د. جرمان أحمد الشهري قبل دخول الشهر الفضيل بيومين جاءت تباشير الخير بالنصر القريب في سوريا على من طغى وتجبر وسفك الدم الحرام، كانت ضربة قاضية استهدفت القيادات العليا في محيط الأسد، ضربة موجعة ومؤلمة وغير متوقعة، فأيادي البطش التي كان يبطش بها الأسد طوال الفترة الماضية قد بُترت من جذورها في عملية نادرة من العمليات الناجحة للجيش السوري الحر، لقد شلت تلك العملية الحركة النظامية في سوريا ليس لأنها قضت على رؤوس الشر والقتل، وإنما لأنها نفذت بطريقة لا تخطر على بال الأسد وعصابته، النظام السوري تفاجأ من تلك العملية النوعية فصار يتخبط في الإعلان عنها والتصريحات بشأنها، فقال إنها تمت عن طريق أحد الإرهابيين الذي فجر نفسه في قاعة الاجتماعات بعد ارتدائه لحزام ناسف. فرد عليه أحد قادة الجيش الحر، بأن منفذ العملية كان أحد المقربين إلى محيط الأسد والعاملين معه بنفس القاعة بعد أن تم اختراق النظام من قِبل الجيش الحر، حيث نفذ العنصر العملية بطريقة زرع المتفجرات في الأماكن المعينة ثم خرج من القاعة قبل التفجير ودون أن يصيبه أي أذى، إذن الحسم يقترب من رقبة الأسد نفسه، خصوصاً وأنه كاد أن يغتال قبل تفجير عصابته بيوم واحد فقط ولكنه نجا بإرادة الله الذي سيلحقه بزمرته عاجلاً إن شاء الله، وعندما نقول زمرته فإن الزمرة نوعان، نوع يعمل بجوار الأسد ولصيق له ومنفذ لأوامره عياناً بياناً، وهم أولئك القتلة الذين سلط الله عليهم فجرعهم من نفس الكأس التي يجرعون منها الموت للشعب السوري، فكان ذلك التفجير هو بمثابة الجزاء من نفس العمل، أما النوع الآخر من الزمرة فهي تلك العصابة التي تؤيد وتحرض وتدعم الأسد على الاستمرار في العنف واستباحة دماء الأبرياء، ويأتي على رأسهم شيخ الضلال حسن نصر الله، الذي اجتمع بعد التفجير في أتباعه وخطب فيهم خطبته الهوجاء التي استهلها بالترحم على من وصفهم بالشهداء ورفاق السلاح، هذا الدعي على الأمة الإسلامية لم يقدم في حياته النضالية المزعومة إلا التفاني لخدمة إيران وإيقاع الأذى بكل من ينتسب إلى لبنان وإلى الأمة العربية جمعاء، ساعده في ذلك التلبس بالدين وادعاء المقاومة والدفاع عن القدس ومحاربة إسرائيل، مع أنه ليس إلا أداة من أدوات إسرائيل الفاعلة التي ترتكز عليها كلما خططت لضرب الفلسطينيين، ومن هذه الزمرة وزير الخارجية الروسي، الذي تفوق بجدارة على الأسد ووزير خارجيته في الدفاع عن المجرمين وتبرير أفعالهم والوقوف معهم، إنه لأمر مريب أن يتبنى لافروف هذا الموقف المخزي له ولدولته، ولكنه النفاق الدولي الذي يتخلى عن أخلاقياته مقابل تحقيق مصالحه حتى لو كانت تلك المصالح تُسهم في إراقة الدم السوري، ولاشك أن السوريين الأحرار بعد أن يتخلصوا من حكم الطاغية سيطالبون بحقوقهم من كل من شارك في قتلهم سواء روسيا أو الصين أو كوبا أو حزب الشيطان. وقبل أن أختم لدي نصيحة وتساؤل، فالنصيحة أقدمها لطاغية سوريا بأن يراجع نفسه ويستغل الفرصة الأخيرة والمبادرة الثمينة التي مُنحت له من قِبل الجامعة العربية وبموافقة المجلس الوطني السوري، وهي تنحيه عن السلطة مقابل تأمين حياته وحياة أسرته. أنا شخصياً أستغرب كيف يُمنح هذا الأهوج مثل هذه المبادرة بعد أن لطخ يديه بأكثر من عشرين ألف قتيل دون أي ذنب إلا مطالبتهم بالحرية، أستغرب فعلاً كيف يُمنح هذا القاتل النجاة في حالة موافقته على المبادرة! ومع ذلك الأحمق أحمق حتى مع نفسه، فما إن عُرضت عليه حتى رفضها، ولم يعلم الغبي أن رقبته الطويلة أصبحت قاب قوسين أو أدنى من حبل المشنقة، ولم يعد أمامه إلا قبول تلك المبادرة قبل أن تسحبها الجامعة العربية وترفضها المعارضة السورية.. أما التساؤل، فهل الولاياتالمتحدةالأمريكية ضعفت إلى درجة متدنية تجعلها تمرر حق النقض لروسيا ثلاث مرات متتالية في قضية سوريا؟ وهل هي عاجزة عن اتخاذ أي إجراء حاسم خارج مجلس الأمن؟ خصوصاً وأن المجتمع الدولي بأكمله يدعمها ويسندها ماعدا الثلاثي الوقح (روسيا والصين وكوبا) الذين أسهموا في قتل السوريين بصفاقتهم ودناءتهم، أم أنها أي أمريكا تحقق أهدافها الخفية بواسطة غيرها فالتزمت الهدوء على طريقة (مستحية مشتهية) وأصبحت تتحجج بالفيتو الروسي لتعطيل التدخل الحاسم في سوريا، ولترك الناس تتناحر مع بعضها البعض، حتى تضعف سوريا وتنهكها وتقضي على جميع مقوماتها ومقدراتها ولُحمتها الوطنية، مع تأجيج الطائفية البغيضة بين أبناء الوطن الواحد من أجل خدمة الربيبة إسرائيل ومن بعدها الطوفان!