تطرح تصريحات نائب الرئيس الإيراني، محمد رضا رحيمي، حول الوحدة بين بلاده والعراق، مرةً أثناء وجود رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في إيران وأخرى بعد أيام قليلة من عودته حين وصف البلدين بالتفاحة المقسومة نصفين، الكثير من التساؤلات، فهناك من رحب بالدعوة ومن تحفظ ومن فضل الصمت. وبالاطلاع على موقع نوري المالكي على الإنترنت، يمكن ملاحظة أنه يقدم تغطية فسيحة لزيارته الأخيرة إلى إيران باستثناء اجتماعه مع عضو مجلس صيانة الدستور الإيراني من أصل عراقي، محمد شهرودي، والأخير له دورٌ محلي صارم بالحكومة الإيرانية فيما يخص أمور السلطة الداخلية. ويثير الحديث عن انتقال شهرودي إلى حوزة النجف الأشرف إذا تُوفّي المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني احتمالات نقل نموذج الحكم الإيراني إلى حوزة النجف التي لا تعترف بنظام «ولاية الفقيه»، وهو ما يُعد من وجهة نظر البعض سببا للدعم الإيراني المتصاعد للمالكي ولمجموعة الأحزاب الموالية له في التحالف الوطني ذي الأكثرية البرلمانية. وبصورةٍ حتمية، فإن الاجتماع بين المالكي وشهرودي يزيد التأملات في الصلات بين حزب المالكي (الدعوة) وهذا الرجل الإيراني، وتاريخيا – وبخلاف بقية الأحزاب الشيعية الإسلامية العراقية- فإن حزب الدعوة كان مترددا في فرض نصرته لرجل دين شيعي كبير بعينه على أعضائه تاركا الخيار لهم. ومع ذلك، ومنذ خريف 2011 فإن الشائعات حول مضي حزب الدعوة في تبني شهرودي باعتباره المرجع الجماعي تعاظمت، وفي الحقيقة، وعبر الوقت، ارتبط ذلك بمحاولات ثابتة من شهرودي لإقامة وجود له في المدينة العراقية المقدسة «النجف» مع السعي للتنافس على صراع الوريث المتوقع حينما يموت المرجع الأعلى الحالي علي السيستاني. ويرى رايدر فيشر، الخبير النرويجي المتخصص في الشؤون العراقية في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، أن أي تحرك من هذا القبيل سيشكل أهمية كبرى بالنسبة للسياسات العراقية. وخلافا للسيستاني ومرجعية النجف، ينتمي شهرودي إلى مرجعية الثورة الإيرانية وهو المدافع والمؤيد لدور رئيسي لرجال الدين في الحكومة، وإذا نجح في التقدم إلى الأمام في النجف بمساعدة حزب الدعوة فإن ذلك سيحول صورة المدينة تماما، وهو ما قد يغير السياسات العراقية بصورة أكثر اتساعا، كما سيجعل هؤلاء الذين يجادلون بأن المالكي يمضي باتجاه التنسيق الكبير مع رجل الدين الإيراني يشعرون بأنهم على حق. وفي ضوء ما تقدم، يوحي الوضع بتحول العراق تلقائيا إلى التبعية ليس لنفوذ إيراني فقط بل إلى التزام مذهبي وفقا لتطبيقات ولاية الفقيه على الأحزاب السياسية، وهو الأمر الذي أغفله الجانب الأمريكي في التعامل مع الأحزاب الشيعية العراقية عمدا من أجل صياغة ليبرالية إسلامية وتصديرها كنموذج عراقي بديل للإسلام السياسي في المنطقة. «دولة القانون» يرحب بالاتحاد بدوره، رحب النائب عن ائتلاف دولة القانون، إبراهيم الركابي، بتصريحات النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي حول اتحاد العراق وإيران، مشيراً إلى أن العلاقات الثنائية بين الدول المتجاورة مشروع ناجح يخدم مصالح الطرفين. وقال إن هناك تعاوناً واتحاداً في مجالات عديدة لتطوير العلاقات بين البلدين مثل المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية، واعتبر أن الاتحاد مطلوب إذا كانت هناك تهديدات من دول إقليمية أخرى مثل تركيا. وأوضح الركابي أن هذا الاتحاد يلقي الضوء على ضرورة وجود توازن مع دول الجوار، لذلك يجب أن تكون العلاقة بين العراق وإيران متينة وفريدة، مبنية على الاحترام المتبادل، وعلى أساس عدم التدخل في الشأن الداخلي. من