جاء في حديث بعض الرواة أنّ آدم بعد أن خلقه الله شعر بالوحشة في وحدته، فطلب من ربّه أن يجعل معه مؤنسا، فخلق له حواء وهو نائم، ولمّا استيقظ ووجدها بجانبه، تعجّب وسألها: من أنت؟ قالت: أنا أنثى واسمي حواء، خلقني الله كي أؤنس وحشتك، فتهلّلت أساريره، وبدأ معها مشوار الحياة. ولكن مع الأسف قد يحصر البعض – بضيق أفقه – خلق حواء في مؤانسة آدم فحسب، وينسى أن الله تعالى أراد لها أن تكون أما للبشر، ولو سألنا طفلاً لماذا خلق الله حواء لأجاب: لكي تكون أمي. فقد جئتُ إلى هذه الدنيا مُرغماً، وما ذاك الصراخ الذي تسمعونه منّي في أول لحظةٍ أقابل فيها هذه الدنيا إلّا مصداقاً لما أقول، ثمّ تبدأ تتقاذفني الأيدي فيما بينها، فأضطر إلى ركلها بكلّ ما أوتيت من قوة، ولكن ما إنْ تتلقفني بيداها وتضمني إلى صدرها حتى تتبدلَ حالي، وأتحول من حالة الرفض والمقاومة إلى حالة السكينة والدعة، ومن وحشة الغربة إلى فيض من الأمن والطمأنينة. إنّ أجمل لحظة عشتها تلك التي التقت فيها عيناي بعينيك، وتَخاطَبنا بلغة لن يفكّ رموزها الإنس والجن ولو اجتمعوا، هي لغة أول حروفها الحبّ آخرها الحب وفيما بين أولها وآخرها حبّ. إن تكن الجنة تحت قدميك، فماذا عسى يكون بين يديك؟ إن تغنوا بك شعراً، أوخاطبوك نثراً فلن ينصفوك، وإن جللوكِ بالألقاب فلن يبلغوا حدّ الوصف. فعلتِ كما فعلتْ أمُّ موسى حينما ألقته في اليمّ ب»بسم الله»، وانتابك ما انتابها من الخوف، حتى إذا ما استباحتني الأمواج، تلقفتني عناية الرحمن بسيل من دعائك، وإذا ما أشرقت عليّ شمس رضاك تطهرتُ من ذنوبي، وتبسمت لي الحياة. إذن فليسقط الفهم الضيق، ولتمنحيني رضاك كي أدخل الجنة.