«يا معيريس عين الله تراك».. أهزوجة تلحقها نغمات الطبول وأدخنة البخور، التي تخالطها رائحة التمور تعبق في المكان، مشهد رسمته ليلة ماطرة.. ورجل سبعيني يدلف إلى المكان ويتخذ مكاناً بالقرب من «القاري» ممسكاً بعصاه المكسورة، ثم يحاول النهوض والمشي ليلحق بركب الرجال وهو يردد تلك الأهزوجة، على دروب وأروقة مهرجان تسويق تمور الأحساء المصنعة (ويُا التمر أحلى 2017)، والذي تنظمه أمانة الأحساء، بالتعاون مع «غرفة الأحساء»، وسط إقبال كبير من الزوار وارتفاع نسبة المبيعات التمرية. أبو سعد الرجل الذي خط الزمن قسماته على وجهه، روى لنا قصة الفنون الشعبية في الأحساء وأصالتها، مؤكداً أن الأحساء تختزن عبر تاريخها العريق كنوز من الفنون الشعبية، نتيجة لموقعها الاستراتيجي المهم الرابط بدول الخليج العربي، وكونها مسرحاً لكثير من رواد الفن الخليجي. فهي وباختلاف تنوع بيئتها، من البحر، إلى النخيل، إلى الصحراء وكذلك البادية، أفرزت كماً هائلاً من التراث الشعبي. مشرف الفعاليات والبرامج في المهرجان زياد المقهوي قال إن المهرجان يقدم كوكبة من البرامج المتنوعة والتي اعتمدت في تنفيذها على التفاعلية وربطها بالنخيل والتمور، منها الفلكلور الشعبي، والعروض المسرحية، والمسابقات والجوائز الفورية، إضافة إلى فعاليات مصاحبة ذات قيمة اجتماعية وثقافية، منها معرض عبير الأحساء للفنون التشكيلية، والمسرح النسائي، ومشاركة عديد من أركان الجهات الحكومية ذات العلاقة بتقديم برامج توعوية ومعلوماتية للزوار بما يتعلق بالتمور. طلاب المدارس بدورهم تسابقوا للاستمتاع بفعاليات المهرجان في الفترة الصباحية، حيث سجلت الأيام الخمس الماضية زيارة أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة من مختلف المراحل التعليمية، تعرفوا على من خلالها على تاريخ وتراث وثقافة أهالي الأحساء، وأنواع التمور والصناعات التحويلية، كما اطلعوا الطلاب على مجموعة من الأبحاث العلمية المتخصصة بالتمور، والتجارب التي تثير اهتمامهم خلال القصص التفاعلية. كما زار المهرجان وفد برنامج «عيش السعودية» الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وضم طالبات جامعة الأميرة نورة بالرياض البالغ عددهن 40 رفقة مشرفاتهن، واللاتي تعرفن على مختلف أركان المهرجان وأجنحته، وسجلن إعجابهن بما شاهدن من تنوع كبير في صناعة التمور والحرف اليدوية واللوحات الجمالية في معرض عبير للفنون التشكيلية. أثار الفنان التشكيلي حسين الخضيري دهشة زوار المهرجان بقدرته على رسم لوحة الملك سلمان بدقة تعادل جودة الصور الفوتوغرافية، موظفاً فيها الرسم بالخط العربي. وحظي الرسام بكثير من المعجبين، والتي أخذت عدسات كاميراتهم توثق لتلك اللوحة وهو يعمل عليها.. وقال الخضيري إنه استخدم في لوحته الفنية الرسم بالكلمات، وهو ما يعني بالمصطلح العلمي «فن التكوين بالتركيب» والتي تحتاج إلى دقة عالية وتركيز أثناء عملها، مبيناً أن اللوجة تضمنت قصيدة وطنية تعبّر عن حبه العميق إلى الوطن. وأضاف: ما تشاهدونه في هذه الصورة هو أحد أجمل فنون الخط العربي، وهو فن الرسم بالكلمات، وبذلك تصبح الكلمة هي ريشة الفنان.