يبدو أن تنظيم القاعدة في اليمن استعان بأحد أعضاء المنظمات الفلسطينية النشطة في السبعينيات؛ إذ تُظهر قائمة الطلبات من أجل إطلاق سراح الخالدي مشهداً فانتازياً تحتشد فيه الصورة المغيبة مع الجهل بالشأن السياسي مع ملامح صارخة للعزلة المطلقة. بدا الشدوخي في المكالمة مرتبكاً وغير قادر على تحديد أفكاره، كأنه طفل مشاغب يحاول أن يتجرأ على أبيه بينما يسكنه الخوف، ومما زاد ارتباكه أن السفير علي الحمدان في الحوار أدرك ذلك فتعامل معه وفقاً لذلك، وكأنه يشرّح حالة تنظيم القاعدة ويستكنهها من الداخل. مؤدياً إلى أنها تجمع بائس لمجموعة مشردة منغلقة على كيانها ومنقطعة عن كل شأن لا تملك إلا قدرة القتل والاختطاف والتخريب، وهو ذراع فقد تأثيره وأهميته، ولولا الأوضاع القلقة في اليمن، إضافة إلى الحضن الإيراني لما بقي للقاعدة وجود. صحيح أن الوضع اليمني يوفر مخبأ مثالياً لفلول القاعدة، إلا أنه عملياً سيتحول إلى مصيدة فعالة بعد أن تقاطرت العناصر الهاربة من كل مكان إلى هذا البلد، فيصبح بالإمكان السيطرة عليها ومحاصرتها، وهو أمر قد يحدث إن قامت السعودية بالتنسيق مع الحكومة اليمنية بمحاصرتهم وتضييق الخناق عليهم وملاحقتهم إلى أن يكتمل التطهير.اختطاف الخالدي أمر يسير في بلد مضطرب من الممكن أن تقوم به عصابة تسعى إلى الفدية أو أي سبب آخر، لكن المطالبات محاولة إعلان يائسة لتأكيد الوجود، بينما هو إعلان وفاة وبداية النهاية لما تبقى من عناصر. لا يدرك الوحيشي ومن تبقى معه أن التحرش بالسعودية يعني استفزازاً لا يستطيع مواجهته، ومسلكاً يختصر باقي أيامه، لأن اختطاف أي مواطن سعودي هو تعدٍّ يستوجب عقاباً شديداً وصاعقاً. الأمل أن يعود الخالدي سالماً، لكن القاعدة لن تسلم.