طلب مني أحد رواد الأعمال المساعدة في تشخيص سبب الهبوط الحاد في مبيعات محله التجاري. في البداية سألته الأسئلة البديهية عن المكان، تغير الأسعار، تغير في نوعية البضاعة والمنافسة، ولم أجد في كلامه سبباً واضحاً لهبوط المبيعات بهذا الشكل الحاد. حقيقةً لقد تملكني الفضول لمعرفة السبب، وكان أول شيء أعمله هو زيارة المكان لتكوين فكرة من واقع ميدان العمل. أخذت كرسياً وجلست بعيداً عن جهاز الدفع حيث يجلس وأخذت أتأمل في الإضاءة، التكييف، النظافة،… إلخ، وفجأة ارتفع صوت صاحبنا هذا موبخاً أحد زبائنه على إعطائه 500 ريال قطعة واحدة بينما مشترياته لا تتعدى ال19 ريالاً مكرراً أكثر من مرة وبشكل استفزازي أنه ليس بنكاً لديه كل فئات النقود بشكل كافٍ. خلال رحلة التوبيخ هذه كان الزبون (الضحية) صامتاً منتظراً باقي المبلغ. بعد هذا المشهد الدرامي ذهبت إليه وطلبت منه أن يأتيني بعد انتهاء عمله فقد وجدت المشكلة. جاء سريعاً وبادرني بالسؤال عن السبب. قلت له “أنت السبب”. نبرة صوتك المستفزة، بالإضافة لوجنتك المتقطبة ووجهك العبوس سبب رئيس لنفور الزبائن من محلك. وذكرته بالزبون (الضحية) كيف كان يتعامل معه، وأكاد أجزم أنه لن يعود. ولو خسرت زبوناً كل يوم بسبب تعاملك السيئ فلن تجد من يشتري منك في نهاية العام. نظر إليّ وقال: إني أعاني من أزمة مالية منذ سبعة أشهر انتقلت تداعياتها لساحات المحاكم، وبسببها أعاني من ضغط نفسي حاد. بعد معرفة السبب كان أول حل هو “وقف النزف”، وذلك بابتعاده عن الاحتكاك المباشر مع الزبائن، بالإضافة لبعض الحلول الأخرى التى أرجعت المبيعات تدريجياً ولكن ببطء لسابق عهدها.