثر سيكشف أمرها وأمره , لذلك قرر أن يوصلها إلى باب الحديقة ولكن الحظ العاثر واجهاهما فمحمد أخو أمل كان يمشي لوحده هناك فوجد أخته مع خالد , لذلك غضب كثيراً وأمسك عصا طويلة كانت ملقاة على الأرض وذهب إليهم , لم ينتبه العاشقان لمحمد فقد انشغلا بالحديث الطويل الذي لم يتوقف , حتى أصبح محمد أمامهم وقال لخالد (( يا كلب تتعدى على حرمات الناس )) كانت أمل شديدة الارتجاف , أما خالد فوقف صامداً ولم يعرف ماذا يفعل , بينما محمد الذي انقض على خالد بالعصا وقام بضربه على رجله , خالد الذي كان يريد أن يدافع عن نفسه فأمسك العصا بيده وقد قام الاثنان بالتعارك أما أمل التي ركضت هاربة من أخوها ومن أن يراها أحد الناس في وسط المعركة , لذلك دخلت المنزل وأغلقت الباب وكانت تولول وتتحسر وهي خائفة أن يفضح أمرها . أما خالد الذي دفع محمد وجعله يسقط أرضاً وقام بالركض إلى منزله ولكنه كان يتألم كثيراً من رجله حتى أنه كان يعرج بذلك الوقت , محمد كان يلحقه ولكنه لم يستطع أمساكة فقد استطاع خالد أن يدخل المنزل ويغلق الباب بينما محمد الذي قام بضرب باب منزل خالد وقام بالصراخ وهو يقول (( أطلع لو كنت رجال )) حتى أنه كسر نافذة غرفة نوم د.محمد خرج الدكتور محمد مذعوراً فقد كان صوت الصراخ قوياً ونزل وهو غاضب جداً من محمد , حتى الجد هو الأخر لحق بابنه ليعرف ماذا يحدث , بينما كان خالد طوال هذا الوقت يجلس بغرفته وقد كان يشعر بالخوف والغضب أيضا لذلك قام بقذف الكتب التي لديه , كان خالد يتألم من رجله وقد كان يعتقد بأن رجله كسرت , بعد مرور نصف ساعة صعد د. محمد إلى خالد وقام بمناداته ليفتح له الباب , لم يرد خالد فتح الباب فقد كان خائفاً ولكنه عندما سمع صوت جدته فتح الباب واختبأ ورائها مباشرة , كان د. محمد غاضباً جداً حتى أنه أخرج عقاله ليضرب ابنه خالد وقال (( سودت وجهي الله ياخذك , وأنا اللي عمري ما نزلت راسي لأحد , هالمره نزلت راسي )) لم تكن الجدة ولا حتى السيدة نوال على علم بالموضوع ولكنهم كانوا يعرفون بأن خالد قد أفعل مصيبة لذلك كن يسألن كثيراً ((شصاير , ليش شالسالفه ؟)) الدكتور محمد وقد كان يريد أن يمسك خالد ليضربه قال (( تسأليني شصاير , سوى مصيبة هذا الولد الخايس )) السيدة نوال قالت (( أي شسوى ؟ )) (( أسأليه هو )) الجد قال (( الولد لقوه مع بنت جيراننا , والمشكلة أخوها شافه والله لو ما مسكناه كان نوى يذبحه )) أنصدم الكل بذلك النبأ , أما خالد الذي أراد بأن تبلعه الأرض قال (( أنا ما سويت شي غلط , أحبها وآبي أتزوجها )) أزداد د.محمد غضباً لذلك أمسك خالد وقام بضربه ولكن الجدة والجد والسيدة نوال كانوا يمنعونه من ذلك , حتى حلا كانت خائفة جداً على أخوها لذلك وقفت بطريق أبوها لتحميه وقالت والدموع بعينيها وهي تشاهد أخيها ملقاً على الأرض (( يبا لا تضربه )) قال د.محمد (( من بكرا تروح معاي لبريطانيا خلاص ما لك قعدة بالكويت )) رن جرس البيت لذلك نزل الجد و د. محمد ليروا من الذي على الباب فوجدوا أبو أمل هو من كان على الباب لذلك دخلوا إلى الديوانية وقاموا بالتفاهم , كانت الجدة مشفقة جداً على حفيدها ولكن أبدت غضبها عليه وقالت (( قوم يلا قوم )) خالد لم يكن يستطع الوقوف فقد كان ألم رجله يزداد عليه وقال وقد كان يصرخ و يبكي من الألم (( ما اقدر أقوم , رجلي ذبحتني يمكن انكسرت )) الجدة التي خافت جداً على حفيدها قامت تصرخ وتطلب النجدة من زوجها وأبنها الذين كانوا في الطابق السفلي . بذلك الوقت كان د. محمد يعتذر لأبو أمل وقد كان يقنعه بأنهم يجب أن يحلوا هذا الموضوع من دون إحداث مشاكل حتى أنه وعد أبو أمل بأنه سيأخذ ابنه بعيداً من دون أن يرجعه إلى الكويت , ولكنه لم يكمل حديثه حتى سمعوا صوت الجدة وهي تطلب النجدة لذلك هرع د.