استضافت “دار الأوبرا السورية” الثلاثاء عرض “كراكوز وعيواظ” على طريقة “خيال الظل” التقليدية المعروفة، في إطار “مهرجان الأطفال والشباب” الذي تقيمه دار الأوبرا هذه الأيام. هذا العرض التقليدي التراثي يثير أسئلة بخصوص أهمية هذا الفن في زمننا، هل هو للمتحف، أم للتعليم، وهل هو قادر على الحياة في ظل الوسائط الإعلامية التي نشهدها؟ ما قدمه المخايل، وهذا هو الاسم الذي اتفق عليه لمن يدير لعبة خيال الظل، هو عمل للأطفال، ولذلك جاء تبسيطياً لأبعد الحدود، يعلمهم أن عليهم الاقتصاد في استعمال مصابيح الكهرباء، وأن عليهم أن يسمعوا كلمة أمهاتهم وآبائهم، وأن يذهبوا إلى النوم باكراً. كل ذلك في إطار تفاعلي يتوجه بالخطاب مباشرة للأطفال، يسألهم ويصر على سماع أجوبتهم. المخايل الذي أدار اللعبة، شادي رشيد الحلاق، ورث المهنة التراثية عن أبيه حكواتي مقهى النوفرة الشهير خلف الجامع الأموي في دمشق. ويقدمه دليل العرض على أنه “بدأ دراسة مسرح خيال الظل العام 1993 أثناء جمعه لقصص الظاهر بيبرس، وعنترة وعبلة، لأغراض استخدمها حكواتي الشام.. وبدأ بفك رموز الكتب للوصول إلى طبيعة وسيكولوجية فنون أداء شخصيتي كركوز وعيواظ”. كذلك، فإن الحلاق الشاب “عمل في تصنيع الجلود الخاصة بتشكيل دمى خيال الظل لمدة أربع سنوات”. ونال جائزة المرتبة الأولى في التحريك والأداء والتصنيع والترميم في مؤتمر خيال الظل الذي أقيم العام 2008 في تركيا. لكن زميله المخايل والممثل زكي كورديللو رأى أن في عمل زميله الحلاق “استعراض، وطريقة سياحية، لا تهتم بالمهنة بشكل عميق”. وأضاف كورديللو “حتى الدمى التي يستعملها تباع في أسواق اسطنبول، فهي دمى تركية وليست سورية”. وحول ضرورة هكذا نوع من الفن اليوم قال كورديللو “هو جزء من أصالتنا وموروثنا الشعبي، وهو قادر على أن يكون له حضوره، ولكن لابد من مؤسسة تحضنه وتشجعه، بحيث يتم تسهيل الحصول على معلومات ووثائق تخص هذا الفن التراثي”. وقال كورديللو، وهو مدير مسرح العرائس التابع لوزارة الثقافة إنه “طالب بتخصيص مسرح صغير لخيال الظل، تقام فيه ورشات عمل وتدريبات وعروض كلاسيكية ومعاصرة وتجريبية”. لكنه أكد “أن أحداً لم يستمع إلى ذلك”. وأشار إلى أن “كاتباً معاصراً مثل عزيز نيسين كتب خصيصا لهذا النوع الفني”، وأضاف “سبق أن قدمت عمل عزيز نيسين “القبطان كراكوز”.. وأحضر الآن لعمل من تأليف نيسين اسمه “خصيصاً للحمير” بعداً حولناه إلى خيال ظل”. واعتبر كورديللو أن “هذا الفن مازال معاصراً وقادراً على أن يطرح المشاكل الكبيرة بطريقة جميلة، حيث يمكن للدمى البسيطة أن تحمل أشياء وقضايا كبيرة”. لكن امرأة من بين الحضور قالت “بالنسبة لي، لم يستطع هذا العرض أن يكون ممتعا أو مفيدا، كان مخيبا جدا”، وأضافت “لكن ما يهمني في الأمر أن يتعرف أولادي على فن هو قيد الانقراض، ولن تكون له حاجة في المستقبل”. أ ف ب | دمشق