هناك مصطلحات نستخدمها بكثرة وتحكم علاقاتنا مع الدوائر الحكومية والخاصة وتتكرر لدرجة أننا نعتبرها مجرد كلمة مسلمة فقدت معناها بكثرة الاستعمال وأصبحت تطلق فقط لتمييز شخص أو مجموعة عن غيرهم، مع أنها تحمل في داخلها فلسفة التعامل نفسه والأسلوب الذي يحكم هذه العلاقة مع الدوائر الحكومية، من ذلك كلمة مراجع التي تطلق على الشخص الذي يراجع الدوائر الحكومية لإنجاز أعماله أو إنهاء أوراقه أو الحصول على حقوقه لأن صيغة راجع في اللغة مثل صيغة جادل تعني اشتراك اثنين في العمل بصورة مشتركة، أي أن المراجع والإدارة الممثلة في الموظفين يجعلون المعاملة بينهما مثل كرة التنس بين اللاعبين ولذلك تطول المعاملة ولا تنجز، ومن هذا المنطلق خرجت العبارة الشهيرة «راجعنا بكره»، وفي الفترة الأخيرة بدأت بعض الجهات بتطوير أسلوبها الإداري رغبة في تحسين خدماتها للجمهور، فاستبدلت كلمة مراجع بمستفيد، والمسألة ليست في استبدال كلمة بكلمة لكن تحمل خلفها رغبة في أن المراجع الذي يتكبد العناء في مراجعاته أصبح مستفيدا والجهة الحكومية هي التي تفيده، وفي ضوء ذلك يتحسن الأداء وتتطور الخدمة، لكن الذي يحدث أن هذا التحول يحدث نظريا فقط عبر تعميم أو تصريح من هرم الإدارة وليس عمليا لأنه لا ينطلق من قناعة أصغر موظف بالإدارة ولا يسبقه تطوير في الإجراءات أو تعديل في الأنظمة، فتغير المسمى ولم تتغير العقلية إلا في بعض الإدارات، حتى بعض الأنظمة الجديدة في الحكومة الإلكترونية تتم بتغيير الوسيلة فقط والعقلية التي تحكمها مازالت ورقية روتينية، مع أن تغيير كلمة مراجع بمستفيد لاتعد هي المحطة النهائية، لأن كلمة مستفيد تعني أن الشخص يأتي لطلب الفائدة والجهة هي التي تقدم له الفائدة وفي هذا نوع من الاستعلاء والفوقية والمنة، والطموح الإداري لدينا أن نصل إلى مرحلة يتحول المراجع فيها من مستفيد إلى صاحب حق، وتكون مهمة موظف الإدارة تسهيل الأمور للمواطن للحصول على حقه.