من القضايا التي تثار باستمرار في وسائل الإعلام المختلفة قضية عمل المرأة، و يلاحظ المتابع قوة تجاذب أطراف النزاع في هذه القضية بين مؤيد ومعارض ومبيح بضوابط معينة، وفي ظني أن الكلام في هذه المسألة لا يقف عند حدّ الحكم الشرعي فحسب؛ بل هناك آثار وأبعاد كثيرة لهذا الموضوع كونه يتعلق بالمرأة التي تمثل نصف المجتمع بل ربما أكثر، ولأن المرأة شقيقة الرجل لها من المهام والوظائف التي تختص بها دون الرجل ما يجعلنا نعيد النظر مرات ومرات في عملها خارج المنزل إضافة إلى عملها داخل مملكتها الخاصة وأسرتها الصغيرة، كما أن سيكلوجية المرأة وطبيعتها تلعب دوراً مؤثراً عليها في حال قبلت أو اضطرت إلى العمل خارج المنزل، ومن خلال متابعتي لهذا الموضوع عبر مقالات وتحقيقات كثيرة لاحظت أن المؤيدين أو الداعين إلى عمل المرأة بدون قيد أو شرط، يبررون دعواهم بأن بقاء المرأة في بيتها تعطيل لنصف المجتمع وكأنهم يتصورون أن المجتمعات التي تخرج فيها المرأة للعمل إنما تقدمت لأن المرأة خرجت مساندة للرجل ومشاركة له في أعمال ووظائف مؤسسات المجتمع وقطاعاته المختلفة . الأمر الذي غفل عنه المؤيدون إطلاقاً لعمل المرأة أن ثمة آثار اجتماعية ونفسية وأسرية تترتب على خروج المرأة للعمل وهو ما كشفت عنه دراسة حديثة نشرتها صحيفة الوطن في العدد (3387) قام بها معهد كنوفيمب بمدينة بولونيا الإيطالية، أبانت أن النساء اللواتي يخرجن للعمل يفقدن بشكل تدريجي أحاسيسهن وأنوثتهن، مؤكدة أن عالم العمل والمكاتب يبقى لغة جافة قد تؤثر على المرأة بشكل سلبي. وقالت الدراسة التي نشرت في تقرير مفصل وشملت نسبة كبيرة من النساء العاملات بإيطاليا إن بقاء المرأة لوقت أطول خارج بيتها، والتعامل الجاف الذي تلاقيه أثناء مزاولتها لعملها يجعلها أكثر برودة وغير قادرة على التعبير عن أحاسيسها المرهفة كزوجة وأم وامرأة لها دور تربوي داخل المجتمع، مشيرة إلى أن نسبة منهن فقدن بعضاً من طبيعتهن الأنثوية وأصبحن يتصرفن كالرجال. وأوضحت الدراسة أن تمكين المرأة من المسؤولية جعلها أكثر صرامة، وأبعدها بالتالي عن دورها الطبيعي داخل الأسرة والمجتمع، موضحة أن العلاقة بينهما أصبحت ميكانيكية ومتوترة وتتحكم فيها شروط اقتصادية أكثر منها إنسانية. وأشارت الدراسة إلى أن تأثر المرأة بسوق العمل يؤثر بشكل مباشر في تربية الأبناء، وفي الأسرة بصفة عامة التي تصبح العلاقات فيها أكثر برودة. لعل هذه الدراسة لم تأتِ بجديد فالآية القرآنية التي تحث على قرار المرأة في بيتها سبقتها بالآف السنين (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) وبعد أليست هذه الدراسات وأمثالها والواقع المعاش مع عمل المرأة يدعونا إلى الاتكاء عليها والتأمل فيها وإعمالها في قضية عمل المرأة؟. صلاح عبدالشكور – مكة المكرمة