إهتزّ (الباب) لوقع أصابع غليظة تطلب الإذن بالدخول، حتى تطايرت من ضلْفَتيه قُشور الطلاء الأصفر التي عبثت بها أظافر الشمس القاسية. قبل أن يسترد الباب أنفاسه من (الخضّة)، صفّق «أيمن» على طريقة (إحم إحم يا ساتر» في مسلسلات الصعيد بيدينِ طالما دسّت فيهما «سلمى» كفّيها (حبئذٍ)، فأسرعت لتدخل بين ضلفتي «طرحتها» ودارت حول نفسها بمهارة كانت كافية بأن تلتف قطعة القماش الهائلة حولها وتحكم إغلاق مفاتيح جسدها، عدا خصلة شعر تسلّلت كأنها تود أن تعلن بأن هنا (أنثى)، ثمّ تقدمت بسنواتها الأربعين نحو الباب لاستقبال (الصوت) الذي طرق على كبدها المقروح. كل سنة وإنتي طيبة يا سلمى. الله يسلّمك يا أيمن. جلس أيمن قُبالة سلمى التي انشغلت بتغطية ما (فعلته) دجاجة خبيثة بمنتصف المسافة بين الكنبة التي تجلس عليه والكرسي الذي يحتله أيمن. قوّست سلمى أصابع قدميها على مقدمة الصندل الذي تنتعله وراحت تسحب به التراب لتحاصر فعلة الدجاجة الخبيثة الحمراء. ثمانية عشر عاماً مضت منذ غادر أيمن القرية متأبطاً (وعده) بالزواج منها قبل أن يخون (دبلة الحب والخطوبة) ويقترن بأخرى ملأت تجاويف قلبه بشطارة بنات المدينة وقدرتهن على الاحتيال العاطفي. عاد أيمن لقريته لتفقد أهله و(مسقط قلبه) و... عاملة كيف يا سلمى؟! كويسة. إن شاء الله السنة الجاية في بيت عدلك. وقبل أن يكمل أيمن أمنياته المستحيلة، هوت (سلمى) على صندلها وقذفت الدجاجة وهي تقول: امشي من هنا يجيك البلا.. قال الراوي أن سلمى قذفت بحذائها الدجاجة وأيمن وباب الشارع الذي دخل منه والقلب الذي خرج منه و(زولة) المدينة وآخرين..