محمد تاركاً أبوه مع أبو أمل بالديوانية , وذهب مباشرة ليجد ابنه ملقاً على الأرض لذلك أخذه مباشرة إلى المستشفى . الفصل الخامس عشر : العودة لبريطانيا أسعف د.محمد ابنه خالد وأخذه إلى المستشفى , كانت رجل خالد مكسورة وبذلك اليوم أصابته حمى قويه جراء ذلك الكسر أو ربما كانت الحمه سببها نفسي فربما أرادت نفس خالد أن تمرض على أن تواجه الأمر الواقع , لذلك ترقد بالمستشفى ليلقى العناية الطبية , ولكن د. محمد قرر بأن خالد فور شفائه سيسافر معهم لبريطانيا , لذلك جهز جميع أوراقة لينقله من مدرسته الحالية إلى إحدى المدارس الثانوية في بريطانيا ,وطلب من الجدة أن تحزم أمتعته , عندما بدأ خالد يستعيد صحته كان قد بدء يفكر بصديقه مشعل , هل علم مشعل بالأمر وهل إذا علم سوف تنقطع علاقتهم كل هذه الأسئلة كانت تدور بذهن خالد الذي كانت حالته النفسية سيئة فمشعل لديه صلة قرابة قويه مع محمد لذلك من الطبيعي أنه سوف يحقد على خالد , لكن بالحقيقة مشعل لم يكن على علم بالأمر حتى أنه مستغرب كيف كسر خالد رجله , عندما أتى إلى خالد ليزوره , تفاجئ خالد ولم يكن يريد زيارته لذلك كان طوال فترة الزيارة ساكتاً ولم يتحدث بكلمه . عندما ذهب مشعل طلب خالد من جدته بأنه لا يريد زيارة من أحد , ولكن الجدة قالت (( تبي تطردهم بروحك أطردهم أما أنا ما أطرد أحد )) (( خلاص أنا راح أطردهم )) أتى أبو خالد وقد كان ناشفاً مع خالد وقال (( جهز حالك بعد يومين موعد الطيارة , راح تسافر معانا )) خالد أستسلم للأمر الواقع وقال (( أنا جاهز للسفر )) لم تحب الجدة هذا القرار من خالد ولكنها أخفت ما بداخل قلبها , بينما حلا التي لم تفارق خالد في المستشفى كانت فرحة جداً لأن خالد سيذهب معهم وقالت (( وناسه والله يا خالد هناك , راح تشوف بنفسك )) أبتسم خالد لحلا ولكنه كان حزيناً جداً لفراقه الكويت , مر اليومان ببطء بالنسبة لخالد الذي بدء بالاستناد على العكاز من جهة وجدته من جهة أخرى لانتظار أبو خالد فقد قال لهم أن يجلسوا في غرفة الانتظار ومن هذه الغرفة سيأخذ خالد ويعودوا لبريطانيا . بينما كان يجلس خالد وينظر لجدته التي ابتسمت له والدموع واضحة بعينيها وقالت (( راح نشتاق لك والله يا خالد )) خالد لم يستطع النظر لجدته فقام بالنظر إلى عكازه وقال (( حتى أنا والله )) (( تدري إني شفت فيك منام اليوم )) انتاب خالد الفضول لذلك وقال (( شنو هو المنام )) كانت الجدة متفائلة جداً وهي تخبر خالد بمنامها (( شفتك بروض كله خضار ,وكنت فرحان وأنت وأختك حلا تلعبون فيه وفجأة طلعت لك أمك وضمتك لصدرها , أنت عرفتها على طول حتى قبل ما أقولك هذي أمك يا خالد )) (( وانتهى الحلم ؟ )) (( أي انتهى )) خالد الذي تفاءل جداً بذلك المنام قال (( يمكن هذي أمي راح عن قريب ألتقي فيها )) (( أي صح يمكن راح تلقاها هناك ببريطانيا )) لهذا السبب تحمس خالد وأحس بالتفاؤل لذهابه لبريطانيا وقال (( يا رب ألقاها هناك )) بينما كانت الجدة وخالد يتحدثون أتى الجد وأبو خالد ليأخذوا خالد , بهذه اللحظة كان يتمنى خالد بأن يعود الزمن ولا يذهب هو إلى بريطانيا . كان د. محمد مستعجل جداً وقال (( يلا يا خالد , عمتك نوال وحلا ينطرونك بالسيارة )) خالد بدأ بالنظر لجدته وقال (( ليش أنتي وجدي ما تودعونا بالمطار )) الجدة قالت وكانت مصرة (( أنا راح أودعكم بالمطار )) لكن ابنها محمد لم يحب أن تذهب هي والجد لوداعهم بالمطار , ولكن كان إصرار الجدة أقوى . في المطار وقد بدأت الجدة والجد بتوديع الجميع قالت الجد لخالد وهي توصيه وقد كانت الدموع