العديد من الشباب والفتيات يبحثون عن التغيير، ويريدون الخروج من الأفق المسدود ويعزمون على البحث عن طرق جديدة وبدائل فريدة. ولكن المشكلة أن كثيراً منهم يبحثون عن التغيير خارج شخصياتهم, وينتظرون المنقذ, ويدعون الله أن يرزقهم بمن يغير واقعهم، ولكن الحقيقة تقول إن التغيير يبدأ من الداخل, فكل تغيير لا يبدأ من الداخل، هو تغيير زائف وضعيف, والتغيير هو تغيير الحقائق والجواهر وليس المظاهر. أذكر أن شاباً كان مضيعاً لأوقاته وجهوده ومكتسباته، وجاءني يوماً وقال: “أبشرك لقد تغيرت” قلت: “الحمد الله، هل غيرت أصحابك؟” قال: “لا!” قلت: “هل غيرت اهتماماتك؟” قال “لا!” قلت له: “أنت صاحبي الأول لم تتغير! وما زلت في المربع الأول!” يقول خبراء التغيير: التغيير في خمسة أشياء! القناعات والقدوات والعلاقات والمهارات والاهتمامات, فإن لم تتغير في هذه الخمسة أشياء فاعلم أن هناك خللاً في عملية التغيير. من كانت قدواته هابطة وساقطة وسخيفة وفارغة ، فالمرء مع من أحب ! ومن كان أصدقاؤه هم العاطلون والمتذمرون وأهل الشكوى والتأفف وأرباب الفراغ والمقاهي فلا تنتظر منه شيئاً مهماً. ومن كانت قناعاته متعصبة وعنصرية ووضيعة فهو بحاجة للتغيير, ومن كانت هواياته مضرة بالصحة ومشغلة عن الغايات الكبرى فهي لم تعد هوايات! إذن فلنبدأ التغيير بتغيير القناعات, فالأنبياء والعظماء عندما غيروا الناس غيروا قناعاتهم ولم يغيروا واقعهم فحسب, وتغيير القناعات يكون بقراءة الوقائع المنظورة وقراءة الكتب المسطورة, وتغيير القناعات وتبديلها هو عملية نمو وتطور وتعديل وليس عملية واحدة في مرحلة واحدة. اقرأ وقلِّب تجاربك السابقة ودروسك المريرة التي تعلمتها ونجاحاتك الرائعة ولا تنسها, بل فتش في أسبابها وعللها فستجد كنوزاً من الحكم والخبرات, وكذلك ابحث في تجارب الآخرين واقرأ كتبهم ومذكراتهم وسيرهم. استشر الخبير واستنصح الناصح المجرب واجمع المعلومات من عدة مصادر وتجارب ولا تعتمد على مصدر واحد لأن العقول تتفاوت والنظرات تختلف. والمجال الآخر في التغيير هو تغيير القدوات, القدوة هي شخصية حاضرة في العقل الباطن واللاواعي, نتمنى الوصول لمستواها ونقرأ في سيرتها ونبحث دائماً عن الفرص التي تدفعنا للقائها والجلوس معها ولو في .أحلام النوم ولذلك أنت تصمم شخصيتك من خلال فحص قدوتك ثم ننتقل لتغيير العلاقات, فالجلوس مع العقلاء والمهمومين بالقضايا الكبرى والشأن العام هي علامة صحية وجيدة على وجود علاقات عالية وذات بعد عميق في وجودك وتأثيرك, أما العلاقة مع التافهين والحمقى والمغفلين ومشجعي سفاسف الأمور وتبديد الزمان فلا حاجة للجلوس معهم بل أنت بحاجة لقيادتهم وتوجيههم لغايات الوجود العظمى! وأخيراً تغيير الاهتمامات والهوايات, فجميع مهاراتك وهواياتك هي شخصيتك ، المواقع التي تشغلك والأنشطة التي تملأ وقتك هي عمرك وهي حياتك! إذن تغيّر في 3ق و2ه, تغير في قناعاتك وقدواتك وعلاقاتك ومهاراتك وهواياتك!