جاءني أحد رواد الأعمال طالبا تشخيص سبب هبوط المبيعات في منشأته من خمسة آلاف إلى ألف و500 ريال يوميا. في البداية سألته الأسئلة البديهية عن المكان، تغير الأسعار، تغير في نوعية البضاعة، ولم أجد في كلامه سببا لهبوط المبيعات بهذا الشكل الحاد. بعدها انتقلت معه للحديث عن أمور أعمق في عمله التجاري. وأيضا لم يتبين لي أي سبب رئيسي. حقيقة لقد تملكني الفضول لمعرفة السبب وطلبت منه أن أجلس في محله وبحضوره لعلي أجد السبب. بعد جولة داخل المحل وخارجه لم أجد سببا لتقلص حجم المبيعات. أخذت كرسيا وجلست بعيدا عن جهاز الدفع حيث يجلس وأخذت أتأمل في الإضاءة، التكييف، النظافة،... إلخ وفجأة ارتفع صوت صاحبنا هذا موبخا أحد زبائنه على إعطائه 500 ريال قطعة واحدة بينما مشترياته لا تتعدى التسعة عشر ريالا مكررا أكثر من مرة وبشكل استفزازي أنه ليس بنكا لديه كل فئات النقود بشكل كاف. خلال رحلة التوبيخ هذه كان الزبون «الضحية» صامتا منتظرا باقي المبلغ. بعد هذا المشهد الدرامي ذهبت إليه وطلبت منه أن يأتيني في المساء فقد وجدت المشكلة. تهللت أساريره وابتسم ابتسامة عريضة، قائلا: الساعة السابعة بالثانية سأكون عندك. جاء على موعده وبادرني سريعا عن السبب. قلت له: أنت السبب الرئيسي. نبرة صوتك مستفزة، إضافة إلى أن وجنتك دائما متقطبة ووجهك عبوس. وذكرته بالزبون «الضحية» كيف كان يتعامل معه الذي أجزم أنه لن يعود. وكيف أنه لو عامل زبونا واحدا بنفس الطريقة كل يوم، يكون قد خسر ثلاثين زبونا في شهر وهذا عدد لا يستهان به. نظر إلي وقال: إني أعاني أزمة مالية منذ سبعة أشهر انتقلت تداعياتها لساحات المحاكم، وأعاني ضغطا نفسيا شديدا جعل وعاء الصبر عندي لا يستطيع تحمل ضغط العمل اليومي. بعد معرفة السبب كان أول حل هو وقف النزيف وذلك بابتعاده عن الاحتكاك المباشر مع الزبائن، إضافة لبعض الحلول الأخرى التي أرجعت المبيعات تدريجيا ولكن ببطء لسابق عهدها. * استشاري في الأعمال الصغيرة والمتوسطة والشركات العائلية