هنالك كثير من الناس اليوم يحنون إلى العودة للزمن الماضي الجميل، ويمارسون هواياتهم في تذكر تلك الأيام الخوالي. يتذكرون وقت ذهابهم إلى النوم دون أن يغلقوا الباب، وكيف أنهم كانوا يجلسون داخل سياراتهم في المساء وهم يشعرون بالأمن، أو يتوقفون عند الشاطئ، أو يتمشون في الطرقات دون أن يخامرهم الإحساس بالخوف من أن هناك خطرا يترصدهم في الظلام. وحينما يستدعون شريط الذكريات، تراهم يتحدثون باحترام وأدب جم عن مديري المدارس الذين عملوا على تأديبهم خلال سنوات الدراسة، كما أن التلاميذ، الذين كانوا يكبرونهم في السن في تلك التجمعات الدراسية، كانت لهم السلطة عليهم دون إذن بذلك من أولياء أمورهم، بل كانوا يعاقبونهم إذا بدر من أحدهم سلوكا غير قويم. وجاء في صحيفة «ذا ناساو جارديان»، الصادرة في البهاما، أن أولئك الذين يعيشون في عالم الذكريات، هم ذات الناس الذين يسمحون لأطفالهم بعدم احترام الكبار، بل إنهم تركوا لهم «الحبل على الغارب» ليفعلوا ما يحلو لهم دون رقيب أو حسيب. ويمضي أصحاب الذكريات إلى أبعد من ذلك حين يتحدثون بوقاحة عن ارتفاع معدل الجريمة بصورة كبيرة، وأن الأطفال أصبحوا خارج نطاق السيطرة ولا بد من ردعهم. إنهم في الحقيقة يتحدثون عن أطفالهم، ولكن كيف يتسنى للأطفال، الذين لا يقومون بأي مجهود حقيقي في المنزل، أن تتم السيطرة على تصرفاتهم وتعليمهم ووضعهم في الطريق الصحيح؟ في يوم ما تجسدت كل تلك القيم السالبة في مشهد واحد، وذلك حينما اجتاح والدان غاضبان أحد الفصول الدراسية في إحدى المدارس الثانوية الحكومية، وبدأ كل منهما في توبيخ معلم الفصل بكل وقاحة أمام مسمع ومرأى من تلاميذه. هذا السلوك غير المسؤول من أبوين يجب التصدي له فورا، حتى يكون في ذلك عبرة لكل من تسول له نفسه القيام بذلك. وينتظر في مثل هذه المواقف أن يقوم وزير التعليم والشرطة بإظهار درجة أكبر من الحزم إزاء مثل تلك التصرفات باتخاذ إجراء ملموس بدلا من ترديد تلك الكلمات التي لا فائدة من ورائها. فالأطفال لا يتعلمون الاحترام والأخلاق الحميدة بصورة آلية، وإنما يقلدون آباءهم فيما يأتون به من تصرفات. لقد حان الوقت لكي يعود الآباء إلى المبادئ، وأن يعترفوا أنه بإمكانهم أن يكونوا القدوة الحسنة، وأن يكون مبدأهم لأطفالهم «افعل ما أفعله». إن الشباب من الجنسين اليوم، وكذلك تلاميذ المدارس الثانوية والابتدائية، وحتى الذين لم يلتحقوا بالمدرسة بعد، يحتاجون إلى أشخاص إيجابيين يقومون بإرشادهم وتوجيههم حتى يتعلموا اتخاذ القرارات القوية والصائبة. ومن المؤكد أنهم لن يجدوا ذلك التوجيه من آباء يقتحمون الفصول ويسيئون للمدرسين ولا يتصرفون بعقلانية. تلك هي الأشياء التي يجب على الكبار الاحتفاظ بها في عقولهم حينما يفكرون بالعودة إلى الوراء، ويسترجعون ذكريات تلك الأيام الذهبية الجميلة.