تنهمر منها بشدة (( دير بالك على نفسك يا خالد , زين تدفى عدل هناك ولا تنسى كل يوم تكلمني )) خالد قال (( خلاص كل يوم راح أكلمج , أنتي وجدي , وراح أجيكم بالعطلة )) الجد قال لأبنه محمد (( يلا يا ولدي الحين موعد طيارتكم )) ذهب خالد وكانت هذه أول مره يبتعد فيها عن جديه , كان يتمنى أن يحدث شيئاً ما ويوقف الرحلة ولكنه لم يحدث شيء , كانت حلا تجلس بجانب خالد وكانت طوال الوقت تتحدث لخالد وكيف أنهم سيسعدون سوياً مع بعض وخصوصاً أنهم سيكونون بصف واحد في المدرسة , بينما خالد كان ينظر إلى النافذة ولم يسمع كلام أخته حلا فقد كان طوال الوقت يستعيد شريط ذكرياته عندما كان بالكويت , وكان يسمع صوت جدته وهي تؤنبه وتنصحه وتلاعبه وتضحك معه , ثم تذكر خالد بأن جدته تعشق فيروز لذلك شغل المسجل ووضع السماعات بإذنه وقام بسماع فيروز طوال الرحلة . , الجزء الثاني , الفصل السادس عشر : العالم الجديد (( ردني إلى بلادي مع نسائم القوافي عند شاطئ ووادي ردني إلى بلادي , لقد سمعت هذه الأغنية لفيروز مراراً وتكراراً , كم أتمنى العودة للكويت , أمي إن أبي يعيش في مدينة مانشستر تلك المدينة الجميلة جداً , لقد أحببتها كما أحببت طقسها الرائع وحتى أني انبهرت بطرقاتها وشوارعها وحتى الحديقة الكبيرة المشهورة فيها هيتون بارك لقد أخبرتني حلا بأنها حديقة مشهورة جداً وأن أبي يأخذها كل أسبوع لتلك الحديقة , لقد رأيت الملعب الشهير في تلك المدينة ملعب مانشستر يونايتد قال لي أبي بأنه سيصطحبني معه إلى إحدى تلك المباريات , كل شي في إنجلترا رائع حتى منزلنا الذي نعيش فيه أجمل من منزل جدي وجدتي حتى أن أمامه حديقة صغيره في غاية الجمال ولكن مع كل هذا فأن هناك شيئاً ما ينقص علي , أني أعرف ما هذا الشيء , إني أفتقد جدي وجدتي , أخشى أني فقدتهم كما فقدتك يا أمي )) كان خالد يشعر بالحنين لبلده الكويت , ولكنه كان يعلم بأن هذا هو قدره . حلا دخلت دون أن تطرق الباب إلى غرفة خالد وقد كانت سعيدة ومتشوقة جداً للمدرسة الجديدة التي ستذهب فيها هي وأخوها معاً فقالت (( بعد بكرا راح نروح للمدرسة الثانوية )) خالد مستغرب من حال حلا فقال (( أول مره أشوف وحده تحب الدراسة مثلج )) ضحكت حلا وقالت (( العلم حلوا , وأنا أحب أتعلم )) (( طيب أنتي ما تفتقدين صديقاتج ؟ )) حلا لم يكن لديها صديقات ولم يهمها ذلك قالت (( أنا ما عندي صديقات , لأن أنا كل سنة أنتقل لصف أعلى من اللي قبله )) خالد استغرب جداً من حلا وخشي أن تكون أخته انطوائيه لذلك قال لها (( ما تخافين أنج تكونين انطوائيه )) (( لا ما أخاف , لأني أنا عندي أصدقاء مثل المدرسين اللي يدرسوني )) ضحك خالد وقال (( أنا قصدي صديقات بعمرج )) (( اللي بعمري تافهات لأن ما يتكلمن غير بالتفاهات وأنا ما أحب التفاهة )) سكت خالد وظل ينظر بحلا وقد علم أن لديها مشكله يجب أن تحل . بعد أن شعر خالد بالملل من كثرة جلوسه في المنزل قرر أن يخرج ويرى العالم , لذلك خرج ووقف أمام عتبة بيته وقد كان مستنداً على عكازه فوجد فتيات صغيرات بعمر أخته حلا يلعبن أمامه وقد كن سعيدات جداً , عندما نظر خالد فوق وجد أخته حلا كانت تنظر من خلال النافذة إلى تلك الفتيات وقد كانت تتلهف لأن تكون مع تلك الفتيات ولكنها عندما انتبهت بأن أخوها ينظر إليها حاولت إخفاء تلك النظرات ولذلك تركت النافذة وذهبت عنها , ضحك خالد على أخته وجلس قليلاً أمام المنزل ولكنه ما إن شعر بالبرد حتى دخل إلى داخل المنزل . كان المنزل في الداخل كالمقبرة بالنسبة لخالد فقد كان يتأمل بجميع من في المنزل ووجد كل واحداً على حدا ينجز مهامه , فقد كانت حلا تقرأ بكتب علمية كثيرة بغرفتها أما السيدة نوال فكانت تعد العشاء لهم , بينما أبوه د.