تسببت التقنيات الحديثة والتكنولوجيا في اندثار عدد من المظاهر والعادات القديمة في بعض مناطق المملكة مثل مدفع الإفطار والمسحراتي وغيرهما من المظاهر التي كانت تتسم بالبساطة، فقبيل مغيب الشمس وحلول موعد أذان المغرب بلحظات كان سليمان الدخيل -رحمه الله- يعتلي مئذنة مسجد القبة في قصر إبراهيم الواقع في الجهة الشرقية من حي الكوت في الأحساء، ويبدأ في مراقبة الشمس وفي لحظة المغيب يقوم بإعطاء إشارة إلى مجموعة من أفراد شرطة يقفون على تلة مرتفعة في الجهة الشرقية من حي الرفعة بالقرب من سوق الخميس القديم خلف مجموعة من المدافع يطلق على أكبرها اسم «سرهيد» وذلك من خلال التلويح بعلم أحمر ليبدأ هؤلاء الجند بإطلاق المدافع بعد أن تم تجهيزها وحشوها بالبارود إيذاناً بحلول موعد الإفطار، بعد ذلك يبدأ بن دخيل في رفع أذان المغرب بصوته الشجي يتبعه باقي المؤذنين في مساجد الحي والأحياء المجاورة. إطلاق المدافع في السابق لا يقتصر على إخبار الصائمين بموعد الإفطار بل إن الجند كانوا يطلقون المدفع عدة مرات في اليوم وذلك للتنبيه لاقتراب موعد السحور، وتنبيه سكان الحي بموعد الإمساك كما أن أصوات المدافع كانت تسمع لعدة مرات عند ثبوت الرؤية ودخول الشهر الكريم وعند حلول عيد الفطر. التقنية الحديثة والتطور الذي شهده العالم خلال السنوات الأخيرة تسبب في اختفاء تلك المظاهر وإحالة المدفع «سرهيد» إلى التقاعد بعد فترة عمل استمرت عدة سنوات كان خلالها يقوم بدوره على أكمل وجه في التنبيه بموعد الإفطار والإمساك دون تقاعس أو تقصير. مدفع الإفطار ليس العادة الرمضانية الوحيدة التي أثرت فيها التقنية الحديثة وتسببت في اختفائها، بل إن هناك عديدا من العادات والتقاليد التي اختفت خصوصا في مدينتي الهفوف والمبرز وإن كانت تمارس في بعض القرى من خلال اجتهادات فردية للحفاظ عليها ومنها «أبو طبيلة» الذي كان يجوب الشوارع والأحياء متنقلاً من حي إلى آخر طوال ليالي الشهر الكريم يقرع طبلته ليوقظ النائمين لتناول طعام السحور. وكذلك الاحتفال بالقرقيعان الذي يبدأ صباح يوم 14 من رمضان حيث يقوم أطفال الحي بالتنقل من منزل إلى آخر للحصول على المكسرات والحلويات في مظهر جميل يؤكد الترابط بين أبناء الحي إلا أن تلك العادة اندثرت حيث أصبحت حفلات القرقيعان تتم بشكل مختصر داخل المنازل ودون مشاركة من أطفال الحي، كما أن عادة تبادل الوجبات قبيل الإفطار لم يعد لها أثر كما كانت في الزمن الماضي. كما اختفى الاستحمام في عيون المياه قبل موعد الإفطار، فالتقنية الحديثة والتكنولوجيا بالرغم من إيجابياتها العديدة إلا أنها قضت على عديد من العادات القديمة الجميلة التي تتسم بالبساطة.