جانبه، اعتبر النائب عن ائتلاف دولة القانون، حسين الأسدي، أن دعوة نائب الرئيس الإيراني الأخيرة لاتحاد تام بين العراق وإيران هدفها توحيد المواقف بين البلدين على المستويين السياسي والأمني بما يخدم مصالحهما. وفي موقفٍ لافت، قال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إن العراق وإيران روحان في جسد واحد دون أن يعني ذلك الانصهار، ففي رد على سؤال من أحد أتباعه حول موقفه من دعوة نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي للاتحاد بين بلاده والعراق قال الصدر «إنهما روحان في جسد واحد شأنهما شأن كل الدول الإسلامية والعربية الشقيقة». وأضاف الصدر «هذا لا يعني الانصهار والتميع فدولة العراق مستقلة دائماً وأبداً ولا يجوز التدخل في شؤونها وقراراتها». وفي سياقٍ متصل، أكدت الكتلة البيضاء أن العراقيين يدركون جيداً أن مبدأ الشراكة بين العراق وإيران حاجة ملحة في المستقبل، وقال الأمين العام للكتلة جمال البطيخ، بحسب بيان صحفي حصلت «الشرق» على نسخة منه، إن مبدأ الشراكة مع إيران لا ضير فيه شرط أن يكون ضمن التوازن والتكافؤ بين البلدين، مشيرا إلى أن «العراق يتطلع إلى علاقات جيدة مع جميع دول العالم وهو لا يعمل وفق السياسة المحورية مع دولة معينة ضد دول أخرى، بل يعمل وفق ماتمليه عليه مصلحة شعبه». مواقف رافضة في المقابل، تصاعدت حدة المواقف لجبهة الرفض العربية للتصريحات الإيرانية، حيث أدانت الأمانة العامة للتجمع الجمهوري العراقي التصريحات التي أدلى بها «رحيمي»، وذكرت في بيان صحفي «هذه التصريحات غير المسؤولة تؤكد الأطماع الإيرانية في الهيمنة على العراق والتجاوز على سيادته». وفي ذات السياق، انتقد القيادي في القائمة العراقية ظافر العاني تصريحات الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر خلال زيارته إلى طهران التي أشاد فيها بما وصفه بالدور الإيراني في استقرار المنطقة. وقال في تصريح صحفي «إن تصريحات كوبلر تعد استفزازاً لمشاعر العراقيين الذين يكتوون يومياً بنيران التدخل الإيراني المباشر في الملف الأمني، كما أن هذه التصريحات تأييد للجلاد ضد الضحية، وهي أيضاً تدخل في تفاصيل الشؤون السياسية الداخلية للعراق». واستغرب العاني أن تجري محادثات حول شأن داخلي عراقي يتعلق بمجاهدي خلق وبمعسكر أشرف وليبرتي مع الحكومة الإيرانية، إذ إن هذا الموضوع هو شأن داخلي عراقي ويجري تفاهم بخصوصه مع الحكومة العراقية. ورأى أن إدخال إيران كطرف في هذا الموضوع كأنه يعني أن مارتن كوبلر يقدم المصلحة الوطنية العراقية هدية مجانية لحكومة طهران، على حد قوله. وتابع «أتمنى على القوى السياسية العراقية الوقوف بوجه حازم تجاه مثل هذه التدخلات غير المشروعة، إذ إن تصرفات كوبلر المنحازة لحكومة طهران كانت سببا وراء الاستعجال في عملية نقل مجاهدي خلق من معسكر أشرف إلى ليبرتي رغم عدم جاهزية الأخير»، وذهب إلى أن هناك انحيازا واضحا من قِبَل الأممالمتحدة لصالح طهران ضد المقاومة الوطنية الإيرانية. وحث العاني كوبلر على «أن يكون حياديا وأن يتجنب تدخل حكومة طهران في مثل هذه القضايا، وأن يقوم بواجبه الأممي بكل نزاهة. كما انتقد النائب عن القائمة العراقية حمزة الكرطاني تصريحات المسؤولين الإيرانيين حول اتحاد العراق أمنيا مع إيران، وقال الكرطاني «إن العراقية ترفض التصريحات التي يطلقها المسؤولون الإيرانيون حول ضرورة إدماج العراق وإيران على الصعيد الأمني، لأن ذلك يمثل انتهاكا لسيادة العراق وجعله تابعا لإيران». وطالب الكرطاني بموقف رسمي يرفض هذه التصريحات، مشددا على «أن العراق كان ولا يزال وسيبقى جزءا من الأمة العربية، وسيبقى القلب النابض لها».