محمد فلم يره خالد منذ ليلة البارحة لقد أخبرته حلا أنه كثير الانشغال في المستشفى , وأكثر من ذلك كره خالد العلاقة التي يسودها الخجل بينه وبين السيدة نوال , أراد خالد تحطيم ذلك الحاجز الذي بينهما ولكنه لم يعرف كيف يكون ذلك . عند المائدة وبينما كان خالد يجلس وبجانبه أخته , كان خالد ينظر إلى كرسي والده ولكن حلا قالت (( لا تهتم , أبوي نادراً ما يجي على العشاء )) (( طيب هو متى يرجع ؟ )) ضحكت حلا وقالت (( أبوي ما يرجع غير بالليل لما أكون نايمة , ولما أقعد ألقاه هو نايم , تقدر تقول إننا تعودنا على هذا الوضع )) قام خالد بإكمال تناول الغداء ولكنه أستغرب عندما وجد السيدة نوال لم تجلس معهم وقد كانت تجلس أمام التلفاز وبيديها إحدى المجلات , نظر خالد إلى حلا وقال لها (( أمج ليش ما تجي تاكل معانا؟ )) (( أمي خايفه أنك تتضايق منها , عشان جذي ما تقدر تجلس لحد ما أنت تخلص أكل )) لم يحب خالد هذا الوضع فقال (( بس أنا أتضايق أكثر لما هي ما تجلس بنفس الطاولة وتاكل معانا )) حلا لم تستطع أن تبرر أي موقف لذلك قالت (( ما أدري , قولها أنت بنفسك هذا الكلام )) لم يقل خالد شيئاً بوقتها , ولكنه نهض عن المائدة بعد أن ضاق ضرعاً من هذا الوضع , كان يفكر بجدته وقال (( على الأقل جدتي تاكل معاي بنفس الصحن )) باليوم التالي استيقظ خالد وقد كان نشيطاً وعندما نزل إلى الأسفل وجد السيدة نوال تحضر الإفطار , كانت السيدة نوال مبتسمة بذلك اليوم فقالت عندما رأت خالد (( صباح الخير )) أبتسم خالد لها وقال (( صباح النور )) قالت السيدة نوال (( بكرا أول يوم لازم تتجهز له عدل , لأن أول انطباع يأخذونه الناس عنك مهم هو اللي يركز بذهنهم)) أحس خالد بأن هذا الحاجر الذي بينهما تلاشى فجأة ولكنه مع ذلك كان سعيداً لأنه تلاشى فقال (( أدري جدتي كانت دايماً تقول لي هذا الكلام )) عندما جلس خالد على المائدة وقد كان مستغرب فأبوه إلى الآن لم يأتي فقال (( أبوي للحينه ما جاء ؟ )) (( أبوك اتصل علي أمس وقال أنه ما راح يقدر يجي )) عندما جلست السيدة نوال على المائدة وقامت بتناول الإفطار مع خالد قال خالد بعد أن افتقد حلا (( أشوف حلا للحينها ما قعدت ؟ )) (( حلا أمس كانت سهرانه معاي , راح أخليها تنام ساعة زيادة )) أحس خالد أن هذه فرصته ليخبر السيدة نوال عن مشكلة حلا (( حلا صح أنها ذكيه وذكائها خارق , لكن هذا مو كل شي )) لم تعرف السيدة نوال عن ماذا يتكلم خالد فقالت (( ما فهمت عليك ؟ )) كان خالد يخاف بأن تندم أخته على أحلى سنين عمرها التي تفوتها فقال (( ما لاحظتي أن ما عندها أصدقاء , يعني إذا ضيعت سنين طفولتها راح يجي لها يوم وتندم على هذا الشي )) كانت السيدة نوال خائفة جداً على إبنتها فقالت(( والله أدري أن يجي لها يوم وتندم بس ما اعرف شنو الحل )) قال خالد (( أمس شفتها تطالع مجموعة بنات من الدريشه وكان مبين عليها إنها تتمنى اللعب معاهن )) (( أعرفهن بنات جيراننا وكلهن بسنها )) (( أنا لاحظت أن في منهن يتكلمن عربي )) (( أي إحنا شارعنا أغلبهم من الجالية العربية , في جيراننا اللي عاليمين أردنيين بس بنتهم ما تعرف عربي عدل , وعلى يسارنا فلسطينيين , وعلى بعد بيتين عائلة مغربية وكل هذي العوائل محتفظين بدينهم ويودون بناتهم لمدارس عربيه مع مدارسهن والله أتمنى أن بنتي تصير رفقة معاهن )) خالد الذي جاءته فكره تحل ذلك الموضوع (( أنتي صح تملين من القعدة بروحج بالبيت ؟ )) (( أي كثير )) (( شرايج تدرسين هذولا البنات كل عطلة أسبوع , أنا جدتي قالت لي أنج كنتِ مدرسة عربي وبهذي الطريقة راح تدرس حلا معاهم وأكيد راح ترافقهم)) (( والله فكرة , أكيد عوائلهم راح يوافقون )) عندما عرف خالد أن مشكلة حلا قريباً ستحل , شعر بالراحة وقام من المائدة ليدخل غرفته ولكن السيدة نوال ندهت عليه وقالت (( خلك جالس معانا )) فرح خالد بما قالته له السيدة نوال لذلك قال (( بما أنج مصره راح أجلس معاج )) ضحكت السيدة نوال وقالت (( أي مصره )) جلس خالد مع السيدة نوال وقد ظلوا طوال ذلك الوقت بالتحدث عن حلا و كانت البهجة تملأ المكان , بينما كانوا يتحدثون دخلت حلا عليهم وكانت نعسانة جداً ولكنها عندما وجدت أمها مع أخوها خالد يضحكون وكأنهم يعيشون مع بعض منذ سنين في المنزل , لم تصدق حلا عينيها في البداية وقد ظنت أنها في حلم جميل لذلك ظلت تفرك عينيها جيداً ولكنه صدقت الأمر عندما قاما الاثنان بمناداتها لمشاركتهم الحديث , عرفت حلا أن حديثها مع أمها بالأمس أجدى نفعاً معها . الفصل السابع عشر: أول يوم في المدرسة الثانوية في ذلك اليوم لم يستطع خالد النوم جيداً فقد كان يفكر كثيراًَ بيومه الأول بالمدرسة , لذلك كان يشعر بالنعاس كثيراً , بعكس حلا التي كانت متشوقة ليومها الأول في المدرسة الثانوية كانت تقول لأمها وأخوها عندما جلسوا عند المائدة (( يقولون أن المدرسة الثانوية فيها مصعد للطلبة)) ضحك خالد وقال (( أكيد لا , المدرسة الثانوية مثل كل المدارس )) (( بس أنا مدرستي اللي كانت بالصف الإعدادي قالت لي أن فيها كل شي )) كانت السيدة نوال تنظر لخالد بلبسه الموحد الجديد المخصص للمدرسة وقد كانت معجبة بأناقته وقالت (( طالع أنيق يا خالد )) فرح خالد بذلك الإطراء ولكنه أحمر خجلاً , ضحكت حلا على منظر خالد وهو خجل فقالت (( طالعي خالد استحى ووجهة صار طماطه )) خالد كان يكابر وقال (( لا ما استحيت , بس هذي طبيعة وجهي أول ما أقعد من النوم أنتي ما تدرين )) قالت السيدة نوال لخالد وابنتها حلا (( طيب أجلوا الكلام لبعدين , الحين كملوا أكل قبل لا يبرد البيض وبعدين محد فيكم ياكله )) بدأ خالد وحلا بأكل فطورهم ولكن خالد إستفقد أبوه كثيراً فقال (( أبوي وينه حتى اليوم ما جاء للبيت ؟ )) (( لا أبوك الحين فوق بغرفته , هو اللي راح يأخذكم معاه للمدرسة , عشان يدليكم عليها وأنتوا بعدين راح تروحون لها مشي )) لم تكمل السيدة نوال كلامها حتى أتى أبو خالد وقد كان مستعجلاً جداً فقال (( يلا يا خالد أنت وحلا أنا ناطركم بالسيارة لا تتأخرون )) قالت السيدة نوال (( ما تفطر ؟ )) (( لا مستعجل يا دوبك أوصل العيال وأروح للمستشفى )) كان د.محمد جداً في عجله من أمره فقال (( يلا ما خلصتوا ؟ )) لم يحب خالد هو وحلا ذلك الوضع , لذلك قاما عن طاولة الطعام قبل أن ينهوا طعامهم و كانا ينظران لبعضهم . جلس خالد في المقعد الأمامي في السيارة وأخته في المقعد الخلفي كانت حلا تقول سمعونا أغنية حلوه لذلك كان خالد يبحث في الشرطان الموجودة في السيارة وبينما كان يبحث وجد شريط لفت انتباهه فقد كان مكتوب بقلم وردي فيروز لذلك شغله , كانت الأغنية التي كانوا يسمعونها راجعين يا هوا راجعين , ظل خالد مندمج مع الأغنية بينما كان ينظر إلى الغيوم التي في السماء حتى أنه لم يحس بمسافة الطريق كان أبوه يناديه بينما كان خالد شارد الذهن حتى أخيراً أنتبه خالد وقال (( هاه وصلنا )) ضحكت حلا وقالت (( صح النوم , من زمان واصلين )) كان د.محمد طول الطريق يقول بعض الإرشادات لخالد عن كيفية الرجوع للمنزل ومن أي طريق يجب أن يأتي به للمنزل وقد أكمل إرشاداته ونصائحه قائلاً (( دير بالك على نفسك وأختك , ولا تتركها لحظه وحده أوك )) خالد قال (( لا تخاف عليها طول ما أنا معاها )) ابتسم د.