طرحتُ سؤالاً في مقالتي السابقة: إذا حرام على المرأة قيادة السيارة، وحرام الركوب مع سائق حتّى لو معها صغيرها، فما الحل؟ علّق البعض (وَقَرْن في بيوتكنّ)!! للأسف هذه الآية تتردد كثيرًا كلّما نُوقش موضوع عن المرأة. وبهذا المفهوم السقيم والاستشهاد الخاطئ، نعود للمربع الأول! لزمن اعتقدنا أنه ولّى لكن يبدو ما زال حيًّا! فبموجبه تخرج المرأة في حياتها مرّتين، مرة لبيت زوجها، ومرة عند وفاتها! إذًا المرأة لا تدرس ولا تعمل، وإنّما تُسجن وتُوأد في تراب سد الذرائع! هذا التيار يضيّق الإسلام، وأدلّته يسوقها وفق الهوى، أو يبتر الآيات على طريقة لا تقربوا الصلاة! الإمام ابن كثير فسّر (وَقَرْن في بيوتكنّ) إلزمن فلا تخرجن لغير حاجة. قال صلى الله عليه وسلم لعائشة: قد أَذِنَ أن تخرجن في حاجتكن. وزفّت رضي الله عنها امرأة لرجل من الأنصار، فقال صلى الله عليه وسلم يا عائشة: ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو. ومن ثمّ الإسلام يسمح بخروج المرأة لحاجاتها حتّى الاجتماعية، ويدعو للترفيه. أمّا شرط الخروج ففي كمالة الآية (ولا تبرجن تبرّج الجاهلية الأولى). باسم الدِّين و"قرن في بيوتكن" سداً للذرائع، رفضوا تعليم المرأة، فلا تختلط، وتُفتن في الشارع! وقف الملك فيصل ضد هذا الفكر، وفتح مدارس للبنات، فصمتوا على مضض. وقبل سنوات فاجأهم قول الأمير سعود الفيصل لمجلة ألمانية إنه يؤيد حق المرأة في قيادة السيارة. نفس الضجيج حصل عند تعيين نائبة لوزير التربية والتعليم. صرخوا (لن يُفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة)! وكيف تتواصل مع الرجال؟! والله كأنهم في جزر الواق واق، لم يسمعوا بدوائر تلفزيونية، ولا وسائل اتصال! الآن قرار الدولة بزيادة فرص عمل المرأة. قال عميد المعهد العالي لهيئة الأمر بالمعروف التوسع في عمل المرأة غير صحيح، وهذا ليس شأن وزارة العمل! نراجع التاريخ! سيدنا عمر ولّى «الشفاء» الحسبة (كالبلدية) على الأسواق. قبله اُشتهرت بتعليم النساء القراءة! ورافقت الرسول صلى الله عليه وسلم في غزواته كطبيبة فلُقبت بالشفاء! وأم عمارة شاركت في الغزوات، ودافعت يوم أُحد عن الرسول. الحكاية قديمة جديدة كما ترون! تكرر نفس السيناريو في التلفزيون والفضائيات، والإنترنت والجوالات، لكنهم لا يعتبرون! بل وجدناهم في برامج الفضائيات يتسابقون! ولا أدري أين يختفي سد الذرائع أحيانًا! وكيف أجازوا التواصل الإلكتروني مع الكاتبات علهم يهتدون! حُسم العمل، وبقيت قيادة المرأة للسيارة فانتظرون!