تشكل ظاهرة تسريب الأعمال الغنائية هاجساً لدى كثير من الفنانين، وبصورة غير طبيعية في الأشهر القليلة الماضية. وقد يكون تأخر صدور ألبومات الفنانين سبباً في ذلك، حيث تشير بعض المصادر المقربة من شركات الإنتاج أن أضلاع الأغنية الثلاثة ليسوا في منأى عن هذه التسريبات، لحرصهم الشديد على التواصل مع جمهورهم، بعد تأخر الشركات المنتجة في إصدار ألبوماتهم، ولذلك يلجأ بعض الفنانين إلى طرح بعض الأعمال على شكل «سنقل». وفي مواجهة تسريب الأغاني قبل طرحها في الأسواق رسمياً، تصدر من حين لآخر بيانات من مكاتب هؤلاء الفنانين بمقاضاة وملاحقة المتسبب في ذلك، كما حدث مع الفنان ماجد المهندس الأسبوع الماضي، بعد تسريب أغنية «حلاها»، من كلمات الشاعر عبدالله أبو راس، وألحان ناصر الصالح. ولم تستطع شركات الإنتاج السيطرة على القرصنة، ولا سيما الكبرى منها، مثل شركة روتانا للصوتيات، وشركة بلاتينيوم ريكورد، حيث شهدت الأشهر الماضية تسريب ألبومات عدد من الفنانين قبل صدورها، ومن بينهم الفنان نبيل شعيل، وكذلك ألبوم شاديات، الذي تسرب بالكامل قبل طرحه في الأسواق، والأمر نفسه حدث مع ألبوم الفنان جابر الكاسر، ما أسهم في حدوث خسائر كبيرة للشركات المنتجة لألبومات الفنانين، ليبدأ بعدها تبادل الاتهامات بين الفنانين وشركات الإنتاج، حيث حمَّل كل منهما الآخر أسباب ذلك. وكان رئيس شركة روتانا للصوتيات سالم الهندي قال في وقت سابق إن الشركة غير مسؤولة عن عملية تسريب الأغاني عبر المواقع الإلكترونية، مؤكداً أنه من غير المعقول، ولا المنطق، أن تنفق الشركة على ألبومات الفنانين مبالغ باهظة ثم تسربها لتتكبد الخسائر قبل توزيع الألبومات، مبيناً أن البحث جار لكشف مصدر التسريب الذي لا يخلو من جهتين، إما من أشخاص مقربين من الشركة، أو من الفنان نفسه. وطالب الهندي بوضع حد لهذا الموضوع الشائك، ومنع المواقع الغنائية على الشبكة العنكبوتية من القرصنة وبث أعمال الشركات دون وجه حق، مشيراً إلى أنهم في صدد اتخاذ إجراءات سريعة تنهي هذه الجدلية القائمة. وفي السياق ذاته، علق عدد من المراقبين للشأن الغنائي أن الأمر واضح للعيان، ولا يحتاج إلى أي تأويلات، حيث أكدوا أن أمر التسريب صادر من بعض العاملين في شركة الإنتاج، والناتج عن مصالح شخصية من قبل العاملين في مصانع نسخ ال»سي دي»، أو الاستديوهات التي سجل فيها الفنانون أعمالهم». من جهة أخرى، طالب عدد من العاملين في بيع التسجيلات الغنائية «الاستريوهات» وزارة الثقافة والإعلام، وهيئة الاتصالات، وتقنية المعلومات، بالتدخل، وحمايتهم من المواقع الإلكترونية الغنائية التي أضرت بهم، وبصناعة الكاسيت بشكل عام. «الشرق» تحدثت مع بعض العاملين في الاستريوهات، فقال عبدالله أحمد (بائع كاسيت) «عندما ينزل ألبوم أحد الفنانين المعروفين إلى الأسواق نستبشر خيراً، إلا أننا نفاجأ بانخفاض المبيعات، والسبب في ذلك تحميل الألبوم بالمجان عن طريق المواقع الغنائية على الإنترنت». وأضاف «نتمنى من وزارة الثقافة والإعلام حمايتنا، من خلال حجب تلك المواقع التي تقدم الأغاني بالمجان». من جهة أخرى قال أبو ناصر (بائع كاسيت في الشميسي) «إن كثيرا من المحلات التي يعرفها أغلقت أبوابها بسبب عدم وجود ربحية، أو مبيعات. كنا في الماضي نربح بشكل كبير، وبدأ الانخفاض منذ بداية ظهور الفضائيات المتخصصة بالأغاني، وظهور الإذاعات المختلفة. سوق الكاسيت في السعودية ضخمة، وجميع الفنانين السعوديين لهم حضور قوي في الوسط الفني، إلا أن هذه المحال لا تستطيع توفير مصاريفها، من إيجار، وعمال، وكهرباء، وفواتير هاتف، وغيرها». وتذمر هزاع علي (عامل في محل بيع كاسيت منذ 15 سنة) من الوضع الحالي في سوق الأغنية، ووصف المحال جميعاً بأنها تحتضر، وقال هزاع «لم يقتصر الأمر على ألبومات الفنانين، حتى الجلسات أصبحت موجودة في النت، وحفلات (الطقاقات) كنا نأخذها حصرياً من أجل تسويقها، ففوجئنا أن هناك مواقع أصبحت تسابقنا، وتوزعها بالمجان». وتوقع هزاع بعينين يملأهما الأسى أن يأتي اليوم الذي يسوّق فيه بائع الكاسيت بضاعته على الأرصفة؛ هروباً من المصاريف. محلات الكاسيت تشهد خسائر فادحة بسبب القرصنة