المنظومة الإعلامية كما هو معروف تقوم في الأساس على عناصر ثلاثة (الإعلام المقروء والمسموع والمرئي)، ويهمني تناول موضوع (الإذاعة) الإعلام المسموع، فالإذاعة وأنا أحد عشاقها ومن الذين أمضوا جزءاً كبيراً من حياتهم في العمل فيها والكتابة لها والتفاني والإخلاص لولائهم لها. الإعلام المسموع له طبيعته وزخمه وإبداعه، أهمية هذا الإعلام أنه واسع الانتشار، والأكثر شعبية بين الناس، لأن «الإذاعة « وسيلة جماهيرية تخاطب جماهير عريضة من الناس، تتباين في العمر والطبقة والوضع الاجتماعي والاقتصادي، يتلقاها ويفهمها ويستمتع بها المتعلم والأمي، ويتجاوز كل أبعاد الفوارق والتباين الطبقي تعليمياً واجتماعياً وثقافياً. بمعنى أنها الوسيلة الأسهل والأكثر التصاقاً بالناس، وذلك لسهولة الوصول إليها والتواصل معها، إذ لا حاجة إلى التركيزالعميق، وتحتاج لإحدى حواسك لتتلقاها. لذلك نجد أن الإذاعة تقوم بدور حيوي ومؤثر في حياة البسطاء والكادحين. فالراديو تجده في كل المجتمعات المتقدمة وغير المتقدمة، وهو رفيق يجبرك على الاستماع إليه وأنت في سيارتك، وفي مشاوير الحياة اليومية وأثناء السفر، والدليل أنها لم تفقد بريقها رغم الغزو التليفزيوني الفضائي، ما نلاحظه من تعدد قنوات البث الإذاعي الخاصة ال(FM)، والحديث عنها يطول شرحه. ومناسبة الحديث عن الإذاعة، حفل التواصل الذي تنظمه إذاعة جدة للإذاعيين في أمسية رمضانية كل عام ويرعاه معالي وزير الثقافة والإعلام، وقد أقيم الحفل في عامه الثالث في بيت الأدباء وصرح الثقافة (النادي الأدبي الثقافي بجدة). وأُعلن في الدعوة التي وجهها النادي لأعضائه ومنتسبيه، وإذاعة جدة لإعلامييها ومذيعيها والعاملين فيها، أن معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة سيشهد التوقيع على عقد شراكة التعاون الثقافي بين إذاعة جدة ونادي جدة الأدبي. ومن حسن حظي أنني كنت محسوباً على الطرفين؛ الإعلاميين والمثقفين المتعاونين مع الإذاعة والمُسهمين في الإعداد لبرامجها، ومن الأدباء والمثقفين المنتمين للنادي الأدبي الذين تحتاجهم الإذاعة والتليفزيون ممن لديهم القدرة على الإبداع في إعداد البرامج الثقافية والأدبية والدراما، والذين عناهم الدكتور الخوجة في كلمته في الحفل. أريد فقط تسجيل بعض الملاحظات، وما يجب توضيحه للأمانة والتاريخ. ففي الواقع ليست المرة الأولى في تاريخ إذاعة جدة ونادي جدة الأدبي أن تكون هناك شراكة بينهما أو ما يمكن وصفه بالتوأمة الثقافية. وهو ما أشار إليه مدير عام الإذاعة الدكتورعبدالله الشايع في كلمته. ويمكن أن يكون من الناحية الشكلية أو البروتوكولية أنها (المرة الأولى). ذلك لأنه في عام 1403ه، عند تشكيل مجلس إدارة النادي، بعد وفاة الأستاذ العواد أول رئيس مؤسس للنادي، وخلفه في رئاسة النادي الأستاذ حسن القرشي، انضم لمجلس الإدارة في التشكيل الجديد الإعلامي الكبير الأستاذ مطلق الذيابي، الذي قدم بالتعاون مع النادي برنامجاً ثقافياً بعنوان (النادي الأدبي)، وكنت أتعاون معه بتزويده بالأخبار والمواد التي يحتاجها للبرنامج، كان هدف البرنامج رصد الحراك الثقافي لأنشطة النادي وانتقاء ما يثير التساؤلات ويفيد من المحاضرات والندوات. وفي عام 1405ه، بعد أن تسلم الأستاذ عبدالفتاح أبومدين رئاسة النادي خلفاً للأستاذ القرشي، بعد أن عُين سفيراً للمملكة في الخرطوم، طلب مني الأستاذ مطلق الذيابي أن أتولى إعداد برنامج (النادي الأدبي)، وخاصة أن مصادر ومراجع مواده عندي. وأضفت للبرنامج الذي استمر تقديمه في الإذاعة لمدة سبع سنوات، بعض المقتطفات من نشاطات النادي والأندية الأدبية، التي تعاونت معي في تزويدي بأخبارها والأشرطة التي سجلت عليها نشاطاتها كالأمسيات الشعرية والقصصية، إضافة إلى المحاضرات. وكان ذلك التعاون بين الإذاعة والنادي يمثل التوأمة الثقاقية المثلى، التي نأمل أن تستفيد من وسائل التقنية الحديثة ووسائل الإنتاج الإذاعي المتطورة، ما يحقق لعقد الشراكة الجديد بين إذاعة جدة والنادي الأدبي إضافة جيدة ونمطاً مختلفاً وأكثر توهجاً وتميزاً، وخاصة أن تشكيلة مجلس إدارة النادي الحالية تضم الإعلاميين عبدالعزيز قاسم وعبده قزان، مع إدراكنا للدور الحيوي والمهم الذي تحدثه من تأثير في ثقافة المجتمع.