إنّ موضوع خروج المرأة للعمل ومساهمتها في تطوير وتعمير بلادها، أمر أصبح ضروريا وملحا، وهذا أمر لا يختلف عليه أحد. فدور المرأة في بناء المجتمع ومساهمتها في خلق جيل واعٍ ومثقفٍ، ضروري، ولكن هناك مسؤوليات وواجبات أخرى أكثر أهمية وإلحاحاً، وهي الحفاظ على أسرتها وبيتها، وتوفير الجو المناسب لأفراده، ووجودها بينهم، واهتمامها بكل ما يخصهم. وكثيرون يعتبرون أنّ عمل المرأة، وخروجها من المنزل، أحد أهم أسباب التفكك الأسري، خاصةً في وقتنا الحالي. حيث أصبحت ساعات العمل طويلة، وطبيعة الأعمال أصبحت شاقة ومُتعبة، كما أنّ بعض الموظفات العاملات يعدن من عملهن بعد عودة رب الأسرة. الإسلام لم يُحرم خروج المرأة للعمل، ولكنه حثّ على ضرورة وجودها وقرارها في بيتها كما جاء في قوله تعالى: «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ» صدق الله العظيم. وخاصة، المرأة التي ليس لها حاجة في العمل وكسب المال، ولديها ما يكفيها ويغنيها عن ترك بيتها وأولادها وزوجها! فإسلامنا، صرح بجواز خروج المرأة للعمل، ولكن بشروط وضوابط، فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قد أذن أن تخرجن في حاجتكن. رواه أحمد. وبلا شك، فإن هذه الدعوة، والحث بالاستقرار في البيوت، دليل على حرص الإسلام على أمن وسلامة البيوت واستقرارها. ولما للمرأة من دور أساسي وضروري في تماسك وبقاء الأسرة، فهي «السكن» و»الأمان» و»الحب» و»الحنان»، وهي الركيزة الأساسية الثانية لتماسك الأسرة وضمان استمرارها. فبخروجها عن بيتها، وانشغالها بأعمال أخرى، قد تفقد جزءًا من أهليتها في ذلك، خاصةً أنها مخلوق وكائن، حساس ورقيق وعاطفي جداً. وخروجها للعمل، وخاصة الأعمال المجُهدة، والتي تحتاج لمجهود مضاعف، ولها تأثيرات كبيرة على نفسيتها، وصحتها، فتعود لبيتها وهي مُنهكة، مُتعبة، وليس لها المقدرة على التواصل والتفاعل مع أفراد أسرتها والقيام بواجباتها الأسرية المطلوبة، على أكمل وجه. وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان. فالشخص منّا، له قدرات وطاقة محدودة، ومتى ما زاد استهلاكه لهذه القُدرات والطاقات، فإن سلوكياته وتصرفاته تتأثر كثيراً، ويصبح غير قادر على التكيف، وأداء واجباته الأخرى بإتقان! فكيف بالمرأة ؟! هذا الكائن، الرقيق والمحدود الطاقة والمقدرة! إن تطرقيّ لهذا الموضوع اليوم، هو لطرح قضية أصبحت مُلحة وضرورة لمناقشتها ودراستها، لما لها من تأثير قوي على الأسرة أولاً، ومن ثم على المجتمع! فاضطراب وتشتت الأسر وتفككها، له من السلبيات والأضرار الجسيمة على الأفراد بصفة خاصة، والمجتمع بصفة عامة.