أعيد النظر في بديهيات حينما أتأمل قصصاً واقعية، فمن المتفق عليه ألا فوائد للسلبيات وأوجه النقص والقصور، هذا ما نعرفه، أقصد فوائد تعم بنفعها الجميع لا خاصة، فلكل سلبيات فئات محدودة تستفيد منها، لكن العموم يخسرون بسببها ويتذمرون ومعهم حق. قبل أشهر نشرت أخبار في صحف محلية عن اضطرار الشؤون الصحية بجازان استئجار برادات «خضار« لحفظ «الجثث»، فكلنا نباتات من التراب وإلى التراب. وسبب الاضطرار امتلاء ثلاجات المتوفين، وتتكرر مثل هذه الحالات لدرجة مقلقة... للوهلة الأولى!! لكن تبين أن لذاك النقص فائدة عظمية لا تقدر بثمن، ولإثبات ذلك لا أفضل من قصة للمواطن إبراهيم الماجد نشرتها صحيفة «سبق» قبل أيام، هذا مختصرها. اذ أصيب الرجل بالإغماء أو الغيبوبة نتيجة شجار على أسعار! وتم نقله إلى طوارئ مستشفى لم يذكر اسمه، تمت محاولة إنعاشه ولم يستجب فأعلنت وفاته وحدد الأطباء سببها بهبوط حاد في الدورة الدموية نتيجة السكر، وجهزت الأوراق وهي أهم من الحياة نفسها، لتتم إحالته إلى ثلاجة الموتى، لكن مسؤول الثلاجة «الله يعافيه» رفض استقبال الجثة لأن ثلاجته ممتلئة، ولم يكن هناك مفر من وضعها في «السيب» أي الممر، لتمر ممرضة وتستغرب وضع جثة في هذا المكان - بصراحة هذا الاستغراب مستغرب لأن «الأسياب» في المستشفيات مستثمرة بشكل جيد! - المهم ومن باب الفضول الطبي أو الصحي، لمست أو «جست» الممرضة قدم الرجل المسجى في السيب واكتشفت نبضاً ضعيفاً! فأعلنت حالة الطوارئ وأنعش الرجل وعاد للحياة، ولم يذكر الخبر منح الممرضة جائزة «الفضول الإيجابي الحساس» وهي تستحق مشكورة. أليس هذا من فوائد السلبيات واستثمار الممرات، صحيح أن بعضكم يراه مثل فيلم كرتون، لكن لنركز على المفيد المفرح وهو عودة الرجل إلى الحياة. تذكر أمراً في غاية الأهمية، إذا وضعت في «سيب» مستشفى «بعيد عني وعنك» احرص على أن «تطلع رجلك»، لعلها تثير فضول أحد المارة فيعيد نبض اهتمامه الحياة إليك، لا تيأس حتى ولو كنت في غيبوبة. مربط الإنعاش هو في الإحساس. مع رجاء بقاء ثلاجات المتوفين ممتلئة، لنستثمر «الأسياب» ونشجع على الفضول الطبي الحساس والنادر، إذ إن المنتشر هو فضول «من تكون». www.asuwayed.com Twitter | @asuwayed