محمد وقال (( إن شاء الله , يلا الحين انزلوا واستكشفوا عالمكم الجديد )) نزل خالد من السيارة وكانت أخته تمسك بيده فقاموا بتوديع والدهم الذي ذهب مسرعاً إلى المستشفى , قال خالد (( أبوي طول عمره مستعجل )) دخل خالد إلى المدرسة الثانوية وقد كان ممسكاً بشدة بيدي أخته حلا , كان خالد منذهلاً من أعداد الطلبة الموجودين في ممر المدرسة , كان بدأ ينظر يميناً ويساراً إلى الطلبة والطالبات هناك ولكنه تفاجئ عندما بدأ الجميع بالنظر إليه وبأخته الصغيرة , أحس خالد بالخجل وخصوصاً أنه بدأ بمشاهدة الجميع وقد كانوا يضحكون على حلا وهي أصغر الموجودين في المدرسة كان الأمر غريباً وجديداً بالنسبة لهم , حتى أن إحدى الطالبات التي كانت تمشي مع صديقاتها قالت لخالد وهي تضحك (( هل هذه هي أبنتك ؟ )) أحس خالد بالاستحياء من أخته لذلك قال لها (( أبعدي عني شوي , بس ظلي ألحقيني )) استغربت حلا من تصرف أخوها هذا ولكنها لم تكن على علم بأنه كان يخجل منها . أكمل الاثنان طريقيهما ودخلا الصف الذي سيتعلمون به , كان مليء بالصخب فقد كان البعض يتحدث بصوت عالي وكان هناك من يقذف الورق على احد الطلاب وكان هناك من يكتب على الصبورة بعض الأشعار , كان خالد يقف كالمسطول بينهم وهو يراقبهم , إلى أن جلس هو وأخته عند أخر مقعدين كانا شاغرين , ضحك الجميع من حلا التي بدأت تضع أدواته المدرسية على الطاولة , بينما كان خالد يجلس بصمت بجانبها , إلى أن دخلت إحدى المدرسات ملقية التحية على الجميع فقالت (( كل عام وأنتم بخير , أرى أن العطلة لم تغيركم )) كان جميع من في الفصل يشعر بالملل حتى أن أحد الطلاب قال للآنسة (( بما أنه اليوم هو أول يوم بعد العطلة هل من الضروري أن نتعلم شيئاً )) ضحكت الآنسة وقالت (( بالطبع يجب أن نتعلم , فنحن هنا لنتعلم يا روبن )) بدأت المعلمة بالنظر إلى قائمة أسامي الطلبة فلاحظت أن هناك أسمين مضافين للقائمة فقالت (( يبدوا أن لدينا طلاباً جدد , أرجو أن يتفضلوا ويقفوا ليعرفونا بأنفسهم )) وقف خالد وأيضا أخته حلا , كانت حلا متحمسة جداً لذلك بدأت بالتعريف عن نفسها , كان الجميع معجباً بها , قالت المعلمة وقد لفتها اسم حلا (( ما معنى اسمكِ يا حلا ؟)) (( معنى أسمي هو الشيء حلو المذاق )) قالت المعلمة وكانت معجبة بحلا (( أسمكي مطابق لصفاتك فأنتي كالسكر حلو المذاق )) ابتسمت حلا وقد أعجبها ذلك المديح , كانت المعلمة تعلم بأن حلا فتاة عبقرية فصيتها ذائع بشكل كبير (( إذن أنتي يا حلا فتاة عبقرية , ماذا تحبين حين تكبرين ؟)) قالت حلا (( أحب أن أكون عالمة في الكيمياء )) ضحكت المعلمة وقالت (( ممتاز يا حلا يبدوا أن مستقبلكِ سيكون باهراً , تستطيعين الجلوس )) جلست حلا , ولكن المعلمة كانت تنظر لخالد وقد كانت تنتظر منه أن يعرف عن نفسه ولكن خالد كان يقف ويقول (( لماذا كل هذه النظرات )) قالت المعلمة (( ألن تعرفنا عن نفسك ؟)) كان خالد يكره بأن يتكلم عن نفسه ولكنه قال (( أنا خالد أخو حلا أتيت من دولة الكويت , أهذه معلومات كافية عني؟ )) قالت المعلمة وكانت باردة الأعصاب (( أخبرنا أكثر عن بلدك الكويت )) قال خالد وقد بدا يتذمر من وقوفه الذي طال كثيراً (( الكويت دولة تقع في الشرق الأوسط , كانت في الماضي تشتهر بصيد اللؤلؤ الذي يباع إلى تجار الهند , أما الآن فلم تعد كذلك فقد أصبحت دولة نفطية وهي تصدر النفط للخارج )) كانت المعلمة تنظر طوال ذلك الوقت إلى رجل خالد المكسورة فقالت (( أرى أنك تضع الجبيرة لرجلك , ماذا حدث لك ؟ )) قال خالد وقد كره تلك الأسئلة الكثيرة ( أأنا أجلس في تحقيق )) ضحك الجميع , أما المعلمة فقامت بضرب العصا على الطاولة لجعل الطلاب يلتزمون الهدوء وقالت وهي تنظر لخالد بنظرات تحدي (( طوال ما أنت تجلس في صفي ستجاوب عن كل الأسئلة التي أطرحها عليك )) كانت تلك المعلمة ذات شخصية قويه جداً , لقد عرف أن هذه المعلمة سوف لن تتركه حتى يجاوب عن سؤالها فقال (( لقد وقعت من السلم ,أأستطيع الجلوس الآن ؟)) (( تستطيع الجلوس )) قالت المعلمة وهي ممسكة عصاها (( أنا كما تعلمون مرشدة صفكم وسأدرسكم التاريخ والأدب وأرجوا من الطلاب الجدد أن يسألوا عني للطلاب القدماء فحتماً سيخبرونهم من هي الآنسة آنا )) كان ذلك الكلام موجه لخالد , لأول مره يواجه خالد بحياته أحد المدرسين . قالت الآنسة آنا (( سنتكلم اليوم عن ويليام شكسبير من يريد أن يخبرنا معلومات عن شكسبير ؟)) لم يرد أحد رفع يده باستثناء حلا التي ظلت مصره بأن تجاوب على السؤال , لفتت حلا انتباه الآنسة آنا وقالت (( يبدو أن اصغر طالبة بيننا تريد أن تجاوب على السؤال , هيا يا حلا أخبرينا ماذا تعرفين عن ويليام شكسبير)) (( هو أديب وكاتب مسرحي وشاعر إنجليزي كما أن أعماله تم اقتباسها في كثير من الأفلام والمسرحيات حول العالم )) كانت الآنسة آنا تحب الطلبة الأذكياء لذلك كانت مهتمة جداً بحلا لذلك قالت (( أتعلمين يا حلا ما هي أهم أعمالة ؟)) (( أنا أعرف له فقط هاملت و روميو وجوليت )) (( جيد أخبرينا أكثر عن هاملت )) (( هاملت هي من أكثر المسرحيات إنتاجاً وتمثيلاً كان أبي يخبرني بأن هذه المسرحية تعود شهرتها إلى العبارة الشهيرة والسؤال الذي يناجي فيه هاملت نفسه قائلاً : أكون أو لا أكون )) (( أبوكِ ماذا يعمل يا حلا ؟ )) (( أبي يعمل طبيباً )) (( أعتقد بأن والدِكِ أحسنوا تربيتك )) لاحظت الآنسة آنا بأن حلا تجلس في المقعد الأخير لذلك قالت وقد كانت توجه الكلام ل ديفيد الذي يقعد في المقعد الثاني (( لا أعتقد من اللائق بأن تجلس هنا بينما حلا لا تستطيع أن ترى جيداً نظراً لأنها تجلس في أخر مقعد )) عرف ديفيد بأنه يجب أن يتبادل الأماكن مع حلا لذلك نهض عن مقعده دون أن يتفوه بكلمة وجلس بالمقعد الذي بمحاذاة خالد , كان ديفيد ينظر لخالد بنظرات احتقار وقد كانت تلك النظرات واضحة بالنسبة لخالد لذلك ما كان على خالد سوا أن يلتزم الصمت ظناً به بأن الأيام كفيله بجعله صديقاً مع ديفيد . بنهاية الحصة وقبل أن يقرع الجرس قالت الآنسة آنا لخالد وحلا بأنهم يجب أن يسجلوا بأحد النشاطات كما هو معتاد بالمدرسة , لذلك قالت حلا (( أنا سأسجل بقسم العلوم )) قالت الآنسة آنا (( وأنت يا خالد في قسم تريد أن تكون ؟)) (( لقد سمعت أن هناك نشاط يقام لفريق كرة القدم )) (( ولكنك مصاب برجلك ؟)) (( سأفك الجبيرة قريباً , ربما بعد أسبوع أو أسبوعين )) (( جيد إذن سيكون هناك منافس ل ديفيد )) قال ديفيد (( أنا لا أحد يستطيع أن ينافسني )) قرع الجرس وقد بدأ مجموعه من الشبان بالتجمع حول ديفيد وكانوا ينظرون إليه ويضحكون , لم يحب خالد ذلك الوضع ولكنه حاول تجاهلهم , كانت الفتيات مجتمعات حول حلا وقمن بالتحدث معها , بدأ خالد بمراقبتهن وهو يجلس في مكانه ولم يبرحه إلى أن أتت إحدى تلك الفتيات وقالت لخالد (( مرحبا )) خالد الذي استغرب من أنها تتحدث العربية فقال (( أنتي عربية ؟ )) (( أيوه أنا فلسطينية , وأنا جارتكم بالبيت المقابل , كنت دايماً أشوفك تقعد لوحدك قدام بيتكم )) كانت تلك الفتاة تتحدث بسرعة ولم تعطي خالد فرصة ليتحدث , إلى أن قالت الفتاة لخالد (( مالك ساكت , أحكي شي )) ضحك خالد وقال (( أنتي ما عطيتيني فرصة أقول شي )) ضحكت الفتاة وبدت خجلة قليلاً ولكنها استمرت بالكلام وقالت (( الكل هيك بيقولوا عني , أني بحكي كتير من غير ما أسكت )) قال خالد (( لا بالعكس شخصيتك حلوه )) فرحت الفتاة بهذا الإطراء وقالت (( جد ولا عم تمزح )) (( لا جد , صحيح ما عرفتينا عن أسمك )) (( أنا منار وأنت خالد شفت أنا بعرف اسمك )) قال خالد وقد أحس أنه أصبح لديه صديقه جديدة (( عاشت الأسامي يا منار )) لم يستطع خالد أن يكمل كلامه مع منار حتى أتى وقت الحصة الثانية لذلك جلست منار بمقعدها, مر اليوم بطيئاً بالنسبة لخالد وحلا , وحانت اللحظة التي يذهب الجميع إلى النشاط الذي رغبوا به كانت حلا في المختبر مع المعلمين والمعلمات وكانوا يقومون بتجارب عدة , أما خالد ذهب إلى الملعب الذي يتدرب فيه اللاعبين , كان خالد يجلس على أحد المقاعد ويتفرج على تدريبهم بينما كان هناك المشجعات اللاتي لم يتوقفن عن التشجيع , كان خالد يحس بالراحة بذلك الوقت إلى أن ضحك الجميع عليه ومن بينهم ديفيد الذي قال لمدربهم (( هل بدأتم تحضرون المعوقين ليلعبوا معنا )) كان خالد يسمع الكثير من تلك الأقاويل حوله وكان يتجاهلهم ولكنه أحس بأنه يريد أن يضربهم , ظل خالد متمالك نفسه حتى أتت إليه منار وجلست بجانبه وقالت (( مرحبا )) (( أهلين )) (( هاه كيف الجو معك ؟ )) (( الحمد لله تمام , صحيح أنتي بأي قسم مشاركة ؟ )) (( أنا بقسم الرسم , لأني بموت بالرسم )) (( طيب ليش ما تروحين لقسمج ؟ )) ضحكت منار وقالت (( شو ما بدكياني أقعد معك , إذا ما بدك بقوم )) (( لا بس كنت أسأل )) (( لا بعرف بس أنا بحب أمزح معك , هو أنا اليوم ما كان جاي على بالي أرسم قلت بجي أشوفك شو عامل بيومك الأول )) خالد كان ممتناً جداً لمنار فقال (( شكراً لج )) (( على شو بدك تشكرني , أنا ما عملت شي )) ظل خالد ومنار يتحدثون بأمور كثيرة , حتى أنهم مروا إلى حلا وأخذوها معهم و عادوا سوياً إلى المنزل . في الطريق كانت حلا طوال الوقت صامتة فهي لم تحب منار ولا حتى أختها الصغيرة ورد وكانت ممسكة بيد أخيها خالد , حتى ورد لم تكن تحب حلا وهي الأخرى كانت تمسك بيد أختها منار , كان خالد ومنار ينظران إلى حلا و ورد وقد استغربوا من حالهم , ثم بدأ بالضحك سوياً . خالد بهذا الوقت تذكر بأن السيدة نوال تريد أن تعلم فتيات الحي العربية , لذلك قال لمنار (( أم حلا تبي تبتدي تعلم البنات العربي , على فكره هي كانت مدرسة عربي )) (( أنا معجبة فيها أم حلا , لأن أحسها إنسانه بتفهم كتير بالحياة )) (( بما أنج تحبين أم حلا , أبي منج خدمة )) (( خير إن شاء الله شو هي الخدمة ؟ )) (( أبيج تقنعين أهلج بأنهم يخلون ورد تتعلم عند أم حلا )) (( أوك موافقة وراح أخلي كمان كل جيرانا يخلوا بناتهم يتعلموا عند أم حلا )) كانت منار متحمسة جداً لتلك الفكرة ولكنها نظرت لخالد وكان ببالها فكرة , عرف خالد بأن هناك ما تريد أن تقوله فقال لها (( شفيج تطالعين لي جذي ؟ )) (( يعني بدك خدمة هيك ببلاش , بدون مقابل منك )) ضحك خالد وقال (( أنا أقول كل هالمساعدة مو لله )) ضحكت منار وقالت (( لا والله أنا طيبة بس الخدمة اللي بدياها منك صغيره )) (( شنو هي ؟ )) (( بدي أرسمك , لأن في مسابقة بالمدرسة وهي أنهم راح يختارون أجمل لوحة راح تشارك بمسابقات عالمية )) ضحك خالد وقال (( أوك موافق )) (( خلاص من بكرا راح ابتدي أرسمك )) أصبح خالد ومنار كل يوم يخرجون إلى المتنزه لترسمه وكان خالد يقضي أجمل أوقاته معها , مع أن منار لم تكن تجعله يشاهد اللوحة ولكن كان الفضول يجعل خالد يفتعل الحيل ليشاهد اللوحة , كما أن منار وفت بوعدها وجعلت كل من في الحي يقصدون أم حلا لتعلم بناتهم اللغة العربية وقد اتفقوا معها بأنها ستعلم بناتهم فرحت السيدة نوال بأنها ستستعيد أيامها عندما كانت تعمل مدرسة وقد شكرت خالد على ذلك الأمر. (يتبع) لقراءة الفصول السابقة للرواية اضغط هنا