كل يوم قبل أن أنام أفكر. – لماذا أفشل في الحصول على العلامة الكاملة في مادة التعبير مثل صديقتي حنان؟! سألت بابا ذات مرة، فقال لي: – التعبير موهبة يمنحنا الله إياها ولا نستطيع أن نكتسبها. – لكنني أكتب مثلها. كتاباتي لا تختلف عن كتاباتها، علاماتها دائماً أفضل من علاماتي. – وما الذي يميز كتاباتها عن كتاباتك؟! – هي دوماً تستخدم خيالاتها. تكتب موضوعات لا يمكن أن تحدث في الواقع. – وأنتِ؟! – أنا لا أحب الخيال، أحب الأشياء الواقعية. – لكن الخيال يا ابنتي هو المادة الأساسية في التعبير. حاولت كثيراً أن أكتب موضوعاً خيالياً، فلم أنجح. عندما أقرأه، أجده مضحكاً. وذات ليلة وقبل أن تنعس عيناي، أحسست بأن جسماً شفافاً يخترق زجاج النافذة. حاولت أن أنهض لكن الصوت قال لي: – لا تخافي. أنا صديقتكِ. – صديقتي؟! – أجل أنا اسمي «الموهبة» وأريد أن أتحدث معكِ. تمددتْ على سريري وأخذتْ تمسح على شعري بيديها الناعمتين. كانت جميلة جداً ووجهها يشعُّ بالنور. قالت لي: – إنك لا تحبين الخيال. أليس كذلك؟! – أجل. أنا دائماً أرى البيت بيتاً والشارع شارعاً والمصابيح مصابيحَ. شدّت يدي وقالت لي: – تعالي معي. – إلى أين!! – لا تخافي. تعالي. نهضْتُ من السرير وتبعتُها. اخترق جسدُها زجاج النافذة ثم اخترق جسدي أيضاً الزجاج. كان جسدي يطير فوق أرضٍ مغطاة بأزهار مضيئة، والأشجار لها أيادٍ تلوح لنا بفرح وتناديني باسمي. – أين نحن يا موهبة؟! – إننا في حديقة منزلكم. التفتُّ إلى الوراء، فرأيت قصراً على غيمة تحرسه جيادٌ لها رؤوس فتيات جميلات. دخلنا القصر، فإذا بلاطه من زجاج والنهر يجري تحته. وفي بهو القصر كانت امرأة على كرسي ذهبي وإلى جانبها رجل. كانا يرتديان ملابس ملكية موشّحة بالذهب. سألت المرأة: – من أنتِ؟! أجابت: – أنا أمك. وهذا أبوك، وأنتِ ابنتنا. أترين هذا الكوكب؟! طالعتُ في السماء، فإذا بكوكب فيروزي يلمع بألوان كثيرة وجميلة. – أجل إنني أراه. – لقد كنا ملوك هذا الكوكب. – ولماذا تركتماه؟! – لأنك لم تكوني تحبين العيش فيه. هربتِ، فلحقناكِ إلى هنا. – ألا يعجبكما هذا المكان. – إننا محبوسان في هذا القصر. ولو توافقين نعود إلى مملكتنا. لم أجد ما أقوله، فهمَسَتْ موهبة في أذني. – تلك المملكة أجمل بقعة يمكن أن تتخيلينها. صرختُ بها. – ولكنني لا أعرف كيف أتخيّل. – من قال ذلك؟! أنت الآن تتخيلين. فتحتُ عينيَّ، فطار النعاس. قمتُ إلى طاولتي، تناولت الورقة وكتبت كل ما حدث في دفتر التعبير. وفي الغد أعطتني المعلمة العلامة الكاملة.